جوى للانتاج الفني
الرئيسيةفي الصالاتأفلام قصيرة لطلاب المعهد العالي للفنون السينمائية.. الشغف والرغبة حيث يُمكن البناء...

أفلام قصيرة لطلاب المعهد العالي للفنون السينمائية.. الشغف والرغبة حيث يُمكن البناء عليهما

تساؤلاتٌ كثيرةٌ عادت إلى الأذهان مع دعوة المعهد العالي للفنون السينمائية حضور عرض مجموعة أفلام قصيرة لطلاب السنة الثالثة في قسم الإخراج السينمائي، في مقدمتها بالطبع الإضافة التي يُفترض أن تُحققها الدراسة الأكاديمية المحليّة بما فيها من مناهج وكوادر وإعداد للمُنتَج السينمائي السوري لاحقاً، ولا سيما بعد أعوام على إطلاق المؤسسة العامة للسينما “دبلوم العلوم السينمائية وفنونها” إلى جانب مشروعها لدعم سينما الشباب بالميزانيات والتجهيزات والمعدات، دون أي يكون لأيٍّ منهما صدى يُذكر عند الجمهور، بحيث بات جليّاً إن الدراسة الأكاديمية على أهميتها لرفد السينما بدماءٍ جديدة، كأيّ فنٍ آخر، ليست هي المطلب الأول لتحريك المشهد وتجاوز إشكالاته، وعلى رأسها اللون الواحد لكثيرٍ من الأفلام، ومن ثم قلّة الإنتاج واقتصاره على مجموعة أسماء وطروحات.


في مجموعة الأفلام التي عُرضت في دار الأوبرا قبل بضعة أيام، بدا واضحاً حجم الجهد المبذول لوضع الشغف والرغبة في مكانٍ يُمكن البناء عليه، فما قدمه الطلاب على تنوعه وتباين نضجه فنياً وفكرياً، لافتٌ فعلاً، بل ومُبشرٌ أيضاً، بإمكانية الذهاب نحو ما هو أكثر اكتمالاً وجرأةً وجدلاً، بدءاً من تعاونهم الجماعي في مختلف المهام المطلوبة لانجاز فيلم “برتقالة” كتحية لروح المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد، والمُستوحى من أفلامه، وصولاً إلى أفلامهم الخاصة، والتي يصعب وضعها في إطارٍ واحد، ففي حين ينحو البعض نحو الرمزية، يلتفت آخرون نحو الحكاية بشكلها التقليدي المُحبب، كذلك ينسحب الأمر على بعض المواضيع القريبة مما شاهدناه سابقاً، مقابل جدةٍ وفرادةٍ ظاهرتين أيضاً.

الفنانة سارة بركة – مشهد من فيلم “برتقالة”

من بين الأفلام الثمانية للطلاب، يبرز فيلم “711” لـ عبد الرحمن ياسين، رغم أن الفكرة التي تجد فيها فتاة مُلتزمة نفسها، مضطرة لممارسة عمل غير لائق لإجراء عملية جراحية لوالدتها، وما يجره عليها ذلك من إحساس بالذنب، ليست جديدة، لكن المخرج الشاب يبرع في التعاطي مع الجزئيات والتفاصيل بشكلٍ احترافي، من ذلك مثلاً علامات الحيرة والقلق على وجه الفتاة بموازاة الأحداث، بحيث أنها لا تبتسم إلا مع سماع صوت والدتها معافاة، كذلك المهابة التي تلف أمكنة العبادة وحلقات الذكر، وما تستوجب من التزامٍ يجعل إفساح المجال للآخرين واجباً، مُضافاً إليها الموسيقا التي أعطت الفيلم حيوية وحراكاً، عدا عن أن التساؤلات التي يطرحها الفيلم في البحث عن المغفرة وتقييم الأخطاء في الظروف الحرجة، قابلة للإسقاط والتأويل.

مشهد من فيلم 711

في أفلام “بارانويا” لـ عمار حلاق، “لوب في بلدي” لـ حسام سكاف، “رحلة إلى الماضي” لـ ياسمين حسين، “، مجموعة أفكار لافتة فيها شيء من الغموض والتعقيد، اللذين يجعلانها خارجة عن المألوف نوعاً ما، وإن كان يعوزها مزيد من الاشتغالٌ، حتى لا يخرج الجمهور بشيء من عدم الفهم، بينما يمكن القول إن أفلام “المعاش” لـ عبد اللطيف كنعان، “عرض قلماً” لـ نيرفانا داوود، “ذكريات في الظل” لـ سهى عزي، تجارب تُغري بترقب المزيد من أصحابها، وتُؤسس لمشاريع فيها من التميّز والإبداع الكثير.

التفاوت في مستوى الأفلام، إذا ما كان معيار النجاح تفاعل الجمهور، يعود كما يتحدث عميد المعهد العالي للفنون السينمائية، المخرج باسل الخطيب إلى عوامل عدة منها مواضيع الأفلام واسلوب معالجتها بالإضافة إلى الفارق بين أعمار الطلاب، بالتالي الفروقات في الخبرة الحياتية والعملية، حيث أن بعض طلاب هذه الدفعة كان لديه خبرة سابقة بالعمل السينمائي، مضيفاً لـ “فن وناس”: “عند تأسيس المعهد قبل ثلاث سنوات، كان شرط العمر المطلوب للانتساب مفتوحاً، رغبة منا بافساح المجال لأكبر عدد ممكن من الطلاب الراغبين بالدراسة في المعهد، ومع ذلك ننحاز لحالة التنوع والتباين. الإختلاف بالمستويات يشكل حالة طبيعية وسوف يكرس بالتالي حالة من التنافس المطلوب لتقديم الأفضل مستقبلاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطلاب واجهوا تحديات صعبة لانجازمشاريعهم أهمها تأمين انتاج هذه المشاريع، وهذا أمر يجب أن يستعدوا له في حياتهم العملية بعد التخرج “.

ولو عدنا إلى ما بدأنا به في الكلام عن الدراسة الأكاديمية، فلا شك إن تقييم نتاجات الطلاب، يعني حكماً مبكراً على تحقيق المعهد للغاية التي أُنشِأ من أجلها، واستشرافاً مبدئياً للاتجاهات التي سنراها إذا ما قُدّر لخريجي العام القادم العمل، وتجاوز الصعوبات التي سوف تواجههم. ويشير باسل الخطيب إلى أن تجربة المعهد لا تزال حديثة وفي طور التأسيس، لكنه يحاول مع المعنيين تقديم كل يُمكن، إلا أن المشكلة الرئيسية تتعلق بالتمويل والدعم والمعدات، يشرح أيضاً: “المعهد غير قادر بواقعه وموازنته الحالية على تمويل أفلام الطلاب، نأمل أن يكون الوضع مختلفاً في المستقبل، بكل الأحوال يتوجب على الطلاب أن يحملوا مشاريعهم ويحاربوا في سبيل إنجازها ، لذلك كانت هذه الأفلام بمثابة اختبار لإمكانياتهم وقدراتهم في الدفاع عما يريدون وإقناع الآخرين به، وكما هو معروف، المخرج بالإضافة إلى الدراسة الأكاديمية يحتاج اجتهاداً شخصياً، يجب أن يعيش حالة شغف وقلق دائمين ليقدم مُنتجاً مختلفاً ومتميزاً، والمعهد بدوره يوفر للطلاب المعارف الأكاديمية والخبرات العملية الممكنة لصقل امكانياتهم ومواهبهم، وأعتقد أن التجارب التي نقدمها اليوم مرضية وواعدة إلى حد كبير..”

 

 

 

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة