جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنقد تلفزيوني"عقد إلحاق" مواضيع دسمة على الشاشة الصغيرة.. مسلسل درامي نفسي في اثنتي...

“عقد إلحاق” مواضيع دسمة على الشاشة الصغيرة.. مسلسل درامي نفسي في اثنتي عشرة حلقة.. أسماء كبيرة تعود إلى الشاشة الصغيرة مع “ورد حيدر”

يبدو أن المرحلة التي كُتب فيها المسلسل السوري «عقد إلحاق» هي المرحلة التي انتشر فيها شغف إنتاج أعمال نفسية وغامضة، إذا اعتبرناهما عنوانين عريضين يندرج تحتهما هذا العمل القصير (اثنتي عشرة حلقة)، وقد بدأ ذلك قبل نحو عامين أو ثلاثة من العام الحالي الذي وصل فيه العمل إلى منصة إلكترونية لعرضه للجمهور، وليكون العمل من إنتاج شركة (بينتالينس) السورية في دبي – الإمارات العربية المتحدة.

يبدو أن شركة الإنتاج قد قررت التعويض عن منح فرصة الشباب في النص والإخراج، باعتماد أسماء فنانين نجوم، منهم من كان قد غاب عن الشاشة منذ عدة سنوات، أبرزهم بطلة العمل (دانة مارديني – ريما) والفنانة القديرة (سمر سامي – عصمت)، والأستاذ الفنان (حسن عويتي – هادي) وغيرهم كثيرون، كل هذا منح العمل جرعة دعم إضافية ليثير شغف الجمهور في متابعته -وأنا من بينهم -وخاصة أن الكتّاب من الأسماء الشابة قليلة التجارب، وإضافة إلى التجربة الحديثة في الإخراج للمخرج «ورد حيدر».

وقبل البدء بالقيام بأي تحليل درامي أو فني أو نقدي، يجب التنويه أن ما ظهر على الشاشة هو سخاء إنتاجي نسبياً من قبل شركة الإنتاج في الكثير من تفاصيل العمل، وهذه نقطة تحسب للشركة ويفترض أنها قد خففت على المخرج والممثلين وكل الكادر الفني، ما تعانيه الدراما السورية مؤخراً من رغبات حثيثة في الاختزال والاختصار، والعودة إلى الأسلوب الإخباري عن كثير من الأحداث عوضاً عن عرضها على الشاشة، وهذا أسلوب قديم سعت كل أنواع الدراما الفنية في العالم إلى التخلي عنه والذهاب إلى تنفيذ الحدث على الشاشة بطرق مبتكرة وجذابة لكي يعيش المشاهد الحدث ولا يكتفي بسماع خبر عنه، أياً كان هذا الحدث.

ولكن هذا السخاء لم يمنع وقوع أخطاء لا يمكن التغاضي عنها في التنفيذ أقلها، ما تم ختام العمل به، وهو قضية اللوحات والمنحوتات التي تم صناعة نسخ منها في العمل، على أساس أنها منحوتات للربة عشتار إلهة الخصب والجمال، ولكنها في حقيقة الأمر ما هي إلا نقوش تدمرية مشهورة لوجوه ملكية تدمرية ولا علاقة لها إطلاقاً بتماثيل الربة عشتار، وهذه حالة خطأ كمثال لا أكثر، مع وجود أمثلة كثيرة.

حاول صناع المسلسل تقديم خلطة دسمة من عدة موضوعات تعتبر صعبة وكانت تحتاج إلى معالجة أوفى، أولها موضوع الفصام، وموضوع النحت وتهريب الآثار، وموضوع التبني أو ما يسمى في قوانين التشريع عقود الإلحاق، كما ينوه اسم العمل، وموضوع صناعة الوثائقيات عن الهجرة غير الشرعية للسوريين عبر البحر، وكيفية التعامل معها وتمويلها، ولقد حاول صناع العمل أن يقدموا كل شخصية بعناية وأن يتم كتابتها بحرفية، أو هكذا ظن كتّابه، مع التركيز على أهمية الإضافات التي قدمها الممثلون، حيث أدى كل المشاهد ممثلون محترفون حتى لو كان ظهورهم لمشاهد قليلة فقط.

ولكن يبقى السؤال هل طريقة معالجة الشخصيات وكتابتها جاءت متسقة مع الأحداث؟ في الحقيقة وقع العمل في مطب الحوارات الممجوجة في أكثر من موقع حتى أن المشهد العاطفي لأم ثكلى فقدت ابنها وهي ترد ثمن دمائه لمن تتهمهم بقتله والذي قدمته النجمة القديرة غير المشكوك بقدراتها ابداً السيدة (صباح الجزائري – أم وليد) بدا مشهداً هشاً ومفككاً ولا يثير التعاطف من قبل المشاهدين، مع أنه يفترض أنه مشهد رئيس (ماستر) وأقل ما يمكن أن يثير حرقة في عين من يشاهده، ولكنه لم يفعل، والمشكلة هنا بدت لسببين الأول ما كانت تقوله الأم الثكلى، وقد كان ضعيفاً لا يشبه ما تقوله الثكلاوات في الواقع، والثاني أن القطعات التي أخذ فيها المشهد بدت استعراضية في حين يجب أن تأخذ مناخاً أبسط حتى لا تشتت عين المشاهد فيما يراه، فالحدث هو الأساس لا الحالة البصرية.

التوجه الذي يحدث مؤخراً في تشكيل الورش قد يبدو إيجابياً، أو ولكن هل يحتاج عمل مؤلف من اثنتي عشرة حلقة إلى ستة كتاب مجتمعين، وأليس من الممكن أن تكون الهلهلة في الأحداث والتفكك في بناء الشخصيات، وتغير لغة الشخصية من حلقة إلى أخرى، (لين – سارة بركة) صديقة جاد مثلاً، كان لها موقف مختلف في كل حلقة مما يحدث، وكأنها تولد من جديد كل مرة، ربما يكون سبب كل هذا هو ضعف التواصل بين فريق الكتاب أنفسهم، فالورشة قبل كل شيء قائمة على مهارات الاتصال بين الفريق وهذا بحد ذاته نهج لا يمكن تجاهله، ويعطى له كورسات تدريبية خاصة، وإلا فسوف نصل إلى نتيجة مشابهة لما وصل إليها مسلسل «عقد إلحاق»، الذي بدأ بداية غامضة استمرت كامل الحلقة الأولى ثم أدخل المشاهد في دوامة عدم فهم حتى وصل للحلقة التاسعة ليبدأ بعض التشويق وكشف الحقائق، وفي الحلقة الأخيرة اختار الطريقة الأبسط للحل الدرامي وهو تقديم شرح توضيحي للمشاهد من قبل شخصية الطبيب – كفاح الخوص، ولكن يا ترى؟ ماذا لو كان المشاهد يريد المتعة لا الفائدة فحسب؟ ألا يغامر العمل بشغف المتابعة؟

أليس موضوع ملاحقة البطل (مهيار خضور – جاد) في قضية الفيديوهات، موضوع غير مفهوم، ولا يوجد له أي مبرر، فمن يلاحقه؟ المهربون؟ ببساطة هناك سؤال: لماذا؟ والعمل زوّغ ذهن المشاهد وترك الإجابة معلقة، أليس موضوع علاقة (أيوب -–أندريه اسكاف) مع (أبي جاد – جمال قبّش) يحتاج توضيحاً أكثر من عبارة عابرة تقول إنه يطبخ له وهو – أي جمال قبش- معجب بطبخه.

إن تحميل عمل درامي كل هذه الجرعة من الأفكار والتفريد مغامرة غير مضمونة، خاصة إذا كان حاملو الأفكار لديهم أقلام من ريش، فعظمة الأعمال في بساطتها أو بساطة أسلوب تقديمها، وليس في تعقيد المشاهد أكثر فيما يراه، وهذا مطب دخلته الدراما السورية منذ عدة سنوات، والغريب أن شركات الإنتاج يسيل لعابها امام أفكار كهذه، ولكن لا يمكن أن تدفع قرشاً واحداً لمختص نفسي ليراقب النص!

يبقى علينا أن نقدر جهد كل من شارك في هذا العمل، وخاصة الممثلون الشباب، والأساتذة الفنانين الكبار، فكل قد قدم شخصيته بكل جدية واحترام، وحتى الممثلون الأطفال.. وقد كان الممثل النجم مهيار خضور للأسف هو الأقل سلاسة في أدائه في هذا العمل، مع اننا لم نعتد منه ذلك.. ربما كان السبب سوء الماكياج الذي كان يوضع له، والذي لم يكن سهلأً إخفاؤه مع الكاميرات عالية الدقة.

 

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة