جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمبدعونالمايسترو مؤيد الخالدي: الموسيقا العربية بالنسبة لي هي أهم موسيقا في العالم

المايسترو مؤيد الخالدي: الموسيقا العربية بالنسبة لي هي أهم موسيقا في العالم

الجمهور السوري ذواق ويمتلك أذناً موسيقية رائعة

 

المايسترو مؤيد الخالدي فنان سوري، قائد أوركسترا وملحن، حمل فنه في قلبه وجال به في مختلف أنحاء العالم.

 “كان عمري ثلاث سنوات ونصف عندما شعر والداي أن لدي أذنا موسيقية جيدة، كنت أردد بعض الأغاني الصعبة وأضرب إيقاعها بشكل صحيح على الطاولة”..

 هكذا بدأ المايسترو الخالدي حديثه مع “فن وناس” عن موهبته التي ظهرت باكراً، ويقول: «الإيقاع الصحيح والأذن الموسيقية هما البذرة أو البداية الجيدة للموسيقي، ولازالت حتى اليوم عندما أستمع إلى الموسيقا من أي مكان في العالم أستطيع تحويلها إلى نوطة موسيقية، يعود الفضل في تكوين شخصيتي الموسيقية إلى عاملين، الأول هو المربي والفنان الكبير الموسيقي بليغ سويد الذي احتضن موهبتي وأشرف على تعليمي بشكل جيد والذي لا أنسى فضله، والثاني هو الاستماع إلى الراديو ولاسيما الموسيقا العربية الأصيلة منذ الطفولة، فتكونت شخصيتي الموسيقية من الداخل بالاستماع إلى عمالقة الزمن الجميل فيروز، عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وغيرهم الذين أحفظ أغنياتهم أكثر مما احفظ اسمي».

تعزيز الموهبة أكاديمياً

درس المايسترو الخالدي وتخرج من الاتحاد السوفييتي عام 1988 باختصاص قيادة الأوركسترا والتأليف، وعن ذلك يقول: «إن الموسيقا العربية بالنسبة لي أهم من كل موسيقا العالم، تأثرت بالموسيقا الروسية التي تحمل عظمة الشعب الروسي، تاريخه، عاداته وتقاليده وكنت الطالب الأجنبي الوحيد في الصف لكن الجميع اعتقد بأني روسي الجنسية، شاركت في الحفلات الموسيقية الخاصة في بعض القرى والأماكن البعيدة وفي المناسبات الوطنية، وفي بعض مؤلفاتي الموسيقية اتضح لي أن اللون أو النغم الروسي طاغ نوعاً ما ربما لهذا السبب أعشق الرحابنة فهناك توأمة بين الميلودي الروسي والميلودي الرحباني».

على نار هادئة

عن التأليف الموسيقي يحدثنا المايسترو الخالدي بقوله: «في بداية حياتي الموسيقية كمؤلف ركزت على موضوع التأليف الموسيقي للأطفال وألفت حوالي سبع أغاني بالتعاون مع الشاعر العملاق سليمان العيسى بالإضافة إلى ثلاثة أعمال طربية باللغة العربية الفصحى، وقمت خلال فترة معينة بإعادة توزيع أوبريت “العشرة الطيبة” لسيد درويش، لكن بشكل عام ركزت في مسيرتي على قيادة الأوركسترا لأن كل مجال من مجالات التأليف، العزف، الطرب أو قيادة الأوركسترا يتطلب جهداً كبيراً».

المؤلفة الموسيقية بحسب المايسترو مؤيد الخالدي هي عبارة عن فكرة يضعها في ذهنه ويضيف إليها لمسات مبدئية ثم يتركها قليلاً ويعود إليها مجدداً ليطورها مع التطرق إليها مقطعاً تلو الآخر ثم يتركها مرة أخرى ويستمع إليها في ذهنه إلى أن يعزفها، كي “تنضج على نار هادئة” منعاً لحدوث تضارب بين التيمات أو الأفكار الموسيقية وعندما يستقر فكره بأن هذه المقطوعة تحمل طابعه الخاص يبدأ التوزيع الموسيقي سواءً من ناحية الهارموني أو التوزيع الآلاتي ثم مرحلة التدريب حتى تصل إلى الجمهور بالشكل الجيد.

ويعتبر الخالدي أن على الموسيقي أن يضع الجمهور بالحسبان منذ بزوغ الفكرة الموسيقية لأنه هو الحكم.

فترة ذهبية

عن مشاركته في تأسيس معهد “الأسد” للموسيقا يقول: «شاركت مؤسس المعهد الفنان الكبير بليغ سويد في مرحلة التأسيس وكانت فترة ذهبية جداً، تميز المعهد بأسلوبه الحديث ومنهاجه المتطور والذي حافظ على الأصالة في نفس الوقت، وشكل نواة المعهد العالي للموسيقا، فهناك الكثير من الطلاب الذين تخرجوا منه وأصبحوا أساتذة في المجال الموسيقي، وكانت هذه الفترة بداية النشاط الأكاديمي التعليمي لي بعد عودتي من روسيا، كما أنني حاضرت لمدة سنتين في معهد إعداد المدرسين».

تجربة غنية

تنقل المايسترو الخالدي عبر مسيرته الموسيقية بين عدة دول مما أغنى تجربته الموسيقية، وحول ذلك يقول: «سورية هي بلدي الأم هي الأساس وهي الروح، أحرص على زيارة بلدي في كل عام منذ 1982 وحتى اليوم، ومن خلال تنقلي بين عدة دول، روسيا وسلطنة عمان وكندا.. تشربت فنون هذه البلدان واستطعت تحقيق التوازن في نفسي لأستفيد من الأنماط، الألحان والأساليب الموسيقية الموجودة في كل منها، هذا التنوع الثقافي ترك أثراً كبيراً على تجربتي الموسيقية وتأثرت به رؤيتي اللحنية والفنية التي أبني على أساسها برامج حفلاتي. ففي كل حفل أقدمه على المسرح سواءً دار الأوبرا أو مسارح العالم أضع كل خبرتي وتجاربي سواءً من خلال التسلسل اللحني أو طبيعة الأعمال أو غير ذلك».

الأولى من نوعها

أوركسترا “أندلسيا” هي الأوركسترا الأولى العربية الموجودة في كندا، أسسها المايسترو الخالدي مع الفنان أنس السيد، وتسعى إلى تقديم الموسيقا العربية الراقية منذ عام 2005. يقول عنها: «تضم الأوركسترا في صفوفها عازفين سوريين من أرقى العازفين إلى جانب آخرين من جنسيات مختلفة، أسعى من خلالها إلى تقديم فن للجمهور الكندي والعربي يوضح عظمة وعراقة الموسيقا العربية ويقدم بالشكل الذي يفهم من قبل الأجانب وفي الوقت نفسه يرضي أذواق الجاليات العربية، تحمل الأوركسترا رسالة للعالم الغربي بأن موسيقانا هي الأولى وهي الأفضل واقتراح اسم اندلسيا” الزميل السيد وأيدته لأن الأندلس تاريخياً ترمز للعرب، كما أن هناك جالية كبيرة من المغرب العربي في كندا وبالتالي وجدته مناسباً».

موسيقاه المفضلة

يفضل المايسترو مؤيد الخالدي تقديم الموسيقا الشرقية وبرأيه هي الأقدم والأكثر حضارة من الموسيقا الغربية: «عندما نقدم مزيجا من الموسيقا الشرقية والغربية علينا التأني في انتقاء الأعمال ودراسة الموضوع بشكل جيد ليقدم بالشكل الصحيح ويفهم من الشرقيين والغربيين، وفي حفلات “رحلة مع الأنغام” قمنا بدمج بين الموسيقا “الاسبنيولية” و”العربية” بين آلتي الترومبيت والقانون في أغنية “جنات ع مد النظر” وهي موجودة على يوتيوب».

ثلاث رحلات

عن ثلاثية “رحلة مع الأنغام” يقول: «هي ثلاث رحلات من أجمل الحفلات الموسيقية لأنني أقدمها في وطني وعلى مسرح دار الأوبرا، حاولت أن يكون لكل حفل هوية موسيقية وغنائية معينة تعنى بالفن الجميل والأغاني الأصيلة، دوماً أختار البرنامج بعناية وأضعه ضمن تسلسل لحني متصاعد، التجربة الأولى والثانية كانت مع أوركسترا “دمشق” بإشراف الموسيقي محمد زغلول، وبعض الأغاني وزعها الفنان أحمد رحيم، قدمت في “رحلة مع الأنغام 1” أغان متنوعة منها السوري، المصري، واللبناني.. وآثرت أن أقدم تعزية بالفنانة الأيقونة ميادة بسيليس بشكل موسيقي عبر عزف أغنية “كذبك حلو”، وقدمنا جزءا من “دمي ودموعي وابتسامتي”، وكان فيها تنوع وطرب عبر أغاني أم كلثوم ونجاة الصغيرة ومقطوعة “بلد المحبوب” للفنان محمد عبد الوهاب، إضافةً إلى عمل “درب الخيال” التي أعدنا تثبيتها بعد مرور ثلاثين عاماً.

أما الرحلة الثانية “حليم” انتقيت فيها أغاني الأفلام وبعض الأغاني من حفلاته الكبيرة وخلال التحضير كنت استمع للبرنامج لأكثر من مرة خلال أشهر ثم استمع للأصوات المرشحة للغناء وانتقي الأغنية المناسبة لكل منها، والحفلة الثالثة بعنوان “فريد واسمهان” قدمت فيها الفرح فكان لكل رحلة طابعها وأسلوبها والعمل الخاص عليها».

لمن يستمع مؤيد الخالدي؟

لدى المايسترو قائمة من المطربين يقول عنها: «الأقرب إلى قلبي: فيروز، عبد الحليم حافظ، أم كلثوم، أسمهان، فريد الأطرش، ليلى مراد، صباح فخري، محمد خيري، محمد عبد الوهاب، بكري الكردي، نجيب سراج، فايزة أحمد نجاة، الصغيرة، وديع الصافي، نصري شمس الدين، ملحم بركات، كارم محمود.. وكل فنان عربي قدم شيئا جميلا».

جمهور ذواق

وحول خصوصية الجمهور السوري يرى المايسترو الخالدي أنه الجمهور الأكثر إخافة للناس فيقول: «أحسب حساب الجمهور بشكل دائم في كل حفل أقيمه بأي مكان من العالم لأن عدم الظهور بالشكل اللائق يعني الوصول إلى فشل ذريع، فالجمهور هو الحكم أما بالنسبة للجمهور السوري فهو ذواق يتذوق الفن العربي ويمتلك أذن موسيقية رائعة، يستمع للموسيقا العربية والسورية ويحفظ الأغاني الأصيلة.. والدليل على أننا في نهاية المرحلة الأخيرة من الفن السيء هو أن أغلب الجمهور الذي يحضر الحفلات المقامة بدار الأوبرا هو من فئة الشباب إلى جانب الكبار، ودوماً تنفذ بطاقات حفلاتي خلال 24 ساعة، وعند الوقوف على مسرح دار الأوبرا أشعر بالسعادة لأنني أقف على المسرح الوطني بين أهلي وناسي وأشعر بالانتماء للوطن ولهذا المسرح».

“المايسترو العالمي” هو لقب أطلقه البعض على مؤيد الخالدي، ولكنه يقول: «تختلف تجربتي الموسيقية لأنني أحمل سوريتي في موسيقاي وفي روحي، واعتبر الحكم أو الميزان لنجاح أي عمل أقدمه خارج بلدي سواء في أوروبا أو أميركا الشمالية أو دول عربية أخرى هو سوريتي وانتمائي ومن خلاله أقدم أعمالي لذلك تعتبر تجربتي الموسيقية ناجحة برأي كثيرين، ومن خلال برنامج “يا مال الشام” وهو أول برنامج عربي سوري يقدم كل المواضيع التي تخص الجالية السورية في كندا قدمت فيه كمختص بالفن العربي الراقي الأغاني العربية الأصيلة وكنا نستقبل اتصالات الناس مباشرةً من مقاطعات كندا والولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب استضافة الفنانين الكبار أثناء زيارتهم هناك، ورسالتي من خلاله هي أن الفن العربي هو الأرقى والأجمل».

نذكر أن المايسترو مؤيد الخالدي من مواليد دمشق عام 1963، تخرج من المعهد العربي أو معهد “صلحي الوادي” في سبعينيات القرن الماضي، أسس خلال مسيرته الموسيقية القسم الشرقي وترأس الفرقة الشرقية في المدرسة السلطانية العمانية، وهو عضو في نقابة الفنانين منذ عام 1988 بصفة قائد أوركسترا وملحن.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة