جوى للانتاج الفني
الرئيسيةفي الصالاتفيلم "الخيال الأمريكي".. العنصرية مستمرة والتفاهة تيار جارف

فيلم “الخيال الأمريكي”.. العنصرية مستمرة والتفاهة تيار جارف

جيفري رايت ( مونك) بطل الفيلم ، أستاذ جامعي وروائي، من أصول أفريقية.

الممثل جيفري رايت                         

في سياق الفيلم تظهر شخصية البطل المحبط ضمن ثقافة مجتمع اعتاد على تنميط الأشخاص في قوالب جاهزة وعنصرية، فالسود في أمريكا، التي تدعي المساواة بين أفرادها، مازالوا يعانون من تلك التفرقة المبطنة.

مونك الكاتب المغمور الذي يشعر بمرارة عدم التقدير لأدبه الجاد، حيث أن أعماله الأدبية غير معروفة سوى عند النخبة من الأكاديميين، في الوقت الذي تحصد كاتبة شعبية من أصول إفريقية، أقل منه من الناحية الأدبية جوائز وتقدير، فهي تكرس النمط السائد في عقل الإنسان الأمريكي الأبيض عن ذوي البشرة السوداء.

يزداد غضبه عندما يعود إلى بوسطن حيث تقيم عائلته، ويكتشف مرض والدته وسوء وضعها الذي يتطلب عناية خاصة وكثير من المال. ووفاة شقيقته الطبيبة التي كانت تهتم بالأم، وتملص أخيه الطبيب من المساهمة في المساعدة.

إضافة إلى رفض مدير أعماله تسويق آخر كتبه الجادة، لآن دور النشر ترفض نشر مثل هذه الكتب غير المربحة ماديا.

وهنا يقرر أن يخوض تجربة كتابة رواية تنتمي إلى ما يسمى الأدب الرخيص، أسوة بما هو دارج.

يكتب الرواية دون أدني جهد حيث يضع فيها الأفكار المتعارف عليها في أدب السود ( اضطهاد وفقر ومعاناة وجريمة ولصوصية). ويوقعها باسم  مستعار.

قبل نشر الرواية يراجع نفسه ويرى أنه غير راض عنها، بل يعتبر نشرها عار في عالم الرواية، مما يجعله يختار عنواناً غريباً لروايته، علّ دار النشر ترفض نشرها، لكن الناشر قبل العنوان واعتبره عنوانا عبقرياً.

هذا بعد أن عرضها على عدد من دور النشر، وأختارتها دار مهمة، مع أن الرواية بنظر الكاتب تسخر من المشهد الأدبي الأمريكي ولا ترقى إلى مصاف الأدب الحقيقي، وبعد صدورها تطلبها الاستديوهات السينمائية لتحويلها إلى فيلم. وترشح إلى أهم الجوائز.

المفارقة أن الكاتب يكون عضو لجنة تحكيم للجائزة، وعليه أن يصدر حكما على روايته التي اعتبرها عارا في مسيرته الأدبية، لكنها تفوز بالجائزة بعد التصويت بالأكثرية على الرغم من أنه أصرّ على تصنيفها بأنها رواية تافهة لا تحمل مضمونا فكريا أو أدبيا راقيا.

مقولة الفيلم تبدو واضحة بل وكأنها تؤكد على مقولة ( عصر التفاهة) حيث المقارنة بين الأدب الرائج والأدب الحقيقي، وتغليب قدرة الأول على المنافسة ولانتشار.

قوالب جاهزة تدفع أولي الأمر لوضع  كتبه على رفوف المكتبات مع الكتاب السود الآخرين بغض النظر عن قيمتها الأدبية، وهذا ما جعله يسخر من هذا التصنيف والاحتجاج عليه. حتى أنه يزور إحدى المكتبات ويبحث عن كتبه التي يراها على رفوف خاصة بأدب السود، ينقل كتبه كلها ويضعها في مكان آخر، حيث تلك الكتب لا تخضع لتصنيف، ويصر على ذلك حين يتدخل عامل المكتبة.

لكنه في نهاية الأمر يستلم للأمر الواقع ويمشي مع التيار ويحصد نجاحاً غير متوقع.

بين الكاتب والهارب من العدالة

بعد الشهرة التي نالها مونك  وفوزه بالجائزة وانتشار كتابه على نطاق واسع، انهالت عليه طلبات كثيرة لإجراء مقابلات تلفزيونية وصحفية، وبما أنه يستعمل اسما مستعاراُ، ولا يمكنه الظهور بشخصيته الحقيقية، اضطر للادعاء بأنه متخف وهارب من العدالة.

أما روايته التافهة فيجري تصويرها سينمائيا، لكنها لاتزال فوق المستوى السوقي السائد، ما يدفع بالكاتب لتخيل نهاية ماساوية، حيث يتم اقتحام الاستديو وإطلاق النار على المؤلف، انسجاما مع فرضيه كونه مجرما.

وهنا يبدي المخرج إعجابه بهذه النهاية ويعتبرها حلا رائعاُ.

تؤكد نهاية الفيلم على استسلامه للتنميط، وانسياقه مع الثقافة الدارجة عن ذوي البشرة السوداء.

مع أن كل موافقه وتصرفاته السابقة دلت على أنه كان يرفض هذا التنميط، ويعتبر نفسه خارجه، فهو شخصية نزقة متمردة متعال على من حوله.

فيلم الخيال الأمريكي من الأفلام الجديرة بالمشاهدة، حيث يقدم نموذجاً للثقافة الأمريكية الرائجة، بسخرية، وقدر كبير من التحليل لقضايا حياتية للسود الذين مازالوا يعانون من التفرقة العنصرية المستترة.

إضافة للأداء المذهل للممثل جيفري رايت، والإخراج المتميز لكورد جيفرسون.

وقد ترشح الفيلم للعديد من جوائز الأوسكار.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة