جوى للانتاج الفني
الرئيسيةأيقونةأبو رشدي وحرامي كوكش.. دراما مجددة في زمنها أثارت اهتماما وجدلا استمرا...

أبو رشدي وحرامي كوكش.. دراما مجددة في زمنها أثارت اهتماما وجدلا استمرا طويلا، فاستحق العمل كتابي شكر وتنبيه

بحكم ضعف الإرث السينمائي، اتجهت الدراما التلفزيونية السورية في بدايتها إلى العروض والنصوص المسرحية، فأول عمل درامي سوري عرض على الشاشة عام 1960 كان تمثيلية (ثمن الحرية)، وقد قام بإخراجها (عادل خياطة) عن نص ل (عمانوئيل روبلس) أعده (زهير براق) وأدى الأدوار الأساسية فيها: (نهاد قلعي وطلحت حمدي وعبد الرحمن آل رشي ونزار شرابي وفاطمة الزين وأولكا غنوم وثراء دبسي ونزار شرابي وعدنان عجلوني). وكان سبق وأن قدمت كعرض مسرحي على مسرح سينما (فريال) بدمشق، وفي مدينة تلكلخ وكانت مدتها ساعتان ونصف كما قدمت على مسرح (الأزبكية) في القاهرة وعلى مسرح دمشق الدولي. وبسبب التفاصيل أنفة الذكر، اعتبر بعضهم (ثمن الحرية) عملا مسرحيا قدم على شاشة التلفزيون وليس عملا دراميا تلفزيونيا خالصا. ومن ثم اتجهت الدراما التلفزيونية السورية إلى النصوص المسرحية بدل العروض فقدمت أعمالا مأخوذة عن نصوص مسرحية أجنبية مثل (بيت الدمية – إبسن)، (العادلون – ألبير كامو)، (خانكا – تشيخوف)، (تاجر البدقية – شكسبير). وفي العام التالي: (البغي الفاضلة – سارتر)، (خبز الآخرين – تورجنيف)، (غناء البجعة، والدب – تشيخوف)، (الزهر على الدم – برانديلو)، (البخيل- موليير). وتقاسم مخرجو هذه الأعمال مع عدد من الكتاب المحلين إعداد تلك النصوص المترجمة إلى العربية.

 كانت الدراما الإذاعية (الأكثر تجذراً) المصدر الثاني للدراما التلفزيونية السورية الوليدة. وكان أمام رواد العمل التلفزيوني الإرث الثري للقصاص الشعبي (حكمت محسن) المعروف باسم (أبو رشدي) فأخرج (رياض ديار بكرلي) عن نصوصه بعد عودته من ألمانيا عام 1962(الأستاذ ترلم). وفي العام ذاته أخرج (نزار شرابي) تمثيليتة (نهاية سكير). وأخرج (جميل ولاية) سلسلة غنائية تلفزيونية من أعماله في سبع حلقات تحت عنوان (نهوند).

حكمت محسن\ أبو رشدي أبو الدراما التلفزيونية السورية وجذرها

 كان التوجه لنصوص (حكمت محسن) توجهاً نحو جذر ثان للدراما التلفزيونية فيما بقيت النصوص المسرحية (الأجنبية فالمحلية) جذراً أساسيا للدراما التلفزيونية الناشئة إلى سنوات قليلة قادمة. وقد استمر العمل على نصوص حكمت محسن حتى عام 1967 حين أخرج (علاء الدين كوكش) عمله الدرامي: (من أرشيف أبي رشدي) عن نصوص قام بإعدادها للتلفزيون (زكريا تامر). غير أن العمل الأهم الذي قدمه كوكش لحكمت محسن كان مسلسل (مذكرات حرامي) عام 1969وهو مؤلف من 13 حلقة عن نص سبق تقديمه في الإذاعة، وقام كوكش بإعداده للتلفزيون، وإخراجه. أثار مسلسل (مذكرات حرامي) حين عرضه اهتماماً وجدلاً واسعين استمرا أكثر من ثلاثة أشهر بسبب التداخل الذي صنعه المخرج بين الشخصية الحقيقية والشخصية الدرامية، وبين البرنامج (الريبورتاجي) والعمل الدرامي. فقد عمد إلى تكليف مذيع إذاعي قدير (فؤاد شحادة) بإجراء لقاء تلفزيوني طويل مع رجل قُدِّمَ على أنه رئيس العصابة الذي حكى عنه (حكمت محسن)، وقد اختار المخرج رجلاً غير معروف في الوسط الفني أسمه (فريد راضي) وصُنّع له ملف سجين محكوم، وكانت إصابة في عينه تعزز الصورة التي قُدم بها ، في الوقت ذاته كان الممثل (عبد الرحمن أل رشي) يؤدي دور رئيس العصابة في المشاهد الدرامية للمسلسل، وقد بلغ التشويق قمته مع الحلقة الأخيرة للمسلسل حين أعلن (فريد راضي) أنه ليس أكثر من مجرد رجل أختاره المخرج ليؤدي دور شخصية رئيس العصابة وأن لا علاقة له بشخصية اللص الحقيقي، وطلب من المذيع (فؤاد شحادة) تأكيد صحة أقواله، فأفتعل الأخير الارتباك وعاد ليقرأ بعض ما جاء في ملف السجين المفبرك فما كان من (فريد راضي) إلا أن سحب الملف بعنف وقام بتمزيقه لاعناً التلفزيون والساعة التي رضي بها أن يقوم بهذا الدور الذي تسبب له بكثير من الأذى في مجتمعه، ثم انسحب من الأستوديو ساخطاً ليحل السواد على الشاشة لمدة عشرين ثانية قبل أن تظهر شارة المسلسل. وليظل السؤال معلقا بين جمهور حائر صدق أن (فريد راضي) هو زعيم عصابة، وحمهور عارف بأنه مجرد ممثل لهذا الدور، وقد زاد من التباس الأمر عند بعض المشاهدين أن بعض السجناء الحقيقيين الذي تحدثوا في (ريبورتاج) تلفزيوني ضمن المسلسل صور داخل السجن قد تحدثوا عن معرفتهم باللص خلال وجوده في السجن!!

الممثل عبد الرحمن آل رشي

في واقع الحال كان (فريد راضي) مجرد كومبارس ظهر في مشهد عابر في مسلسل سابق ووجد فيه علاء الدين كوكش الحالة التي يريدها، مراهناً على أن الجمهور لن يذكر حضوره ذاك. أما الالتباس الذي حدث في (ريبورتاج) السجناء – كما أخبرني المرحوم علاء الدين كوكش بعد أكثر من أربعين عاماً على عرض المسلسل – فمرده أن أحد المشاركين فيه كان معروفاً من السجناء لكونه أمضى فترة قصيرة بالسجن بحكم قضائي على جنحة صغيرة مما خلق هذا الالتباس عندهم.

الممثل علاء كوكش
الممثل علاء كوكش

كان مسلسل (مذكرات حرامي) مغامرة إخراجية جريئة، وحالة غير مسبوقة في الدراما التلفزيونية العربية، وضعت المشاهد في أجواء (تلفزيون الواقع) قبل سنوات كثيرة من معرفته به. والطريف في الأمر أن الحلقة الأخيرة منه – وبسبب ضيق الوقت – عُرضت دون أن تشاهدها لجنة الرقابة التي كان يرأسها (زكريا تامر)، فوجه المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون (عطية الجودة) كتاب تنبيه إلى المخرج لتجاوزه الأنظمة، وفي الوقت ذاته وجه له كتاب شكر على نجاحه في صنع مسلسل شد المشاهدين.

 

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة