جوى للانتاج الفني
الرئيسيةاصداراتسهير صالح: مشروعي الموسيقي يجعلني صانعة محتوى

سهير صالح: مشروعي الموسيقي يجعلني صانعة محتوى

في المعهد العالي للفنون المسرحية التقينا الفنانة “سهير صالح” التي تمتلك إلى جانب موهبة التمثيل، هبة وموهبة الغناء، الذي تجيده بأسلوب فريد أيضاً..

من وحي المكان، من مسرح سعد الله ونوس بدأنا الحوار بمقولة لكاتبنا المسرحي الكبير: (في الواقع الموحل والزمن السقيم قد يكون إنجاز الممكن هو الحلم) وسألناها عن الإنجاز في مسيرتها كفنانة بين الممكن والطموح .. لم تستطع أن تخفي تأثرها الذي اختصرته ببضع كلمات على إيقاع البوح: “مقولة الكاتب الكبير سعد الله ونوس تذكرني بالجانب الصعب في هذه الحياة”..

تحمل “صالح” بداخلها مشاعر عميقة تجاه المعهد العالي الذي تخرجت منه عام 2016 والذي تعتبره كما كثير من زملائها بيتها الثاني ففيه عاشت الكثير من الأحداث التي لا تزال محفورة في ذاكرتها، فهو يشكل حيزاً واسعاً من الأمان بالنسبة لها.

البدايات

ورثت موهبتها الغنائية عن والدها وجدها، ففي سن الرابعة بدأت تردد بعض الأغنيات مبشرة بفنانة أصبح لها اليوم مشروعها الغنائي الخاص.

وتحدثنا “صالح” عن دعم عائلتها عند اتخاذها قرار الدخول إلى المعهد العالي للفنون المسرحية قائلةً:

– كنت أفكر بالجانب النظري الذي سأتعلمه فيه، ورغم عدم معرفة أفراد أسرتي بإمكانية دراسة التمثيل بشكل أكاديمي إلا أنهم لم يترددوا للحظة في دعمي ومساندتي.

عمق فني

منذ تخرجها حتى اليوم، شاركت الفنانة “سهير صالح” بعدة أعمال سينمائية لكنها تعتبر فيلم “تحت سماء دمشق” الحاصل على عدة جوائز عالمية الأقرب إلى قلبها، كما تصف تجربتها الأخيرة في فيلم “حياة” الروائي الطويل مع المخرج “باسل الخطيب”، بالتجربة الهامة في مسيرتها المهنية، وتبين:

– في البداية شعرت بالقلق، واعتقدت بأنه شخص صارم كما يبدو من بعيد، لكني لمست عكس ذلك أثناء التصوير، فهو يعرف ما يريده من الممثل، دون أن يرهقه.

 وتشير إلى أنها في كثير من اللحظات خرجت من الشخصية التمثيلية وعادت إلى الجانب الشخصي في الواقع لأن الظرف التمثيلي كان مؤثراً جداً وحقيقياً.

ولدى سؤالنا لها حول طرح قضايا المرأة في السينما أجابت “صالح”:

– لا أركز على تناول هذه القضايا بشكل متعمد، لكنني أتكلم من خلال أدواري عني وعن أخريات في المجتمع، والصراعات التي نعاني منها، لست معنية بشكل مباشر بالدفاع عن حقوق المرأة واعتبر نفسي إنسانة مستقلة جداً.

تطور مهني

وحول اختياراتها المتنوعة المصنفة على ضفاف ايديولوجية متباعدة ترى “صالح” أنه كلما كان الفنان أكثر تنوعاً في أدواره كلما كان أكثر قوة، وأن عمله التراكمي ينقله من مرحلة إلى أخرى تجعل المخرجين أو المعنيين بالشأن الفني يرونه في أدوار تمثيلية على مستوى معين، وبالمقابل يصبح هناك شكل معين للشخصيات المطروحة وللأداء المطلوب، لاسيما في السينما التي تعتبرها أكثر عمقاً من الدراما فهي صورة وفكرة وليست مجرد حوار.

في جعبة “صالح” مشهد يتيم قدمته مع المخرج الكبير الراحل “عبد اللطيف عبد الحميد” الذي رحل عن عالمنا منذ فترة تحدثنا عنه بقولها:

– عندها كنت طالبة شاركت معه بلقطة واحدة في فيلم “طريق النحل” عندما اختارني لأداء الدور لأنني أجيد الغناء ورغم أنها تجربة صغيرة إلا أنني سعيدة جداً بها فقد كانت الظهور الأول بالنسبة لي ولأن المخرج “عبد الحميد” عرف اسمي من خلالها.

الفرصة المنتظرة

بين التمثيل والغناء بدت ملامح الطريق أكثر وضوحاً بالنسبة لها كمغنية لأنها رسمت طريقها فيه بشكل مدروس في حين ترى “صالح” أن التمثيل فرصة ولا يسير الفنان فيه بخط يرسمه بيده، ويمكن على حد قولها أن تتغير ملامح تجربتها التمثيلية مع حصولها على الدور المنتظر لكنها تؤكد لفن وناس أنها تعتبر نفسها فنانة خاصة استطاعت أن تثبت نفسها وتصنع اسمها في المجال الفني ولديها إيمان بأنها ستحقق ما تريد وهي بانتظار الفرصة الذهبية.

لست معنية بشكل مباشر بالدفاع عن حقوق المرأة، لأنني اعتبر نفسي إنسانة مستقلة جداً

حول الانتشار الذي حققته أغنية “خاروف حب الحلوة” على وسائل التواصل الاجتماعي تقول “صالح” أنها توقعت لها النجاح فمنذ لحظة تسجيلها في الاستوديو والتحضير لها وتوظيفها ضمن سياق درامي معين في مسلسل “مع وقف التنفيذ” شعرت أنها ستترك أثراً لدى الناس وبالفعل جعلت المشاهد يراها كممثلة بشكل مختلف وقدمتها بشكل جديد بعيداً عما اعتاد رؤيتها فيه من أدوار ألبستها عباءة المثقفة.

وتوضح “صالح” أن أغنية “سبع آهات” لم تحقق النجاح الذي تمنته، بل إنها بدت بعيدة عما تريد تحقيقه في المجال الموسيقي، لذلك قامت بحذفها من قناتها على يوتيوب.

تعتبر صالح أن ترسيمها الحقيقي كمغنية، جاءت مع أغنية “أسمرانية”، التي أطلقتها  منذ ثلاث سنوات.

سهير صالح
الفنانة سهير صالح

مشروع التوثيق الموسيقي

لسهير صالح مشروعها الخاص بتوثيق التراث الغنائي في المنطقة الجنوبية، وعنه تقول:

– عندما بدأت غناء لهجة منطقة حوران لم أكن الأولى، فلطالما سمعنا الكثير من التجارب المقدمة بنفس الأسلوب، لكنها لم تأخذ المنحى التوثيقي، فهي تميل للطرح الشعبي المناسب أكثر لأجواء الفرح في حفلات الزفاف والمجالس الشعبية، فشعرت أنني مسؤولة عن نقل صورة مناسبة تليق بعظمة هذه البيئة من خلال غناء الأغاني الخاصة بتلك المنطقة، وعندما اتجهت للتوثيق الغنائي أردت القول أن هناك مواضع جمال موجودة في الجنوب السوري لا ندركها بشكل كامل، فهو يمتاز بغنىً كبير بعدة جوانب خاصة بالطرح الموسيقي، بالحكايات والالأساطير وأغاني الحفلات.. كنوز أتاح لي الحظ بأن أطلع عليها لأنني عشت هناك لفترة طويلة، ولازلت على تواصل مع الأشخاص الذين يمكن أن يزودونني بأي مادة أحتاجها في مشروعي التوثيقي وليس فقط الأغنيات.

لكن تبين “صالح” أنه على الرغم من تجريبها لأكثر من نوع غنائي إلا أن كثيرين لا يزالون يرونها فقط من زاوية واحدة وهي غناء تراث المنطقة الجنوبية، وأن هناك العديد من الخيارات المطروحة لتقديم أغنيات من التراث الساحلي أو باللهجة البيضا، وأنها ليست مستقرة موسيقياً فقط بموسيقا المنطقة الجنوبية لكن كان لابد أن تعمل على مشروعها الخاص.

الفنانة سهير صالح

الاستعراض والمسرح

على صعيد آخر تطمح “صالح” إلى أداء دور استعراضي يجمع موهبتيها في التمثيل والغناء وحول ذلك تقول:

-حاولت عند مشاركتي في مسلسل “جوقة عزيزة” أن أقدم عملاً استعراضياً، لكن الشخصية اتخذت منحى مغايراً.  بالتأكيد أرغب بتقديم عمل استعراضي سواء في الدراما أو المسرح، لكن مشاركتي بأي عمل مسرحي مرتبطة بتوفر عوامل عديدة تتعلق بالنص والشراكة والظرف المناسبين، ففي المسرح يجب أن يكون الظرف الفني مناسباً لأن الأداء المسرحي يحتاج إلى جهد نفسي وجسدي كبيرين، وإلى شراكة هامة تجعل الممثل يرى نفسه من خلالها، ومن خلال القراءات المسرحية أحاول ان أبقى على تواصل دائم مع المكان على الرغم من عدم خوضي لأي تجربة مسرحية حتى الآن.

حكايتها الخاصة

رغم الانطباع السائد في الوسط الفني عن “صالح” بأنها فنانة مثقفة توضح عبر “فن وناس” أنها ملمة إلماماً متواضعاً بالجانب الثقافي وأنها تعمل على إيجاد وقت خاص للقراءة ككثير من زملائها الفنانين، وأنها تفضل قراءة الروايات ومنها “أزهار عباد الشمس العمياء” للكاتب الإسباني “البريتو ميندس”، و”المئذنة البيضاء” للكاتب الصحفي “يعرب العيسى”، كما تفضل مشاهدة الأفلام الرومانسية وتبتعد عن أفلام الخيال العلمي أو الوثائقية لأنها تشعر أن لديها حكاية خاصة تريد أن تقولها وليست جاهزة لسماع حكايات الآخرين.

دراما مختلفة

تميز صالح بين الدراما المعربة وبين الدراما المشتركة..

فيما يتعلق بالدراما المعربة ترى بأنها نوع موجود في الوسط الفني ولديها الرغبة بتجربتها لأنها تعكس جانباً من المبالغة والكوميديا وآخر من الاستعراض غير الموجود بشكل كبير في أعمالنا الدرامية، فتقول: نحن نغرق بتفاصيل الشخصية وصراعاتها الداخلية ولا نركز على الشخصية من الخارج أو كيف يكون مظهر المحامية مثلاً أو صانعة المحتوى. أشعر بأنني سأقدم من خلال هذه الدراما أداءً مختلفاً.

أرغب بخوض تجربة الدراما المعربة لأن فيها استعراضا وجانبا من المبالغة والكوميدي

أما بالنسبة للدراما المشتركة فقد خاضت سهير صالح مؤخراً تجربة الدراما المشتركة مع مسلسل “النسيان” بطولة الفنانين: قيس الشيخ نجيب، وسيرين عبد النور وإخراج “الفوز طنجور” المكون من 15 حلقة، والذي عرض على إحدى المنصات. عن هذه التجربة تقول:

– كانت تجربة هامة بالنسبة لي لأنني قدمت من خلالها دور الأم لأول مرة، احتوت تفاصيل قاسية مكتوبة على الورق وعشتها في الأداء، شعرت بالتعلق بالأطفال الذين لعبوا دور أبنائي في المسلسل وكنت أخاف عليهم باستمرار حتى خارج أوقات التصوير التي استمرت عشرين يوماً.

 ماذا عن  الصعوبات التي تواجه الفنانين الشباب في “سورية” عامة، تجيب الفنانة سهير صالح بالقول:

 هناك مشكلة تتعلق بالشكل المرتبط بالتريند على وسائل التواصل الاجتماعي، والتأطير ضمن نمط واحد من الأدوار، فقد ينجح الممثل بدور معين يجعل المخرجين يرونه في إطاره فقط، بالإضافة إلى الصعوبات الإنتاجية التي تتعلق برؤية الشركة سواءً أكانت تجارية أو ذات توجه فكري معين، كما أن عدد الفنانات والفنانين الشباب اليوم بات كبيراً والخيارات أصبحت مفتوحة بشكل أوسع، ومن الصعب إيجاد فرصة حقيقة تسمح للفنان بأن يقدم نفسه بالصورة التي يطمح لها والتي يستطيع من خلالها إثبات إمكانياته الفنية.

صانعة محتوى

لدى سؤالنا لها عن طبيعة علاقتها مع السوشال ميديا قالت:

-أحب التواجد عبر هذه الوسائل لأن ذلك يشكل جزءا من عملي، وأن أشارك الجانب الإنساني الخاص بي مع الآخرين مثل بعض التفاصيل الحياتية كالأوقات التي أمضيها مع أفراد عائلتي، أو تلك الخاصة بتناول وجبة حضرتها بنفسي، إلى جانب المحتوى الموسيقي والفني الذي أقدمه فمشروعي الموسيقي يجعلني صانعة محتوى لأنني استطعت من خلاله الحديث عن شريحة كبيرة من الأشخاص.

من السوشال ميديا انتقلنا في حوارنا مع الفنانة “سهير صالح” إلى عمليات التجميل والمبالغة من قبل بعض الفنانات فقالت:

– أصبح هذا العالم مغريا جداً لأي امرأة لكنني شخصياً أفضل العناية والاهتمام أكثر من اللجوء إليها، وفي الوقت نفسه أعتقد أن الموضوع حرية شخصية فمن الممكن أن تنزعج المرأة من التجاعيد وتفضل التخلص منها، لكنني كممثلة ومغنية أرى تجاعيد وجهي واستخدمها في الأداء دون أن أشعر بأن هناك مشكلة، وأعتقد أن مسألة التصالح مع الذات ترتبط بالعمر والتجربة إلى حد كبير.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة