جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنجم وناسميسون أبو أسعد: لــم أضطــر لأي تنازل قاهر ..

ميسون أبو أسعد: لــم أضطــر لأي تنازل قاهر ..

أحمد السح

لا يمكن لمن يراها، في الحقيقة أو على الشاشة، إلا أن تلفته عيناها ليس لجمالهما فحسب،
بل لأنهما مرتكز أساسي في أدائها الدرامي الذي عمدت فيه إلى الكثير من الاشتغال على الفرادة في مشوار يتصف بالغنى والتميز. ميسون أبو أسعد ضيفة «فن وناس» أهلاً وسهلاً بك.

– لدى كل إنسان صورة في ذاكرته دفعته إلى اختيار مهنته، هل تذكرين دافعك للتمثيل؟

هل تصدق أنني أجري جرداً سنوياً ككل عام، كما أن عيد ميلادي كان قبل عدة أيام،
فكلما كبرت عاماً وكبرت تجربتك أكثر تعود إلى هذا السؤال،
فاكتشفت أن الممثل يعرف الإجابة كلما كبر، وليس حينما يدخل المعهد (العالي للفنون المسرحية) مثلاً،
فيسألك الناس لماذا اخترت هذا العمل!!
مع أنني ومنذ الصف التاسع كنت قد قررت أنني أريد دخول المعهد العالي للفنون المسرحية،
وكنت واضحة مع نفسي كثيراً، ولكن لو سألتني حينها لماذا، لما عرفت كيف أجيبك، أنا الآن أعرف لماذا،
لأنني بت أستمتع أكثر بهذه المهنة،
وما أريد قوله أنني لا أحب تسميتها مهنة، ولا أريد أن افهم أنني مثالية أكثر من اللازم،
فهي في النهاية مهنتنا، وهي مصدر عيشنا ولكن دعني أسمها المجال،
وهذا المجال إذا ما ذهبت إلى ما وراء المكتوب أو ما وراء المطروح عليك،
إذا حاولت استكشاف ذاتك من خلاله تصير قيمته أكبر بكثير من كلمة تمثيل،
فأنا الآن أستمتع بمجال التمثيل لأنه يدفعني لاستخدام ذهني للأقصى،
وكل ما تعلمته إلى الأقصى وأية تجربة تمر أراها كيف تتبلور أمامي وكيف تعمل في ذاكرتي،
أستمتع الآن بكل ما تعلمته، سواء كعلم مباشر أو كتجربة في الحياة،
حيث أنني تابعت دراستي بعد فترة معينة، فالهدف كيف يظهر كل هذا ولكن بعفوية،
العفوية التي يكون وراءها ما قصدت القيام به وهو ليس عفوياً على الإطلاق فكيف توصل هذا الدور أو تفاصيله بعفوية، في هذه المرحلة هذا هو جوابي.

ميسون-ابو-اسعد
ميسون-ابو-اسعد

– ما بين بدء لمعان نجوميتك في عام 2009 واليوم، تغيرت الشروط الفنية والإنتاجية في الفن عموماً، هل تجدين التغير سلبياً؟

هناك أشياء تذهب للسلبية وأخرى تذهب للإيجابية، ففي الحياة عموماً حسب رأيي لا شيء سلبي بالمطلق ولا إيجابي بالمطلق،
فنحن غالباً لدينا حنين وخاصة بعد ظروف الحرب لأنها تحدث تغييراً مفاجئاً وليس تغييراً تراكمياً كما هي طبيعة الحياة، فيزداد حنينك أكثر،
ولكن بالمطلق أي شيء أواجهه في حياتي أحاول رؤية وجهيه،
وفي النهاية على المرء أن يتعايش مع زمنه (الآن.. وهنا) لأنه أهم الأزمنة،
حتى لو كان لديه تحفظات على بعض الأشياء ولكن الأهم أن تكون متجدداً ولا تكتفي بالحنين للماضي فقط.

ميسون-ابو-اسعد
ميسون-ابو-اسعد

– هل من فنانين كانت لهم يد بيضاء في انطلاقتك، طالما أنك كنت تحذرين شقيقتك الفنانة لورا أبو أسعد من التعريف بك في الوسط، كما ذكرت سابقاً؟

نعم في البداية حذرت لورا بعض الشيء ولكن هذا كلام قديم ولقد تحدثت عنه من قبل وقلت إنني كنت أبالغ بالأمر،
ولا يجب أن أكون قد فعلت هذا لأننا موضوعيون ولا نقحم الشخصي بالعملي،
أما عمن أخذ بيدي فقبل فترة تذكرت هذا الأمر: في دفعتي بالمعهد،
بل وبالعموم حتى الآن، فسياسة المعهد ذهبت إلى تربيتنا على الانتقائية والمسؤولية وكان من المكروه أن يقوم طالب المعهد في مرحلة الدراسة بتصوير مسلسل تلفزيوني.
لم يكن الأمر غير مستحب فحسب، بل أنه كان ممنوعاً قانونياً،
وخاصة أستاذتي التي أوجه لها كل محبتي واحترامي واشتيافي في أي مكان كانت فيه، الأستاذة نائلة الأطرش، والتي كانت أيضاً رئيسة قسم التمثيل،
فقد كانت تبغض أن يعمل طالب التمثيل في التلفزيون أثناء الدراسة،
وهذا خوف مشروع جداً وأسبابه معروفة،
بالمقابل جاءتني باستثناء وأنا في السنة الثانية لتصوير أول دور لي في مسلسل «سحر الشرق» ولقد كنت ضيفة فيه ولكنه كان دوراً هاماً وله مكانته ففوجئت أنها ترسل في طلبي،
وطبعاً كانت قد قرأت الدور، والنص لسيناريست مهمة جداً هي أمل حنا،
ولكنها حملتني الكثير من الوصايا، وأذكر أنها كانت تثق بي وأنني سأعود إلى دراستي كطالبة لا كمن ظهرت على التلفزيون وظنت بأن النجومية سهلة،
وأنا أعتبرها، في هذا المفصل، أول شخص أخذ بيدي،
وبالتتابع يوجد كثر فقانون الحياة أنك لن تكون لوحدك وهي أدوار أحدثت نقلات متعددة حتى مسلسل «عن الخوف والعزلة»، فأعتبر أن سيف سبيعي كان ممن أخذوا بيدي ولقد سألته حينها حول أننا (نجوم العمل) نحظى بنفس حجم الأدوار،
فأجابني أنني ممثلة موهوبة وأدواتي تتطور،
وبالفعل قدم لي دور بسمة مدخلاً إلى  بيوت الناس، مثما أدخلني مسلسل «باب الحارة» للعالم العربي،
دائماً هناك من يأخذ بيدك في طريقك فلا أنسى الملكة منى واصف أو الأستاذ سلوم حداد وخاصة من هم من هذا الجيل، وطبعاً لا تخلو الحياة من الداعمين والمحبين.

ـــ من يراقب مسيرتك الفنية يلاحظ فيها تنوعاً في الشخصيات وحتى في بيئتها وسلوكها وزمنها، هل كان حظاً أم انتقاء مدروساً؟ مثل (حرائر، فنجان الدم، أراوح عارية) وكأنك لم تتبعي طريقة (الانتشار ثم الاختيار) وهي مشروعة بالطبع؟.

لم أتبع طريقة الانتشار ومن ثم الاختيار، وخاصة حادثة عملي لأول مرة وأنا في المعهد ثبتت عندي ما تربينا عليه من انتقائية ومثلي كثيرون من هذا الجيل،
فأنا أتبع طريقة الاختيار ثم الاختيار منذ البداية، ثم الانتشار لاحقاً،
فمن المستحيل أن ينجح الإنسان في شيء لا يشبهه وهو غير مقتنع به،
كما أنني أتحفظ على كلمة حظ، ليس لأنني أنفي وجوده ولكن إن حدث وحالفك الحظ مرة فماذا عن الاستمرارية!
فهل يضمن الحظ لك أن تبقى ممثلاً حتى آخر يوم في حياتك،
لا أظن ذلك، أو أن الأمر لا ينجح معي، لا أظن ذلك، قد يحالفك الحظ لمرة واحدة.

ميسون-ابو-اسعد
ميسون-ابو-اسعد

– لديك شقيق توأم، ماذا تتحدثين عن خصوصية هذه الحالة؟

هذه التجربة تزداد فرادة في حياتي، وتجعلني أحس أكثر بنعمة وجود هذا الصديق،
في بطن أمي كنا معاً ودخلنا المدرسة معاً، وأنا أثبت له أن التواصل بين الناس هو حقيقة،
بينما يميل هو أكثر للعلوم والفيزياء..
أحياناً وأثناء التصوير يحدث أن أقرر التواصل معه،
وفي كل مرة، تقريباً، أجده يريد مراسلتي والتواصل معي في اللحظة نفسها،
فبات مؤخراً يقول لي «إنك تقنعينني بهذه النظريات التي لم تكن مثبتة لدي»،
إنها نعمة كبيرة، وهي متعة في التواصل لا متعة بعدها،
فهو أخي من لحمي ودمي وصديقي في الوقت نفسه، بالفعل التواصل بيننا عال جداً،
وعلاقتي بأصدقائي الشباب، فيها أخوة، انطلاقاً من علاقتي بأخي التوأم،
وكذلك صداقاتي مع النساء، فالصداقة بالنسبة لي هي أمر مقدس، ولكنني أتحدث بهذا الشق لأنه خاص جداً مع الشباب.

–  وخصوصية العائلة التي تنتمين إليها وخاصة إنها من حيث العدد (ستة أشقاء) تتقاطع كثيراً مع كثير من العائلات السورية؟

طبعاً كان هناك تأثير كبير وعميق جداً، فأمي عاشقة للعلم ولم تسمح ظروفها لها أن تصل للمكان الذي تحبه،
وهي إنسانة ذكية ولديها قدرات عالية،
لذا كانت تصر على تحصيلنا العلمي منذ الطفولة، وأبي أيضاً بحكم موهبته مع أنه لم يكن يلح على ذلك كلامياً،
ولكن كلاهما كرس قيمة كبيرة للعلم في حياتنا،
فهما يشبهان جيل الآباء والأمهات الذي كان، فقد كانا يركزان على العلم بالدرجة الأولى.

ميسون-ابو-اسعد
ميسون-ابو-اسعد

– عذراً للمقاطعة ولكن الجمهور، ومن حيث لا يدري، هل شعر أن ميسون تشبهه لأنها ابنة هذه العائلة، مع أن ليس كل الناس يعرفون تفاصيلك العائلية، ولكن هناك ما يتردد بأن ميسون تشبه أخواتنا وبناتنا؟

الحمد لله أنني خارج إطار التصوير ألتقي الناس صدفة، أو حتى على السوشال ميديا،
فأشعر أنني قريبة منهم وأنا ممتنة لهذا، وهذا يشعرني أنه لا يوجد حواجز،
وهذه هي العفوية التي تحدثت عنها، فعندما تنتقل من أدوات المسرح إلى التلفزيون تحاول تكثيف أدواتك،
وحين تغوص في عمل التلفزيون يتماهى معك من يراك عبر هذه الشاشة ويعبر لك عن حبه،
وهذا ما أسعى إليه، العفوية التي تحدثت عنها، فالحمدلله أن هذا يصل.

– ليست أتعاب الفنانين اليوم في أحسن أحوالها وخاصة في سورية، ما نوع الضغوطات التي تفرضها عليك هذه الحال اليوم في اختياراتك الفنية؟

لم أضطر إلى أي تنازل قاهر، وهذا بصراحة شديدة، والأمور غالباً نسبة وتناسب، ولا توجد وصفة واحدة لكل هذا، فلكل عمل ظروفه، وكذلك حسب ظرف الفنان، ظرفه العائلي وظرفه الحياتي.

– بات للشهرة اليوم طرق سهلة وسريعة، ولكن لا يبدو أنك من سالكي هذه الطرق، ما علاقتك مع مفهوم الشهرة؟ ولو وسعنا الأمر بما يتعلق بحضورك على منصات التواصل الاجتماعي كيف تتعاملين معها؟

مفهوم الشهرة بحد ذاته واسع للتحدث به،
وأنا بالنسبة لي صرت متأكدة مليون بالمئة أنني حين دخلت لدراسة التمثيل لم أدخل لأجل الشهرة،
فما أحبه هو آلية العمل بحد ذاتها، وأحب الرحلة للوصول إلى الدور،
وكيفية العمل على سيناريو ما، وأحب كل ما أقوم به أمام الكاميرا،
ولن أدعي أن الشهرة لا تعنيني وليست أمراً هاماً، ولكن على الإنسان أن يعرف أن وضوحه مع نفسه بات أكبر مع تقدم خبرته،
وأنا منذ بدأت لم أدخل لأصير مشهورة، فحين أؤدي دوراً وأشعر أنني وصلت مع شركائي في العمل،
وحين تصلني هذه الطاقة بأن المشهد قد نفذ بشكل صحيح،
حتى لو كنت أصور لمدة ثلاثة عشر ساعة وأكون متعبة، تتجدد طاقتي كالأطفال،
رغم التعب القاهر، مع أن للشهرة جانباً إيجابياً ولكن لا أريد التوسع فيه،
لأنها ليست ما أسعى إليه، وفي الوقت نفسه كثيراً ما أخرج بشكل عفوي،
وأحب شراء أغراضي مثلاً، وبكل صدق أنسى أنني معروفة، وبعدها أتساءل إذا ما التقط أحد ما صورة معي فكيف ستكون الصورة،
وهذا جانب صعب في هذا الموضوع، واليوم في عصر الشهرة،
هذه شهرة من نوع مرضي، ولكن كما أسلفت فعلينا تقبل العصر وطبيعته، فهو أمر واقع،
فالشهرة لم تعد ترتبط بالممثل أو المغني أو الرياضي أو السياسي،
فكاميرا الهاتف موجودة ومنصات التواصل أيضاً، ولدينا ثقافة التدوين والتأثير التي انتشرت،
وهذه معايير هذا الزمن، ولذا أقول إنه جيد أنني لست مراهقة في هذا الزمن ولكن هذا أمر مفروض وموجود،
أما نحن كممثلين، فقد يتساءل الناس لماذا لا تصير مؤثراً عبر تيكتوك أو يوتيوب، فأنا ضد هذا مئة بالمئة.

– هل تفكرين باستثمار شهرتك، التي جاءت من جهد وتعب، عبر منصات التواصل الاجتماعي؟

إذا فكرت باستثمار كل ما أنجرته حتى الآن في شهرتي على أي من وسائل التواصل الاجتماعي فسيكون ذلك مدروساً جداً، وسأظهر بكامل قناعتي في أن هذا يشبهني، ولم أتخل عن الكيان الذي حققته ميسون حتى الآن،
وإذا وصلت لنتيجة كهذه فيمكنك أن تراني، ربما عبر بودكاست مثلاً،
ربما لاحقا نفكر بالأمر ولكنني صادقة مع نفسي في هذه الأشياء،
ولو أنني خريجة حديثة من المعهد وعمري 20 سنة ولا يعرفني أحد وليس لدي حضور لدى الناس فقد أفكر بالأمر ولكن السوشال ميديا لم تكن في زمننا

– يشعر المشاهد مع كل شخصية تقدمينها أنه يعرفك ويعرف هذه الشخصية من خلالك، (رهف في الوسم، بسمة في عن الخوف والعزلة، حتى نادية في باب الحارة لم تكن تشبه بقية شخصيات العمل في أدائها مع أنها كانت من بيئة مختلفة) فلا تبدو شخصية من الخيال، وكأن واحدة من أدواتك هي الفهم الواقعي للشخصية والابتعاد عن المبالغة في الأداء؟

المنهج الذي تعملناه في المعهد هو الداخلي، أي أن تعمل على شحن ذاتك من الداخل،
وهذه المدرسة التي أفضلها حتى الآن، ولا أحب المبالغة، فقبل فترة عرضت فيلم «سوريون» لمجموعة من الأصدقاء من خارج الوسط وكنت سعيدة جداً بأنني حصلت على الأثر ذاته،
وهو أن عينيك يا ميسون هي أكثر ما يعبر،
وبالعموم هذا ما أحب الاشتغال عليه حتى لو كنت أريد التنويع على بعض التفصيلات الخارجية فتكون بحدها الأدنى،
وهذا ما يلهمني إياه حدسي وهذا ما تعلمناه بأن نكون صادقين من الداخل،
فهذا هو توجهي الفني وهو ناجح معي ولست أكرره لأنه ناجح فحسب ولكنني أرى أنه في التلفزيون تحديداً ليس كما المسرح،
في المسرح تتعلم كيفية توسيع الأداء لأن شرط المشاهدة مختلف فلديك حوالي 500 متفرج في قاعة صغيرة وإضاءة خاصة وعليك التعامل مع هذا الأمر، في التلفزيون عليك القيام بتصغير هذه التفاصيل أما في السينما فتذهب إلى التفاصيل من مستوى رمشة عين،
وأنا أستمتع بطريقة العمل هذه، حين يصلني دور يتطلب أداء خارجياً خاصاً،
مثل الدور في مسلسل «وراء الشمس»،
حيث كنت ألعب دور أخت الأستاذ بسام كوسا، فهذا دور يحتاج لأداء فن جسدي،
وله مرجعية فإذا لم تقم به فأنت ترتكب خطأ، فعلى سبيل المثال لا الحصر،
أدوار كهذه يجب أن تقدم تفاصيل خارجية كالمشي الخاص مثلاً، في التاريخي عليك الذهاب إلى قوة الكلمة،
أما في الأداء الاجتماعي فحركة العين والشحن الداخلي،
والمهم أن هناك نوعا آخر من العفوية فخلال تجربتك في التلفزيون تكون قادراً على خلق مكانك،
الذي ستعرف من خلاله،
وغالباً حين أقرأ دوراً كأنني أتعرف إلى صديقة جديدة في الحياة وخاصة حين يحدث التناغم من اللحظة الأولى ويكون هذا  أجمل ما في الأمر،
وأحيانا تتأنى بالاشتغال على أدوار معينة كما تتأنى باختيار صداقاتك في الحياة،
فبالنسبة لي إنها تفاصيل ممتعة وهي لعب مع ذاتك أساساً،
وكثيراً ما أبدأ العمل على دور معين بناء على ما وصلت إليه من أداء في العمل السابق،
وبالعموم يمكنني توصيف عملي بأنني أحضّر ولا أحضّر في الوقت نفسه،
فالتحضير لعمل ما جميل، ولكن مع ترك مساحة معينة للعفوية وظروف المكان والتصوير وفريق التصوير والزملاء.

– وماذا عن حضورك في الكوميديا؟

في سلسلة «بقعة ضوء» قلت للمخرج سيف شيخ نجيب، أرسل لي الأدوار الجنونية فلا أريد الرقيقة والناعمة والجميلة، وهناك انفردت بأدوات الخارج لأنه يحتمل ويمكنك أخذ الشخصية إلى هذه المساحة.

– ولكن ما أردته هو أن حضورك في الكوميديا قليل مقارنة بالتراجيديا من حيث الكم على الأقل.

الإنتاج الكوميدي قليل بالمجمل، والأدوار النسائية أقل بكثير مما يكتب للأدوار الرجالية الكوميدية، ما خلا «بقعة ضوء» الذي أفرد مساحة أكبر قليلاً للممثلات.

ميسون-ابو-اسعد
ميسون-ابو-اسعد

– يبدو أن لديك (لا) في اختيارتك الفنية أكثر مما لديك (نعم)، بمعنى أنك انتقائية، فما هي معاييرك الفنية لقبول دور معين؟

لا أعرف لماذا يعمم هذا الأمر، ولكن مثلاً عام 2009 شاركت في خمسة أعمال،
فهل هذا يعني أنني قلت لا؟
ولكن حينها كان هناك فورة في النصوص الجيدة أكثر حتى من هذه الأعمال الخمسة وحين يوجد هذا،
طبعاً ستصير كلمة (لا) أقل.
وهذا ما يحدد أن تقول لا أو نعم،
نعم هناك سنوات قرأت فيها الكثير من الأعمال ولم أقبل أياً منها أو قبلت واحداً فقط.

– عملت في المسرح والسينما والتلفزيون والدوبلاج، ولكل شروطه الفنية والإنتاجية المختلفة، أي نوع تفكرين أكثر قبل اختياره؟

منذ زمن طويل لم أعمل في مجال الدوبلاج، وأنا سعيدة بأن ما قدمناه كان بإخلاص كبير فحتى اليوم هناك من يذكرني بأعمال أديتها في الدوبلاج وهذا يثير استغرابي،
ويشعرني بالسعادة الغامرة، وأيضاً في الإذاعة لم أعمل منذ زمن طويل،
وكممثلة في المسرح فقد عدت إليه في جانب الدراسة حين قمت بدراسة دبلوم الإخراج،
وهذا ما يجعلني أفكر بمقاربة إخراجية للمسرح،
ولكن ما يحدد اختياري بين المسرح والتلفزيون والسينما ليس الشرط الإنتاحي وحده،
ولكن بالنسبة للسينما لدى الممثل السوري نقطة ضعف تجاهها،
وعملنا بأجور أقل بكثير من التلفزيون دون شك، لأنه لا يوجد ممثل ليس لديه هذا الشغف،
وقبل زمني كان هناك نجوم وأساتذة عملوا لأجل السينما لأنها الشغف الحقيقي للممثل.

– من هي المرأة التي تقولين في نفسك أتمنى لو أجد نصاً عن حياتها لألعبه.. شخصية نسائية معروفة في الحياة أو من التاريخ؟

مع أنني أقول أن لا داعي لأن يحلم الممثل بدور معين ولكن سأجيبك بأنني أحب تأدية شخصية زنوبيا،
بأدوات وتقنيات حديثة لإنتاج هذا النوع من الأعمال.

– حين نرصد أعمالك لا نرى أنك تغامرين مع مخرجين جدد، هل تخشين التعامل مع المخرجين أو المخرجات الشباب؟ هل لأنك درست دبلوم الإخراج لاحقاً؟

دبلوم الإخراج الذي درسته هو إخراج مسرحي،
وبالطبع ليس لدي أية مشكلة بل أرغب بذلك لأنني أعرف خلفيات البعض منهم،
والكثير منهم أعرف ما كانوا ينجزونه خلال دراستهم قبل ان يبدؤوا عملهم كمحترفين،
بل أنا مهتمة لأعرف ما الذي اكتسبوه في دراستهم في الخارج،
وكثير منهم من دخل في الحياة العملية وأثبت نفسه، ونحن بحاجة لدماء جديدة، ولست لا أمانع فحسب، بل أتمنى.

– هل حصولك على البطولة في فيلم «سوريون» جعلك من جانب ما محكومة بدور البطولة؟ أم تبحثين عن الدور لا البطولة؟

إذا كنت أرى العمل مهماً فأقبل به حتى لو كنت ضيفة فيه، ولكن لأكون واقعية فالشرط الفني والرؤيا والسيناريو كما كانت في فيلم «سوريون» أو في فيلم «مريم»،
لا تتوقع أن تجد مثلها كثيرا من حيث المستوى، ففي فيلم «سوريون» وصلت إلى دور أيقوني بالنسبة لي،
فحين أشاهده أقول إن كل شيء نفذ كما هو مطلوب، بلا زيادة أو نقصان،
فالتجربة ناضجة فنياً من النص وحتى الرؤيا لدى الأستاذ باسل الخطيب،
فبالنسبة لي هو عمل متكامل وفي كل مكان نعرضه كان مثار إعجاب حتى في بلدان متقدمة في هذه الصناعة أساساً.

– ما هي الأعمال التي توقعت جماهيريتها ولكنها لم تحقق هذه الجماهيرية؟

طبعاً هذا يحدث، ولا يوجد ممثل لم يمر بهذه التجربة، ولا داعي لذكر الأسماء وهذا أمر لا بد أن يحدث،
في إحدى التجارب على سبيل المثال كان النص مذهلاً بالنسبة لي ولكن الإنتاج كان أكثر ضعفاً وهذا ما أدى إلى سقوط المسلسل،
ومن حينها صرت أركز على اسم الشركة الفنية لأنها بأهمية اسم المخرج أو مستواه الفني،
لأن نصاً عظيماً مع إنتاج ضعيف لا يعطي نتيجة.

– علاقتك مع الإعلام حذرة وانتقائية، أم أن الإعلام مقصر تجاهك؟

أعترف أنني المقصرة ولكن بداية ليس هذا إيقاع حياتي في الظهور المتكرر عبر مقابلات وأغلفة مجلات باستمرار،
فمثلاً أنا أصور عملاً تلفزيويناً منذ عام ونصف، ورمضان الفائت لم أظهر،
ولذا يوجد شيء يجب أن نتحدث عنه، أو يوجد موضوع مهم يدفع للظهور،
والكثرة من الظهور بالنسبة لي لا تشبهني.

– أنت تظهرين عبر المنصات، لا عبر القنوات التلفزيونية وهذا ربما ما يثير مسألة عدم ظهورك من قبل متابعي القنوات التلفزيونية

يقال لي الأمر في التعليقات عبر وسائل التواصل، وبالفعل صار هناك شريحتان مختلفتان،
فالكبار في السن ومن ليس لديهم علاقة قوية بالانترنت،
يتساءلون عن غيابي، أما بالنسبة لمن هم في الخارج فهم يرونني لثلاث سنوات متواصلة عبر المنصات،
فالمنصات لم تلغ أهمية المسلسل التلفزيوني، و
في المقابل صار لها شريحة واسعة جداً، وهم يتابعون عبر المنصات فقط،
وبالتالي أنت حاضر عبر التلفزيون وغائب عن المنصة أو بالعكس.

– أنت الآن تقيمين في الإمارات، بعد أن كنت تصورين عملاً في تونس منذ سنة ونصف، فكيف أثر ذلك على حياتك المهنية؟ 

لا يوجد أثر سلبي، الأثر فقط من ناحية بعد المسافة الجغرافية بحيث لم أستطع التنسيق مع الأعمال التي عرضت علي.. مسلسلان وفيلم بين سورية ولبنان، فلو كنت أقرب كان التنسيق سهلاً ولكنني كنت في تونس، وتونس بعيدة يا صديقي أحمد فلو كان الأمر جغرافياً أقرب لتمكنت من التنسيق.

– إذن ليست هنالك عزلة فنية؟

أنا لا أنقطع عن سورية ولو كان هناك إمكانية تنسيق مع أي عمل فأحضر ولا مشكلة في ذلك.

– بين الممثلات وعمليات التجميل علاقة شائكة، من طرف تريد الممثلة أن تبدو في أجمل مظهر ومن طرف آخر قد تخسر تفاصيلها التعبيرية إذا بالغت بذلك، ما علاقتك بعمليات التجميل اليوم أو مستقبلاً؟

ليس لدي وجهة نظر، وأرى أن كلمة عمليات تجميل كبيرة جداً،
برأيي أن هذه التفاصيل التجميلية باتت موجودة في الحياة بشكل طبيعي،
وأعرف أن الممثلة يجب أن تكون حذرة جداً، ربما المرأة التي لا تعمل في مجالنا لديها حرية أكبر في هذا من الممثلة،
فنحن ليس لدينا هذه الحرية، فمسألة التعبير عبر الوجه لا يجب أن تختفي ويجب ألا تضيع الهوية.

– لديك عدد كبير – ما شاء الله – من المتابعين عبر السوشيال ميديا، كيف تتعاملين مع هذا العدد الضخم بكل ما فيه من سلب وإيجاب؟

قلت من قبل أكثر من مرة، حين بدأت الظهور عبر السوشيال ميديا، كنت مضطرة،
لأنني لم أكن أتقبلها ولم أكن أشعر بأهميتها،
إلى أن ظهرة حسابات كثيرة باسمي وبات الصحفيون ينقلون عنها، فوصلت لمرحلة (اعترفي)..
فقمت بتوثيق حساباتي وكنت حذرة جداً،
وكنت أتأثر بتعليقات الناس السلبية،
إلى أن مرت السنون وصار لدي مرونة أكبر مع هذا الموضوع،
إلى أن لاحظت منذ عامين تقريباً وليس عندي فقط، بل عند فنانين كثر،
لاحظت أن الإساءات باتت أقل لأنه لم يعد يتابعك إلا من يحب عملك ويحبك أنت كممثل،
فهو يتابعك لأنه مقتنع بك، فتناقصت هذه السلبية،
بت أرى السوشيال ميديا الآن كالحياة وصارت حقيقية أكثر،
سلبية في الحياة وهناك من هم إيجابيون وهذا تماماً عبر وسائل التواصل الاجتم
مثلاً هناك مجموعة شابات هن معي منذ عشر سنوات أنا لا أعرف من هن شكلاً،
ولكن هن قمن ببث محبة لي على مدى هذه السنوات،
كثيراً ما أكون متضايقة فأجد أدعية مكتوبة لي، إضافة لتصاميم لمسلسلات أنا ربما قد نسيتها،
وكل هذا دون أن تدخل أي منهن إلى المراسلة المباشرة،
قبل عدة أيام في عيد ميلادي مثلاً قمن بتوحيد أغلفة حساباتهن،
لا يمكنني أن أذكر الأسماء لأنني لا أتواصل مباشرة لأعرف إن كن يوافقن على هذا،
ولن أنسى دعمهن عند وفاة أبي رحمه الله، وفي ليلة القدر قمن بتوحيد غلاف الحساب لديهن فقط لأجل دعمي، ومن واجبي شكرهن بحق.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة