جوى للانتاج الفني
الرئيسيةموسيقاالعلاج بالموسيقى.. بين العلم والفن

العلاج بالموسيقى.. بين العلم والفن

الموسيقى لغة عالمية تتجاوز كل الحواجز الثقافية والاجتماعية، وتأثيرها العميق على النفس لا يقتصر فقط على الترفيه وزيادة الوعي، بل يتجاوز ذلك ليصبح وسيلة فعّالة لتحسين الصحة النفسية والعاطفية.

 في السنوات الأخيرة، تم اعتماد الموسيقى كعلاج مكمّل في العديد من البرامج العلاجية لمواجهة مشاكل نفسية متعددة، مثل التوتر والاكتئاب الحاد والتوحد واضطرابات ما بعد الصدمة والحالات العصبية،

حيث أثبتت الدراسات أن الموسيقى تقلل من إفراز هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر وتزيد من هرمون الدوبامين، المسؤول عن السعادة والاسترخاء وتعديل الحالة المزاجية.

اعتراف قديم

في عام ١٩٥٠، تم في أمريكا تشكيل أول منظمة مهنية كبيرة للمعالجين بالموسيقى، وأصبحت تعرف باسم الرابطة الوطنية للعلاج بالموسيقى. هذا الاعتراف المؤسسي ساهم في تطوير هذا العلم وفي نشر استخدام العلاج بالموسيقى كجزء أساسي من البرامج العلاجية في العالم.

وقد افادت هذه الجمعية بأن الموسيقى تعتبر من العلاجات السريرية وهي مثبتة ومبنية على الأدلة.

على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التعامل مع الموسيقى إلى ما يلي:

تنشيط مناطق في المخ والتأثير على الذكريات والعواطف واتخاذ القرار.

خفض معدل ضربات القلب وضغط الدم.

استرخاء العضلات.

تخفيف التوتر والحالات العصبية.

تعزيز الشعور بالهدوء.

 أساليب العلاج بالموسيقى

 عندما يجد الناس صعوبة في التعبير عن أنفسهم بشكل لفظي، فإنهم قد يظهرون درجة أكبر من الاهتمام والمشاركة في العلاج بالموسيقى مقارنةً بمشاركتهم في أشكال العلاج التقليدية. ولا يحتاج الشخص إلى أي خلفية موسيقية للاستفادة من هذا النهج العلاجي.

 والعلاج بالموسيقى يقسم إلى نوعين رئيسيين:

١- التقنيات التفاعلية: حيث يقوم الشخص بصنع الموسيقى سواءً عن طريق الغناء، العزف، أو التأليف.

 ٢- التقنيات الاستقبالية: والتي تتضمن الاستماع إلى الموسيقى والاستجابة لها، كتحليل كلمات الأغاني أو اللحن أو الرقص على انغام الموسيقى.

غالباً ما يتم الجمع بين هذه التقنيات خلال الجلسات، اذا كان الشخص يستطيع العزف او الغناء حيث تُستخدم كنقطة انطلاق لمناقشة المشاعر والقيم والأهداف.

يمكن أن يتم العلاج بالموسيقى بشكل فردي أو جماعي، ويوفر فرصة فريدة للتعبير عن المشاعر والعمل على التحديات النفسية في بيئة داعمة وغير تقليدية.

أمثلة لحالات مرضية عولجت بالموسيقى

١- الاكتئاب الحاد: هوالشعور بالحزن والخيبة، والانجذاب للعزلة والتخلي عن كل شيء، حتى عن الحياة في المراحل المتطورة.

أجريت دراسة على مرضى يعانون من الاكتئاب الحاد تم فيها استخدام الموسيقى كجزء من برنامج علاجي مدته ١٠ أسابيع، وقد أظهرت النتائج أن المرضى الذين شاركوا في جلسات العلاج بالموسيقى حققوا تحسنًا ملحوظًا في مزاجهم مقارنة بالمرضى الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

٢- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) اجريت دراسة على الجنود العائدين من الحروب و الأفراد الذين تعرضوا لصدمات نفسية، تبين أن الموسيقى ساعدت في تقليل الذكريات السلبية وتحفيز الاسترخاء. وتخفيف واضح في أعراض القلق والكوابيس عند المرضى بعد عدة جلسات من العلاج بالموسيقى.

٣- مرض الزهايمر: استخدمت الموسيقى مع مرضى الزهايمر لتحفيز الذاكرة والمساعدة في تحسين الحالة النفسية. ولاحظ الأطباء أن الموسيقى التي كانت مألوفة للمرضى ساعدت في تحسين تواصلهم مع الآخرين واستجاباتهم العاطفية وكانت  وسيلة للتذكر والتعافي النفسي والجسدي.

٤- مرض التوحد: هو اضطراب عصبي يؤثر على التواصل الاجتماعي والسلوك والقدرة على التعبير.تمت تجربة العلاج بالموسيقى على أطفال يعانون من مرض التوحد حيث تم تعليمهم العزف على عدة آلات موسيقية مثل البيانو أو الغيتار أو الايقاع . فبدأ الأطفال يجدون وسيلة للتعبير عن مشاعرهم، ولوحظ أن مهاراتهم الاجتماعية تتحسن تدريجياً بعد أشهر من العلاج، فأصبحوا أكثر انفتاحاً على التفاعل مع أقرانهم وزادت ثقتهم بأنفسهم.

تأثير أنواع الموسيقى المختلفة

تختلف تأثيرات الموسيقى بناءً على نوعها.

الموسيقى الكلاسيكية مثل أعمال موزارت وبيتهوفن تُظهر تأثيرًا إيجابيًا في تعزيز الهدوء وزيادة التركيز وازالة التوتر.

الموسيقى الحديثة مثل موسيقى البوب والروك فتعتبر محفزة للمشاعر الإيجابية والطاقة وترفع المعنويات وتزيد من الحماس والنشاط.

الموسيقى الشعبية تزيد من شعور الانتماء والفرح والثقة بالنفس وتساهم في تحسين التواصل العاطفي مع الآخرين.

يستخدم العلاج بالموسيقى الآن في العديد من الخطط العلاجية. ويتم توجيه المرضى لاختيار الموسيقى التي تعبر عن مشاعرهم وتتيح لهم فرصة التعبير عن أنفسهم بشكل غير لفظي.

في بعض الأحيان، يتم تشجيعهم على المشاركة في صنع الموسيقى من خلال العزف على الآلات أو الغناء، مما يعزز لديهم الشعور بالتحكم في تفريغ المشاعر والأحاسيس وتحسين الحالة النفسية.

الموسيقى فن وابداع وترفيه ورسالة سامية وهي أيضا أداة علاجية فعّالة قد تكون الوسيلة التي تحتاجها لتحقيق توازن أفضل في حياتك. واستكشاف أنواع الموسيقى التي تناسبك قد يكون الخطوة الأولى نحو صحة نفسية أفضل.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة