جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمبدعوننور شيشكلي: متت وعشت.. فصرتُ شخصية مقاوِمة للرصاص

نور شيشكلي: متت وعشت.. فصرتُ شخصية مقاوِمة للرصاص

دخلت الكاتبة السورية نور شيشكلي معترك الدراما التلفزيونية عن طريق القلم لتخطّ عدة حكايات درامية متنوعة برزت فيها المرأة بشكل واضح، تحدثت عن وجع الناس وآلامهم ومشكلاتهم، كانت صوتهم وقت الحرب، وملاذهم في زمن الحب، ورسمت بيوتاً حقيقية تشبه أُسَرَنا.

هي سورية الجنسية عربية الهوى، قدمت لكل بستان درامي عربي “وردتها المحلية”، فمن سوريا وصلت مصر والخليج ولبنان ثم ولفت مع المحيط الجديد، فتماهت مع أهله وقدمت قصصا بلسانه، لكن دوما برؤية متميزة مناسبة سواء أكانت مع شركاء في الكتابة أم لا، ورغم قلة إطلالاتها ولقاءاتها الإعلامية إلا أنها خصّتنا بحوار مطول عن أرشيفها الفني المستمر منذ أكثر من عشر سنوات، وهذا ما أجابت عنه:

لا تكثرين من الظهور للضوء إعلامياً أو حتى عبر وسائل التواصل، هل تعتبرين أن نصوصك قادرة وحدها على التعبير عنكِ؟

أنا كاتبة، ما أرغب بقوله أكتبه على الورق كي يصل للناس، وعني شخصياً لم أعد أرغب بالظهور لأن صيغة البرامج واللقاءات أو الأسئلة لم تعد مهمة، فقد باتت الأسئلة والحوارات مكررة، ولا تشجّع – للأسف- على الظهور، ولا تضيف قيمة، خصوصاً بالنسبة لنا نحن الكتّاب.

بوستر مسلسل عرابة بيروت

لا أعتقد أن الجمهور مهتم لمعرفة تفاصيل صغيرة شخصية عن حياتي مثلاً أكثر من عملي

تركزين في أعمالك وبشدة على المرأة، مشاكلها، همومها، جمالها، والعديد من الأشياء التي تتعلق بها، هل تجدين أن طرح قضايا النساء مهمش في عالم الدراما التلفزيونية؟

لا يعنيني كثيراً أن أركز على جمال المرأة، بل أركز عليها كشخص، وأعتقد أن المرأة لم تكتَب لها نصوص تنصفها، بل هناك كاتبات نساء “وبدون تعميم” أسأنَ للمرأة كثيرا، وهذا مؤسف كونه صادر عن امرأة، وبالعموم مازالت قضايا النساء تُطرَح بصيغة سيئة للأسف، لذلك أحاول بمكانٍ ما أن أنصف المرأة بطريقتي، لا سيما أنها غير منصَفة لا في الدراما ولا حتى في المجتمع

أرشيف نور شيشكلي بالكتابة بغالبيته قائم على الدراما المشتركة أو الخليجية والمصرية واللبنانية أيضاً إذا ما استثنينا مسلسل صبايا، أين أنتِ اليوم من الدراما السورية؟

سأجيبك بصراحة، قررت أنا وزوجي شريكي وعرّابي الدائم مازن طه أن نعمل على تقديم دراما سورية، وهذه هي السنة الثانية على التوالي التي “يقاتل” فيها مازن لتقديم دراما سورية لكن “ما عم يمشي الحال” والسبب هو أن المنتجين أنفسهم يريدون دراما مشتركة أو خليجية، هوَ مازال صامداً لكني أنا أكثر واقعية منه، وتماهيتُ مع ما يجري.

لكن السؤال اليوم ليس “أين نحن من الدراما السورية” بل “أين الدراما السورية من الأصل؟”، وهل ما يُقَدَّم اليوم هو نفس الدراما السورية التي نحلم بتقديمها؟، ها أنا موجودة والكتّاب السوريون موجودون وكلنا نشتاق لكتابة نصوص بلغة مجتمعنا ولهجتنا، لكن درامانا السورية هي التي فُقدت، ولسنا نحن من تركناها.

رغم أنك لم تبدئي بمجال الكتابة التلفزيونية من خلال مسلسل صبايا لكن يمكننا اعتبار أن هذا العمل كان بوابة شهرتك في عالم الكتابة، هل توافقينني الرأي؟ وكيف وجدتِ الجزء السادس من العمل عند عرضه؟

يمكننا أن نعتبر “صبايا” بوابة انتشار لي وليس شهرة، فالانتشار يختلف عن الشهرة والشهرة تختلف عن القيمة، لكن حتماً كان صبايا في وقت عرضه نوعاً موجوداً ومهماً، فهو “لايت كوميدي”، سهل ممتنع، وهو نوع “عايش” إلى غاية اليوم، وله جمهوره.

أُسأَل عن صبايا دوماً، وسعيدة أنه كان لكثير من النجمات السوريات دور فيه، فقد كنا نعمل عليه في كل مرة بحب وشوق لتقديم حكايات لطيفة قيّمة بعيدة عن التهريج أو الابتذال، وكنا حريصين على فكرة زرع الطموح والأحلام و الأهداف لدى كل شخصية، أما عن الجزء السادس فحقيقةً لم أشاهده، سمعتُ عنه انتقادات، وقد توقعت أن تلعب النوستالجيا دوراً في ذلك، وأن جمهور العمل “سيُقاتل” إذا تم تغيير شخوصه أو فُقدت بعض عناصره، فنحن نشاهد اليوم الجمهور رافضاً لتقديم أي جزء جديد من عمل له أثر سابق لديهم وكأن لديهم ثقة أن كل جديد مُشَوَّه، وأنا سعيدة لأن الجمهور ذكي وقادر على التحليل والقراءة ولا ينجَر وراء عاطفته، بل يحافظ على مخزونه وذاكرته الدرامية كي لا تذهب إلى أماكن أخرى لا يريدها

ركزَ مسلسلا علاقات خاصة ومذكرات عشيقة سابقة على العلاقات الزوجية، وكان العملان يحملان رسالة حول طبيعة هذه العلاقات دون محاولات لخدش الحياء أو المبالغة في طرح قصص الخيانة، هل تخشين من مواجهة الجمهور بجرأة من هذا النوع أم تعتبرين أنها ليست ضرورية بالأصل؟

مذكرات عشيقة سابقة عن نساء الحرب السورية، لكني اخترت عنوانا خادعا كي أضمن الإنتاج والبيع والمتابعة

بوستر مسلسل “مذكرات عشيقة سابقة”

لا أعتبر أن مسلسل “مذكرات عشيقة سابقة” ركز على العلاقات الزوجية أو الخيانة، بل الاسم “كان خادعاً”، فبوقتها لم أكن قادرة على تقديم نص عن الحرب في سوريا، لذا حاولتُ أن أجد نقاط عبور حتى يصل العمل للضوء وأتحدث عن نساء سوريا في زمن الحرب، لكن لو سُمِّيَ العمل مثلاً “نساء الحرب السورية” لَمَا كان بيعَ ولَمَا رأى الضوء، لذا تم تغليف الألم بهكذا عنوان، فقد كان هناك “جمارك” على الوجع السوري خارجياً، وكان ممنوعاً الحديث عن المعاناة السورية في الدراما عربياً، ولم يكن يريد أحد أن تظهر للعلن، لذا كان الكتّاب السوريون يسعون لمحاولة إيجاد حلول ومنافذ للحديث عما يجري في سوريا تماماً كما فعلنا في مسلسل “مدرسة الحب”، حيث قدمنا ثلاثية “موطني” التي تتحدث عن معاناة الوطن واللجوء السوري في عمل يتحدث عن علاقات الحب والغرام.

مسلسلاتي عائلية، لأنها جريئة في موضوعاتها دون أن تخدش الحياء

أما فيما يتعلق بالجرأة، فأجد أنه لدي ثلاثة أعمال جريئة طرحت قضايا حساسة وهي “علاقات خاصة” و “ضحايا حلال” و “عرابة بيروت”، وجميعهم لم يكن فيهم مشاهد خادشة للحياء لكن الرسالة وصلت، فأنا عندما أكتب أتساءل “كيف يمكنني أن أوصِل الفكرة دون “بوسة” أو “مشهد على السرير”؟ ألا يمكنني إيصال الفكرة بدون ذلك؟، بالنهاية أنا أُم وابنتي تشاهد معي، وأنا مسؤولة كغيري من الأهل، ودائماً أقول إن أفكار الكتّاب تدخل بدون إذن للبيوت.

وبالنسبة لي لا أخشى من مواجهة الجمهور بجرأة، لكن الجرأة لا تتعلق بمشاهد جنسية ساخنة أو قبلات أو إيحاءات، فهناك جرأة أخطر من ذلك لها علاقة بالأفكار المدسوسة التي تخرّب جيلاً كاملاً ومبادئاً ومعتقدات وتحرّض على العنف وتلعب على اللاوعي الجَمعي لدى الناس.

الدراما غايتها أن تطرح أسئلة وتجعل المشاهد يفكر ويطرح أسئلة أيضاً وألا يؤمن بالمُسَلَّمات، لكن هناك مشاريع درامية تُصنَع لنسف كل ذلك.

وعموماً أرى المشاهد الجريئة أو الساخنة – إذا كان لها ضرورة درامية – من الممكن أن تُقَدَّم في السينما، كون الشخص يختار أن يدخل بملء إرادته وشرط العمر موجود للدخول، لكن طالما أنه يمكن إيصال الفكرة بدون هكذا مشاهد فهذا أفضل كيلا نؤذي بعض العائلات المحافِظة.

أشعر بالإطراء وأستمتع حين يُقال عن مسلسلي بأنه “عائلي”، وشخصياً أكون سعيدة حين أجدُني أستطيع تقديم مسلسل دون خدشٍ للحياء كي يشاهده الجميع.

أثر إزميل أم أثر فراشة

إذن ما تعريفك للجرأة في الدراما؟

الجرأة في الدراما هي أن تحكي عن الأشياء المسكوت عنها، وأن تطرح شيئاً يخاف الناس قوله وتقوله عنهم كي تكون صوتهم، الجرأة ألا تخاف، أن تشاكس وتشاغب، وألا تمشي في الطريق المرسوم لك مسبقاً، أن تقول قضيتك مهما كانت، فالكاتب يحاول أن يحرر فكراً، وليست غايته أن يجمع “فانز”، وهو يتقاضى أجره عن الفكرة التي يقدمها، فإذا تقاضينا أجراً مع تقديم فكرة ذات قيمة عالية أفضل من أن نقدم أعمالاً “بلا ولا شي”، ففي الحالتين نأخذ نفس الأجر، وعموماً الجرأة ليس لها علاقة بالمشاهد الساخنة أو غيره فهذا متوافر على الإنترنت ومن يريد رؤيته لن يلجأ لمشاهدة عمل درامي، الجرأة أخطر من ذلك بكثير وهي في مكان ثانٍ تماماً.

هل تصنفين أعمالك بالتجارية؟ أم هي تحمل فكراً ذا أثر مستمر لدى الجمهور؟

لنسأل أولاً “ماذا يعني أعمال تجارية”؟ فهل هناك أعمال تجارية وغير تجارية؟ هذا تصنيف خاطئ، فكل الأعمال تُنتَج كي تُباع في النهاية، وجميع القائمين على أي عمل هم أمام عملية تجارية بالمطلق طالما أنهم يتقاضون أجراً على عملهم.

وأجد أعمالي تترك أثراً بالطبع، فأنا أول من كتبت عن رحلة الهروب من الموت إلى الموت والتهريب عبر البحر، وصغتُها عن ملفات حقيقية وذلك في ثلاثية موطني من مسلسل مدرسة الحب وأول من كتبت عن النزوح واللجوء السوري ونساء الحرب وذلك في مذكرات عشيقة سابقة، كنتُ أعرف دوماً أني أكتب بحد السكين، حاملةً أوجاع ناسٍ، أنا واحدةٌ منهم، أوجاعهم من وجعي، ووجع عائلتي، حتى أن قصتَي شكران مرتجى وكاريس بشار في مذكرات عشيقة سابقة كانتا حقيقيتَين، وحملت أمانة من أصحابها كي أنقل صوتهم.

عندما عُرضت ثلاثية موطني وصلني كَم هائل من الرسائل من عدة أشخاص قالوا لي “بطّلنا نسافر” ولن نرسل أولادنا للموت وهذا ما كنتُ أريده.

مسلسلي “ضحايا حلال” مثلاً كان يناقش لأول مرة في الدراما العربية قضية زواج المسيار بتفاصيلها، وكنتُ على مدار سنتين أدرس وأقرأ ملفات لقضايا حقيقية عن هذا الزواج وأتواصل مع أشخاص قاموا به، وأقرأ كتباً عن رأي الدين في ذلك، وحين عُرِض العمل “قامت الدنيي”، فهل هذا عمل تجاري؟.

مسلسل “الرحلة” لايزال مؤثرا بالفنان باسل خياط حتى اليوم ويعتبره أهم أدواره

باسل خياط في مسلسل “الرحلة”

مسلسل “الرحلة” المصري هل يمكن أن نعتبره عملاً تجارياً؟ هو مسلسل سايكو دراما مازال مؤثراً بالفنان باسل خياط حتى اليوم ويعتبره أهم أدواره!

هل مسلسل “عرابة بيروت” النخبوي عمل تجاري أيضاً؟

لا أعرف من جاء بهذا اللقب عموماً أو كيف يُصَنَّف العمل على أنه تجاري أم لا

الناس يقولون عن “باب الحارة” مثلاً بأنه تجاري، وهو اليوم عمل سوري يُدَرَّس في أمريكا، عرَّفَ جميع الناس على الدراما واللهجة السورية، فهل هو تجاري فعلاً؟

مسلسل “الميراث” أول مسلسل سوب أوبرا عربي سعودي طويل وصل لسبعمئة وخمسين حلقة، وبعده جاء مسلسل “مجمّع 75” بمئتين وخمسين حلقة، استطعنا أن نواكب السعودية برؤيتها الجديدة وكثير من الناس شاهدوا العمل، ألا يترك هذا العمل أثراً لدى الجمهور؟ لقد أصبح أبطاله نجوماً في بلادهم وقادرين على إغلاق شوارع بحالها بسبب حب الناس لهم علماً أنهم كانوا يمثلون لأول مرة على الشاشة، هل هذا عمل ليس له أثر أيضاً؟

فلنتكلم عن الميراث إذن، هو أول عمل سوب أوبرا عربي قدمتِه بالشراكة مع مجموعة من الكتّاب، حدثينا عن هذه التجربة، وهل لاقت صداها؟

استدعت أم بي سي مجموعة كبيرة من الكتّاب وبدؤوا يختارون القادرين منهم على التعامل مع المسلسل بأنه طارق جديد لأبواب المجتمع السعودي، وكانت السعودية بالنسبة لي أرضاً جديدة لم أطأها مسبقاً، علماً أني كتبت في عام 2008 مسلسل من 240 حلقة هو أيام السراب، لكن السعودية اليوم تختلف عن السعودية سابقاً، لذا كان لديّ وعي تجاه الجمهور السعودي لتقديم عمل يشبهه جداً وهذا ما حصل.

قد يظن الجمهور أن مسلسل “سوب أوبرا” من الممكن أن يمر فيه أي مشهد، أو أن أي مسلسل طويل هو سوب أوبرا، وهذا خاطئ، بل هو نوع له شروط خاصة ومحددة، وقد حاولنا جاهدين أن نستقطب جمهور اليوم المَلول والذي يتابع مسلسلاً من ست أو عشر حلقات، فكان الأمر صعباً جداً، لكنّ العمل حقق نجاحاً كبيراً وبقي في “التوب فايف” على منصة شاهد على مدار ثلاث سنوات حتى بالتزامن مع عرض مسلسلات شهر رمضان، وهذا ما يثبت أن الورق أهم ما في أي مسلسل، ومن الجميل أن العمل ترك حالة مميزة لدى السعوديين حيث باتوا ينتظرونه يومياً عند الساعة السابعة في طقس عائلي مستمر، وحزنوا عند انتهائه، وحقيقةً توقفَ العمل وهو في ذروة نجاحه.

تغريدات مدفوعة الأجر قد تقلب الرأي العام تجاه عملي

حصانة من النقد

وصفتِ مسلسل عرابة بيروت بأنه أشبه بحلم يتحقق، لكن العمل نال انتقادات واسعة بعد عرضه على صعيد عروض الرقص والأزياء والفكرة، كيف استقبلتِ هذه الانتقادات؟ هل توافقينها؟ وهل تعتبرين أن العمل لاقى الصدى المطلوب لدى الجمهور؟

كل عمل معرَّض للانتقادات، لكني صدقا لا أسمعها.

وهذا هو حالي بالنسبة ل “عرابة بيروت”، لا أتعالى على ما قيل من ملاحظات، مع أن بعضها صائب.. نحن قدمنا عملاً نخبوياً ثقيلاً مليئاً بالعروض الموسيقية، كان عملاً استثنائياً بكل ما فيه من صورة وحكاية وإنتاج وتمثيل، ووصفته بأنه أشبه بحلم لأننا اشتغلنا عليه جميعاً بشغف كبير، وكأننا صنعنا مسرحاً على التلفزيون، فالجميع متبن للقصة، وكل مشهد كان أشبه بفيلم سينما، وهنا تكمن متعتي وشغفي، فأنا لا أفكر بمن يكرهني أو يحبني، فلطالما كانت التغريدات التي قد تقلب الرأي العام على منصة إكس مدفوعة الأجر!.

أصبت بالورم لكني كنت دوما أقول إنني لن أموت بسبب المرض، بل سأموت إن توقفت عن الكتابة

وحقيقةً يا جوان عندما أكتب أعتبر نفسي مايسترو وكأني أعزف الموسيقى، لذلك أكتب ليلاً لأستمتع مع نفسي، وأحياناً لا أنام لمدة يومين فأنا مدمنة عمل وأعشق هذه المهنة، ولكن ينتهي كل تعبي وأرقي حين أصنع مشهداً جميلاً، ورغم أني تعرضتُ لأمراض صعبة، أحدها كان يتعلق بأورام، لكني كنتُ أقول إنني لن أموت بسبب المرض، بل سأموت إن توقفتُ عن الكتابة، فهل تتوقع من هكذا شخص أن يهتم للانتقادات أو يكتب لأجل المديح أو الصحافة؟ أنا أكتب لأجل الناس، فالكاتب كنَبي، محَمَّل برسالة.

أما عرابة بيروت فهو قد لاقى النجاح والانتشار المطلوب لكن ربما كان توقيت عرضه غير ملائم، لا سيما أنه كان يُعرَض منه حلقتان كل أسبوع، فكان بعض الناس ينسون متابعته، إلا أن العمل كان مغامرة ممتعة وحلوة ومكلِفة.

تحضّرين لمسلسل جديد بدأ تصويره في بيروت بعنوان “ليديز نايت”، بدايةً لماذا أعمالنا العربية باتت تُقَدم بعنوان أجنبي؟ وماذا يمكنك أن تخبرينا تفاصيل عن العمل؟ ولماذا قررتِ أن تقدميه على مدار 45 حلقة؟

اسم العمل سيتغير غالباً، ومازلتُ غير مخولة بالحديث عنه في الوقت الحالي

هل مازال المتابع العربي برأيك يرغب بمتابعة الأعمال الطويلة في ظل وجود المنصات والأعمال الدرامية القصيرة؟

عليك أن تسأل هذا المتابع العربي الذي يتابع اليوم مسلسلاً عربياً معرَّباً من مسلسل تركي معروض سابقاً ومكوّن من تسعين حلقة ويعرف قصته ونهايته، لذا لا يمكنني الإجابة عن المتابع العربي، وبالنهاية هذا المتابع هو شخص مستهلِك، على الكاتب أن يرمي قصصه وأفكاره أمامه، فإما أن يقبلها أو لا، لكن بما أن المشاهد العربي يتابع تسعين حلقة مأخوذة “نسخ لصق” من عمل تركي سابق معروف النهاية فلا بد أنه قادر على متابعة عمل طويل.

وهذا لا يعني أني أنتقد هذه الأعمال، على العكس أحترم كل من يعمل بها، وهي تحقق انتشاراً جماهيرياً ونجاحاً واسعاً للممثلين، وتجذب الكثير من الإعلانات، فبالتالي هي ناجحة تجارياً وتحقق الشروط المطلوبة، لكن علينا ألا نحكم على المشاهد العربي مسبقاً بأنه يريد مشاهدة “نوع معين” يمكننا أن نقدم له عملاً يحترمه ويحترم ذائقته وسيتابعنا طبعاً.

أعترف أنني لم أعش

حدثينا عن دورك كأم وزوجة، هل تعتبرين نفسك مقصّرة بحق عائلتك؟ وإن حصل تقصير ما بسبب ضغط العمل كيف تعوضينه؟

أعتبر نفسي مقصّرة بحق نفسي فقط حقيقةً، فأنا لديّ إدمان عملي وعائلي، وأقوم بدور الأم ليس لطفلتي الوحيدة فقط، بل أسمع دوماً عبارة “أنتي أم الكل”، فشخصيتي أمومية بطبيعتها تجاه الجميع حتى أصدقائي.

لكن أجدُني ضعتُ بين واجبي المهني وواجبي العائلي، فقد استهلكتُ نفسي بشكل كبير، وأضررتُ بجسمي وصحتي، وصحوتُ متأخرة لأجد نفسي منهَكة ولم أَعِش كما يجب.

تركتُ ورائي أعمالاً درامية كثيرة، وأشخاصاً يتذكرونني، بات لي اسماً، وحفرتُ بالصخر، خصوصاً أني حوربتُ بشدة، فدائماً كنتُ أكتب بيد وأقاتل بيد وأدافع عن نفسي بيد، حتى صرتُ شخصية مقاومة للرصاص، وبدون إحساس، بعد أن دهستني الحياة مليون مرة.

لم أقصّر مع أحد وحاولتُ تحقيق حلم الجميع من حولي، رغم أني نجحتُ لوحدي، طبعاً هذا لا ينفي أنه يوجد دعم عائلي كبير جداً وهو مهم في هذه المهنة، لكن في النهاية قصّرتُ بحق نفسي وليس بحق أحد.

الكاتب كنبي محمل برسالة لا يهتم بمديح أو انتقادات

ما هي الكلمة التي يمكن أن توجهها نور شيشكلي لكل كاتب/ة جديد/ة يدخل الساحة الفنية؟

هناك مجموعة نصائح يمكن أن أوجهها لكل كاتب/ة قد يدخلون هذا المجال وهي:

أولاً: إذا أردت النجاح عليك أن لا تمشي على الطريق المرسوم لك مسبقاً، اصنع طريقك بنفسك

ثانياً: عليك أن تتعلم كل قواعد الكتابة ثم تكسرها، وهذا لا يعني أن تسجل في ورشات أو دورات، فالكتابة لا تُعَلَّم، عليك أن تطور نفسك بنفسك، لكن جهّز نفسك لتعلم القواعد الأساسية في الكتابة ومعرفة كل شيء ثم ابدأ بكسر قاعدة قاعدة واخلق بصمتك وقاعدتك الخاصة

ثالثاً: إياك أن تأخذ ورقاً من كاتب آخر وتحاول أن تكتب منه أو تنقل عنه

رابعاً: قاتل وقاوم وقُل لا، لا تَبِعْ مبادئك بلحظة أو تحِدْ عنها

خامساً: لا تمل من تحقيق الهدف وابقَ خلفه لسنوات طويلة مهما خُذِلت

سادساً: لا تلجؤوا لمَن سبقكم، فهذا لا يعني أنه أهم منكم، لكن ربما حصلوا على فرصة أو واسطة، علماً أن الكاتب الجيد لا يحتاج إلى وساطة، بل يحتاج إلى ورق قوي يثبت أهميته

بِمَ تصفين جمهور اليوم؟

جمهور اليوم هو جمهور أمس وكل يوم، وكلنا نقول “لا تراهنوا على الجمهور”، فلطالما كان هناك مسلسلات نتوقع أنها ستحقق نجاحاً واسعاً ولا يحصل ذلك والعكس بالعكس، فهناك أعمال ذات إنتاج ضخم وميزانية عالية ونجوم كبار لا تترك أثراً، وهناك أعمال بميزانية محدودة وإمكانيات بسيطة ووجوه جديدة حققت نجاحاً واسعاً.

الجمهور يتبع الحكاية ويحب القصة، ولم يعد مرتبطاً بنجم يحبه، فإن خذله الممثل الذي يحبه في عملين أو ثلاثة سيغير وجهة نظره فيه، وعموماً حالة النجومية لدى الناس اختلفت كثيراً مع دخول وسائل التواصل، وبات من الصعب علينا أن نشدَّ هذا الجيل أو الناس للأعمال الدرامية، فلم يعد هناك طقس خاص بالدراما كما السابق، كمسلسلات الساعة التاسعة ونصف مساءً أو تمثيلية يوم الجمعة مثلاً، بل أصبح مؤثرو وسائل التواصل أشهر من أشهر ممثل، وأصبح الرهان على القيمة صعباً جداً، فكيف سنقنع جيل اليوم أن يترك تيك توك أو السوشال ميديا ويشاهد أعمالنا؟ “الله يعيننا وبس.

جوان ملا – صحفي وناقد فني سوري

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة