منذ أكثر من أربعة عقود، بدأ نوع جديد من الموسيقا بالظهور والتطور وهو موسيقا الألعاب الالكترونية (video game music).
بدأت هذه الموسيقا رحلتها من الأنغام البسيطة في ألعاب الأركيد (Arcade) مثل “سوبر ماريو”، تصبح اليوم علماً بحد ذاته وجزءاً لا يتجزأ من اللعبة ، فهي لم تعد مجرد خلفية صوتية بل اصبحت عنصرًا محوريًا في السرد القصصي وتجربة اللاعبين.
في هذا المقال، سنتناول كيف تطورت موسيقا الألعاب، وكيف تأثرت بشدة بأساليب الموسيقا في هوليوود.
في بدايات الألعاب الإلكترونية، كانت موسيقا الألعاب بالحدود الدنيا لأن القدرات التقنية محدودة وإمكانيات أجهزة اللعب بسيطة.
على سبيل المثال، في لعبة “سوبر ماريو” و”باك مان”، كانت الألحان تقتصر على جمل موسيقية بسيطة تتكرر بشكل متواصل، وتحتوي على المؤثرات الصوتية والايقاعية التي تتماشى مع حركة اللعب للتغطية على ضجيج أجهزة اللعب (Arcade) في ذلك الوقت.
في التسعينيات ومع تقدم التكنولوجيا ، شهدت موسيقا الألعاب تحولًا كبيرًا بفضل زيادة سعة الذاكرة في الأجهزة الإلكترونية والقدرات الصوتية، وأصبح من الممكن دمج مسارات موسيقية كاملة ضمن الألعاب، مما أضاف بُعداً جديداً لتجربة اللاعب.
وكان لموسيقا الأفلام في هوليوود أثر كبير ودور بارز في تشكيل موسيقا الألعاب إن كان في التوزيع أو الألحان بحسب الاحداث والشخصيات في اللعب . ولم تكن الموسيقا في الألعاب مجرد تقليد مباشر لموسيقا الأفلام، بل استفادت من الأساليب السينمائية لخلق تجربة مشهدية فريدة.
مثل لعبة “Final Fantasy” و”the Legend of Zelda” ، حيثن جد موسيقا متفاعلة مع حركة اللاعب ( ludic ) كموسيقا الخطر التي تؤهب اللاعب وتحذره من وحش معين او خطر كبير ممكن ان يكون غير مرئي بالنسبة له في هذه اللحظة، فيُشار اليه من خلال الموسيقا، و ايضا قد تساعد في الإيحاء لحل بعض الألغاز ، او زيادة حماس اللاعب اثناء القتال.
هناك ايضا موسيقا داعمة للسرد القصصي (narrativ) يمكن ان تكون حزينة او فرحة او بطولية لدعم القصة التي تتمحور حولها اللعبة حيث تعكس الأجواء وتدعم تطور الأحداث بشكل كبير وأكثر تأثيرا .
وهنا تتعدد الاحتمالات الموسيقية لتنسجم الألحان مع تطورات القصة ولتسهم في إيصال مشاعر معينة وتوجيه اللاعب عبر الأماكن والأحداث..
إضافة إلى استخدام أصوات ديناميكية تتكيف مع تفاعل اللاعب مع العالم الافتراضي المحيط،
فتساهم الموسيقا في تجسيد الرواية وجعلها مُؤثرة وأكثر واقعية.
هناك أمثلة كثيرة على الألعاب التي اعتمدت موسيقا افلام هوليود مثل ألعاب Rome: Total War (2004) التي استخدمت أسلوباً موسيقياً مستوحى من فيلم Gladiator (2000) لتحديد سياقها التاريخي. وكذلك، لعبة Call of Duty (2003) التي تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية، استٌخدمت أنماط موسيقية مألوفة من سينما الحرب لتعزيز التجربة السينمائية.
وأضيفت في المستوى “Pegasus Bridge Day” موسيقا ملحمية في اللحظات الحاسمة لتفعيل الشعور بالرهبة والعظمة متشبهةً بالأساليب السينمائية.
تأثرت سلسلة ألعاب The Legend of Zelda بأسلوب موسيقا الأفلام الذي استخدمه إريك وولفغانغ كورنجولد في أفلام المغامرات مثل The Sea Hawk (1940) و The Adventures of Robin Hood (1938). من حيث توزيع الآلات والإيقاعات المرافقة، مما خلق صلة بين بطل اللعبة والأبطال السينمائيين في أفلام المغامرات القديمة، وجعل تجربة اللعب ذات طابع سينمائي مميز.
ما يميز موسيقا الألعاب عن الموسيقا السينمائية هو دورها اللعِبِيّ (ludic ) الفريد ، الذي يعتمد على التفاعل المباشر مع اللاعب.
موسيقا الألعاب فن بحد ذاته يعزز من عمق تجربة اللعب ويشكّل تحدّياً في خلق أساليب جديدة من الإبتكار والإبداع
وبذلك تكون موسيقا الألعاب فن بحد ذاته يعزز من عمق تجربة اللعب ويشكّل تحدّياً في خلق أساليب جديدة من الإبتكار والإبداع ، لأنه عنصر أساسي لا غنى عنه في تصميم الألعاب الحديثة.
غادة حرب – مغنية أوبرا ومايسترو