جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمهرجاناتمهرجان الكرامة 14 لأفلام حقوق الإنسان دورة خاصة ــ فلسطين

مهرجان الكرامة 14 لأفلام حقوق الإنسان دورة خاصة ــ فلسطين

عمار أحمد حامد

وجد طاقم عمل فريق مهرجان الكرامة أنفسهم في موقف يستدعي  البدء من جديد بعد عمل استمر قرابة عام ، ففي السابع من تشرين ألأول بدأت حرب ” طوفان الأقصى”. فانشغل العالم العربي والعالم بأكمله بهذه الحرب،
ما العمل! والمهرجان بدايته على الأبواب ،
ولم يبق سوى قرابة شهرين.
فكان الاستنفار داخل إدارة المهرجان لإعادة  هيكلته ..
حذفت أفلام وأضيفت أفلام تتناسب والأحداث الدامية التي تستعر يوما إثر يوم.
وتمت مراسلة ضيوف لم يكونوا في القائمة الأولى، حذفت أسماء ,وأضيفت أسماء.
حتى تم الانتهاء تقريباً من كل شيء. وأٌقيم المهرجان تحت اسم : ” دورة خاصة ـ فلسطين”
بقليل من الجهات  الغربية الداعمة له والتي رافقته على مدى سنوات طويلة،
بسبب هذا الموقف المناصر لغزة.
تقول السيدة سوسن دروزة مدير المهرجان: ” مهرجان الكرامة الـ14 هو نسخة استثنائية مهداة إلى فلسطين غزة،
يعرض فيه 70 فيلما 30 منهم حزمة من أغلام كرامة غزة،  (إضافة الى 25 ضيفًا من السينمائيين والخبراء الحقوقيين من دول عربية وأجنبية)،
لنعلن موقف صناع الأفلام مما يجري فوق أرض غزة،
ولنكشف وهن المنظومة الأخلاقية العالمية وفاشيتها، متبنية في وهنها هذا،
وإدارتها الظهر لأنات الضحايا، تعارضا واضحا ومفضوحا مع مواقف شعوبها وشعوب الأرض قاطبة،
وقد أعلنوها صادحة مطالبين بوقف القتل ومنتصرين للمظلومين”.

اعضاء-مهرجان-الكرامة
اعضاء-مهرجان-الكرامة

ويقول المدير الفني للمهرجان المخرج إيهاب الخطيب “أن تراجيديا القتل الإجرامي لكل ما هو فلسطيني، تجعل أي تظاهرة سينمائية، أو إبداعية ضئيلة أمام قدسية الإنسان”،

وفي بيان المهرجان نقرأ: ” نظرًا للظروف الاستثنائية لهذه الدورة ستقتصر جوائز ريشة كرامة على جائزة الجمهور وجائزة “أنهار/ الشبكة العربية لمهرجانات أفلام حقوق الإنسان”، لأفضل فيلم عن القضية الفلسطينية.

وكان يوم الثلاثاء 5/12 انطلاقة المهرجان بنسخته الرابعة عشر، والاستثنائية. والذي استمر حتى الثاني عشر منه. حيث أقيمت جميع العروض والندوات في المركز الثقافي الملكي.

كان الافتتاح بسيطاً كما ختامه. لكنه كان ثرياً بالأفلام التي عرضت، والندوات الثلاث التي أقيمت فيه. أهمها ندوة” التدخل الفني في أوقات الحروب والأزمات” وندوة “السينما اللاجئة” وهي الأهم.

من وجهة نظر شخصية أرى أن تسمية ندوة بــ “التدخل الفني….”
يجعلك تستذكر التدخلات في الحالات الطارئة لقوات عسكرية، أو لفرق طبية، أو تدخل الطوارئ الذي يأتي بأمر من الجهة التي تتبع لها الفرق التي تدخلت.
أما في الفن فالأمر لا يحتاج إلى ” تدخل” من أصحاب الفن قدر ما يحتاج إلى ضمير صاح من الفن وأهله  ليعبروا عن مواقفهم تجاه بلدانهم.
وهذا ما بدى إشكالياً في كثير من الآراء التي قُدمت.
فمنهم من رأى أن الفنان ليس عليه أن يعبر عن موقفه،
مثلاً، تجاه ما يحدث في غزة، ولا أحد يطالبه بذلك، ومنهم من رأى أن الفنان محكوم بالجهة  الفنية التي تدعمه، والتي يمكن أن تنهي حياته الفنية إذا ما عبر عن موقفه الصادق،
فلذلك ساد الصمت بين الفنانين العرب، لأنهم مرتهنون بأصحاب المال الذي يقدمونه إليهم.

” الفن للفن” فقط. هذا ما قالته إحدى المتحدثات في الندوة،
التي تم تقديمها على أنها الشاعرة والكاتبة ” جمانة مصطفى”. التي قالت أيضاً إن الفنان  ليس عليه ان يكون ملتزماً تجاه قضية بلده.
وهناك ما يسمى ” الفن للفن” فقط، كما أردفت.
مشاركون آخرون مثل رسام الكاريكاتير ” لؤي حازم” و الفنان ” مايك برغر”… انصبت  أراءهما  بشكل غير مباشر على  أنه من غير الضرورة أن يكون الفنان ملتزما!!

طبعا هذا الآراء  كان لها وقع سلبي على مسامع الحاضرين منهم كاتب هذا المقال حيث علق قائلاً: ” لم يكن الفن والفنان أبداً مغيبين عما يجري في اوطانهم ومجتمعاتهم ، فهم ضمير مجتمعهم، ”
وتم ذكر أمثلة كثيرة من فنانين كانوا أصحاب قضايا كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ونصير شما، إلخ..”

اما الندوة الهامة الأخرى فكانت ندوة” السينما اللاجئة” حيث أدارت الندوة السيدة مديرة المهرجان “سوسن دروز” ودارت حول السينما التي  تعالج قضايا اللاجئين من شتى ،
وعما إذا كانت قريبة من واقع المهاجرين واللاجئين. و
خلصت  الندوة إلى توصيات عديدة ليتم رفعها إلى الجهات المعنية للعمل على تبني الأهم منها.
وشارك في هذا الندوة صناع أفلام ومنتجين من دول عديدة، إيطاليا، واليونيسيف، والأردن.

يللا غزة:  

هو فيلم الافتتاح ( فلسطين، فرنسا)  إخراج : رولان نوريير.

  فيلم وثائقي يحكي عن غزة تلك الأرض الفلسطينية التي تبلغ مساحتها 40 كم عرضا و 12 كم طولا ويعيش فيها أكثر من مليوني نسمة محاصرين  من قبل إسرائيل منذ عام 2007. وهو من بين 30 فيلماً اختارها المهرجان لتسليط الضوء على نواحٍ متعددة من القضية الفلسطينية من منظور حقوق الإنسان، يبدأ الفيلم بأغنية “يا طير يا طاير على فلسطين، بالخير صبّحها ومسّيها” يبدا بالتراث الفني لغزة وفلسطين، حيث أراد بها التوجه إلى المتفرج الغربي / الأوروبي، ممهدا بها مشاهد تحمل الأمل رغم ويلات الحروب والحصارات التي شهدتها غزة وفلسطين ولاتزال. حيث بقي اللاجئون، مع مرور السنوات، يحلمون بالعودة إلى مدنهم وقراهم ويورثون مفاتيح بيوتهم لأولادهم، في صورة تبعث الأمل لدى الفلسطينيين  رغم تكرار التيمة والصورة. أراد رولاند أن يصوّر آثار الحروب الاسرائيلية السابقة عليها متتبعا حياة البسطاء وسط الخراب، والذين يأملون العيش في سلام كجميع الناس على هذه الأرض. ولم يفت على المخرج أيضاً أن يصور التأخي المسيحي/ الإسلامي في هذه البلدة من خلال علاقة صداقة حميمة تجمع بين  بين مسيحي ومسلم أعمى فنرى الأول يقود صديقه الأعمى إلى المسجد لأداء الصلاة ويظلّ ينتظره حتى ينتهي منها.

من التقى بهم المخرج رولاند في هذا الفيلم الوثائقي والذي أصبحوا “مُعوقين” بسبب جرائم إسرائيل رفعوا دعاوى قضائية إلى ( محكمة العدل الدولية ) للتعويض ، منهم فتاة تمشي برجل واحدة ولم تيأس من المطالبة بتعويضها عن ساقها التي بترت بقصف إسرائيلي، فبدا الحاحها على التعويض كأنّه كشف للجريمة وإن لم يُعترف بها.

وكان الأمل الذي أراد إيصاله المخرج هو بتصوير مجموعة من الشباب وهم يرقصون على أنقاض المنازل المهدمة بفعل القصف الإسرائيلي. يقول المخرج رولاند “إن فلسطين هي أكبر قضيّة ظُلم في العالم”.

فيلم يلا غزة
فيلم يلا غزة

البرج:

 يحمل فيلم البرج(فرنسا)  توقيع مخرجه الفرنسي ” ماتس غرورد” إنتاج عام 2018، وتم عرضه في هذا المهرجان رغم قدمه نسبياً لأنه من الأفلام الهامة التي عالجت حكاية اللجوء الفلسطيني  إلى  مخيم برج البراجنة في لبنان، حيث يتحدث حول نكبة فلسطين  وكيف سحقت الآلة العسكرية القرى الفلسطينية وأمعنت في التطهير العرقي، علما أن وزارة التربية والتعليم الفرنسية منعت، بعد السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عرض الفيلم في مدارس المرحلة الإعدادية في فرنسا في محاولة لإخفاء الحقيقة. لكن الحقيقة لا تُطمس وهاهو الفيلم يعاد تقديمه مرة أخرى  بحضور مخرجه  ليقول أمام الجميع :”  لا للرقابة والمنع على رواية فلسطين.” والفيلم هو فيلم ” تحريك” استمر تصويره قرابة ثمانية أعوام.  ولاقى نجاحات كبيرة أينما عرض، إلى أن جاءت حرب غزة الأخيرة وام إيقاف عرضه في فرسنا وغيرها من الدول الأوروبية.

فيلم-البرج
فيلم-البرج

صارورة Sarura:   

وله عنوان آخر ( صارورة ــ المستقبل غير معروف) وهو إنتاج مشترك ( فلسطين، إيطاليا) حمل اسم المخرج الشاب الإيطالي ( نيكولا زامبيلي)، بعد عشر سنوات من فيلمه الوثائقي الأول حول النضال السلمي في الضفة الغربية، يعود المخرج إلى قرية ” التواني” ويستخدم مواداً أرشيفية عمرها أكثر من خمسة عشر عاماً. حيث يروي كيف كبر الأطفال الذين قابلهم في الفيلم ألأول قبل 15 عاماً، واصبحوا شباباً، حيث شكلوا مع بعضهم مجموعة أطلقوا عليها اسم : ” شباب الصمود”. يحاول هؤلاء الشباب إعادة الحياة في قرية صيرورة، وزراعة أشجار الزيتون، فاستطاعوا بقوتهم وإيمانهم بقضيتهم  تقويض خطط التوسع لحكومة  إسرائيل التي ترغب في إزالة جميع رعاة الماشية في المنطقة.

أنهار
أنهار

 النصف الآخر:

من اليونان يأتي هذا الفيلم الوثائقي بتوقيع مخرجه اليوناني: ” جرجس موتافيس” الذي يوثق فيه هجرة ونزوح الإنسان من موطنه في هذا العالم إلى حياة أفضل، أو مستقبل يحقق لهم أحلامهم التي ماتت في اوطانهم التي غادروها مكرهين، من أفغانستان، وإفريقيا، والكثير من الدول.  يوثق المخرج نزوحهم بدءاً من تركيا التي انطلقوا منها إلى الأرض التي يحلمون بالوصول إليها. يواجهون الكثير من المخاطر أولها المهربون الذين لا يهمهم من سيموت ومن سيحيا في رحلة القارب المطاطي من تركيا إلى اليونان. حيث يجبر هؤلاء المهربون النازحين بعدما أجبروا على ارتداء الكثير من الملابس ، “حتى إذا انقلب القارب بهم لا يستطيعون السباحة لثقل وزن الملابس التي يرتدونها فيموتون غرقى. ” كما قال المخرج متأثرا وهو يروي لنا هذا.

لقد رافق المخرج المهاجرين فهي رحلات الموت هذه. متعمقاً في الخوض بتفاصيل لا يصلها غيره من المخرجين. فخرج بفيلم مؤثر عن معاناة الإنسان في  البحث عن فضاءات مأهولة بالأمل.

الجوائز

 فاز فيلم ” يللا غزة” للمخرج الفرنسي رولاند نورير، بـ”جائزة الجمهور”، وفيلم “صارورة/ المستقبل غير معروف” للمخرج الإيطالي نيكولا زامبيلي، بـ”جائزة أنهار لأفلام حقوق الإنسان”، بعد أن ألغى المهرجان قائمة جوائزه، وخصص برنامج الدورة بالكامل لفلسطين تضامناً مع أهالي قطاع غزة.

انطباعات

تقول الصحفية في جريدة الغد التي تصدر في العاصمة عمان “شروق جعفر طومار” إلى مجلة ” فن وناس”، عن المهرجان ودروها فيه: ” …وجدت نفسي أكثر اهتماماً بالمشاركة والانخراط بالعمل في بعض اللجان .. . من اجل الجهود الرامية إلى توظيف الأفلام الوثائقية والروائية لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية من منظور حقوق الإنسان وتعزيز السردية الفلسطينية في مواجهة رواية العدو.”

 وقالت وزيرة الثقافة، هيفاء النجار، التي حضرت  فعالية اختتام المهرجان، إن الأردن يقف بقوة وعزم وكرامة مع أهالي قطاع غزة ومع الشعب الفلسطيني الصامد، مبينة دور الفن في التعريف بعذابات أهل فلسطين، وتسليط الضوء على معاناتهم اليومية، في ظل تعرض الشعب الفلسطيني للإبادة والهدم من قبل الاحتلال الاسرائيلي الذي يسعى لتدمير كل القيم الانسانية في ظل السكوت الدولي.

  مهرجان الكرامة في دورته الــ14 التي خصصها لفلسطين … كان نقطة هامة ومؤثرة في خارطة المهرجانات السينمائية الاخرى التي اعتبرت الحرب على غزة وإبادة أهلها خبراً ثانياً وعنواناً فرعيا. بينما جعل مهرجان الكرامة الحدث هو الأهم، حتى وإن لم يستطع فيلم أو اغنية أو موسيقى أن توقف الحرب، لكنها تستطيع أن توصل الصوت إلى أهلنا الذين يعانون تحت وابل القصف والتهجير والإبادة

وتبلغهم الرسالة أننا معكم، نشعر بكم، وألمكم هو ألمنا.. لم ولن ننساكم.

لا أعرف أين قرأت جملة في المهرجان أعجبتني أعيد قراءتها هنا: “ها نحن نقف مكسورين أمام غزة، ومندهشين أمام براعة الفلسطيني في الخروج من تحت الركام متمسكا بإنسانيته، ومدافعا عن حقه في الحياة. “

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة