جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنقد تلفزيونيذهب غالي.. ثنائيات شابة نجحت في استقطاب اهتمام الجيل الجديد

ذهب غالي.. ثنائيات شابة نجحت في استقطاب اهتمام الجيل الجديد

تدور فكرة العمل حول مفهوم أعمق من قصة إمرأة ثرية تغير مصير شاب فقير، حيث يعتمد المسلسل على مقولة أن الفرد لا يُولد شريراُ بطبيعته بل أن البيئة التي ينشأ فيها تلعب دوراً كبيراً في تكوين شخصيته، فإذا تربى في بيئة صالحة كانت لديه فرصه أكبر في أن يكون إنساناً نافعاً وفعالاً في المجتمع، بينما إذا نشأ في بيئة موبوءة فمن المرجح أن يصبح مجرماً، لذلك يتوجب علينا العمل على إعادة تأهيل هؤلاء الأشخاص البالغين الذين نشأوا في بيئات تشجع على الإجرام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لم يشذ العمل عن إعلانه الترويجي، مضمونه بسيط في إطار خفيف، يتناول الفروقات الطبقية  وتأثير البيئة المحيطة على سلوك الإنسان، فتابعنا الاهتمامات والممارسات ذاتها في بداية كل صباح كالرياضة، الطعام، وغيرها من النشاطات، لكن بطريقة أداء مختلفة، كل حسب بيئته، بما يخافظ في آن معا على التشابه والتقاطع، وعلى التباين حسب انتماء كل شحص.

استطاع كاتب العمل ” محمد سليمان عبدالمالك” تحريك شخصياته بحياتية عكسها حوار اتسم بالعفوية والسلاسة،  ففي الأحياء الشعبية تتحدث الشخصيات على سجيتها من حيث المفردات ومنطق التفكير فالميكانيكي البسيط يختلف منطقه عن منطق رجل الأعمال الثري بحديثه المنمق. نلاحظ التباين نفسه بين سلوك و حوار الفتاة التي نشأت في الأحياء الشعبية وسلوك وحوار الفتاة الثرية المتعلمة، ما جلب المتعة والفائدة للمشاهد.

كما يحسب لهذا العمل بأنه كسر القاعدة المتعارف عليها منذ عقود بأن نجم صف أول متابع وبياع شرط لا بد منه للإنتاج. ها هنا ثنائيات بروح الشباب استطاعوا لفت الأنظار إليهم واستقطاب نسبة كبيرة من أبناء جيلهم لمتابعة العمل بعد عزوف أغلبهم عن مشاهدة الأعمال العربية، حقيقة ترجمتها  نسبة الالمشاهدة مقبولة و الأصداء إيجابية.

مسلسل دهب غالي
مسلسل دهب غالي

أداء الفنانين

إيهاب شعبان: قدم أداء استثنائياً في دور ” الدكتور فيصل راشد” أو ” غالي الدنف” وهو ميكانيكي فقير ينتمي إلى الحي الشعبي، اعتاد أن يعيش حياة بسيطة ومتواضعة، يلتقي بفتاة تدعى” ذهب ” تعرض عليه فرصة التغيير الذي لطالما حلم به منذ طفولته. أداء شعبان لشخصية غالي تميز بالعفوية والتلقائية، نراه في البداية شاباً فقيراً لا يهتم بشكله الخارجي و لا بكيفية انتقاء كلماته،  شعره طويل مجعد ثيابه غير متناسقة و بسيطة ويتناول الطعام أغلب الأحيان بيديه مما جعله يبدو وكأنه فعلاً من أبناء بيئة معدمة، لكن مع مرور الوقت وتحت تأثير ” ذهب” يوافق ” غالي ” على التغيير من أجل نفسه و أسرته . هذا التغيير الكبير يتسلل أولا إلى المظهر الخارجي، حيث يبدأ يتناول الطعام بأسلوب راقٍ بالإضافة لتحول مظهره بالكامل فأصبح يرتدي ثيابا أنيقة ويصفف شعره بطريقة جميلة منسقة.  ومن ثم يتسلل التغيير إلى منطق ومنطوق الشخصية، الذي اكتسب بعدا عميقا ومنمقا، وربما فلسفيا.

أبدع إيهاب شعبان في تجسيد هذا الدور المركب، حيث استطاع نقل التحولات الكبيرة التي طرأت على شخصية ” غالي” ببراعة واحترافية  بأداء، تمكن عبره من إبراز الصراع الداخلي والتحولات النفسية والشكلية التي مرت بالشخصية مما أضاف عنصر التشويق والاثارة إلى الدور وجعل المشاهد يتفاعل معه بشكل كبير.

فايا يونان: “ذهب” تبرز في دور الباحثة الاجتماعية التي تعمل في منظمة أهلية ِوتنخرط في مشاريع انمائية و تطوعية تهدف إلى تحسين المجتمع. لديها نظرية تحاول أثباتها بأن الإنسان يمكن أن يتحول إلى فرد صالح ونافع في المجتمع إذا تهيأت  له الظروف المناسبة، وهو ما تنجح في إثبات صحته، بل وفي إقناعنا بنظريتها من خلال تفاعلها العاطفي والجسدي مع المواقف التي تواجهها، فلامح وجهها تنقل ِمشاعر الشخصية بوضوح مما يعكس عمق فهمها للدور على الرغم من أن هذا الدور الأول لها في مجال التمثيل ( زمنيا تاج عملها الثاني)،  إلا أن أداءها يوحي بأننا أمام موهبة واعدة.

فاديا خطاب: التي تجسّد شخصية ” أم عباس” تبرز بأداء مؤثر فهي الأم الحنونة التي تواجه صراعاً داخلياً بسبب أبنها المسجون عباس و الابن الأخر غالي الذي يقرر السفر بشكل مفاجئ، إضافة إلى ذلك تعاني من الضغوطات النفسية بسبب عم أبنائها ” سعيد ” والذي تعتبر بأنه وراء المصائب ودمار أسرتها.. على الرغم من قلة ظهور فاديا خطاب إلا أنها تقنعنا بأدائها لدور الأم البسيطة التي تعيش في الأحياء الشعبية، إذ تنجح في توظيف أدواتها وخبرة السنوات في المكان المناسب، فتجعلنا نضحك مع أم عباس في لحظات الفرح ونشعر بحزنها و ألمها في لحظات الشدة.

جيانا عنيد: بدور “صباح”، اختيار موفق أن تلعب هذا الدور الفتاة العفوية ضحية الظروف ووالدها الذي يجبرها على السرقة وجلب المال له لتتحول إلى نشالة محترفة، لكن تأنيب الضمير يلازمها فهي تتمنى أن تعيش حياة مختلفة نجدها تتحدى نفسها عدة مرات تعيش قصة حب من طرف واحد وتسعى للحصول على ” غالي” ابن عمها لكنها تفشل ، تحاول الارتباط بشخص آخر بعد فقدانها الأمل من ” غالي ” لكن هذا الأرتباط لم يكتمل. في نهاية المطاف تتخذ قرار التغيير..  أستطاعت الفنانة جيانا تجسيد دور فتاة الحي الشعبي ببراعة ودون تكلف، تخلت عن أنوثتها و عاشت الدور بكل تفاصيله فكنا نجد المفردات الغريبة تتدفق بتلقائية على لسانها بصوتها المرتفع وشعرها المبعثر والثياب البسيطة.. أي دون أن تحتمي بجمالها وأنوثتها، فكان النجاح حليفها.

فادي صبيح: “عباس” يمتلك ثباتاً انفعالياً يوهم المتفرج بسبب شكله الخارجي الذي يعمل عليه بإتقان بأنه يخفي الكثير من الشر ولكنه يتمكن من أن  يصدم المشاهد في الوقت المناسب بأن لديه جانبا من الخير كأي إنسان طبيعي.

مصطفى المصطفى بدور “طرزان” مع الفنان مازن عباس بدور “رضا “، قدما ثنائية من  يعتبران من ألطف و انجح الثنائيات حيث حيث يلاحظ الانسجام الواضح بينهما في المواقف الكوميدية التي واجهتهما خلال العمل هذا الانسجام انعكس بشكل إيجابي على أدائهما فتميزت مشاهدهما بالطرافة وأضفت جواً من المرح على الأحداث مما جعلهما من أبرز شخصيات  العمل.

مآخذ على مسلسل ذهب غالي

ـ المبالغة في الفروقات اللغوية بين الشخصيات حتى أن ” ذهب ” لا تستطيع فهم حديث حديث ” صباح” وتحتاج إلى ترجمة كما لو أنهما من كوكبين مختلفين ، رغم أنهما يعيشان في نفس المدينة والاختلاف فقط بين حي شعبي و حي الأثرياء.

ـ مأخذ آخر هو الربط التقليدي بين الفقر والجهل حيث يصور ” غالي الشاب الفقير” بأنه غير مُلم بالمهارات الأساسية مثل التوقيع باسمه على ورقة.

بطاقة العمل

تأليف: محمد سليمان عبد المالك

أشرف على كتابة النسخة السورية: شادي كيوان

إخراج: محمود عبدالتواب

للمنتج: محمد مشيش

الموسيقى التصويرية: ريان الهبر

عدد الحلقات: 15

تصنيفه: لايت كوميدي

تمثيل: فايا يونان. ايهاب شعبان. فادي صبيح.

       عدنان أبو الشامات. مازن عباس.

       مصطفى المطفى. جيانا عنيد…

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة