جوى للانتاج الفني
الرئيسيةأيقونةمن يتذكر "صح النوم"؟.. من ينسى "صح النوم"؟!

من يتذكر “صح النوم”؟.. من ينسى “صح النوم”؟!

سحبان عبد ربه

“إذا أردنا أن نعرف “…

أغلبكم يستطيع إكمال هذه العبارة الشهيرة التي دخلت ذاكرة كل من شاهد المسلسل الخالد “صح النوم” من تأليف الراحل نهاد قلعي، إخراج الراحل خلدون المالح، وبطولة الفنان دريد لحام.

بعد نضج الثنائي دريد ونهاد، والنجاحات المتتالية لأعمالهما،
بدءاً من السهرات التلفزيونية “دريد ونهاد” – المعروفة اليوم باسم “فقاقيع” – مروراً بمسلسل “مقالب غوار” بنسختيه اللبنانية والسورية، وصولًا إلى مسلسل “حمام الهنا”،
قرر كل من الفنان دريد لحام والمخرج خلدون المالح تأسيس شركة شمرا للإنتاج الفني،
وكانت باكورة أعمال الشركة هي مسلسل “صح النوم” الذي دخل ذاكرة الدراما السورية من أوسع أبوابها.

يحكي مسلسل “صح النوم” قصة غوار الطوشة،
موظف في فندق “صح النوم” في حارة “كل مين إيده اله” ومغرم بصاحبة الفندق فطوم حيص بيص،
بدورها فطوم واقعة في غرام الصحفي حسني البوراظان صاحب العبارة الشهيرة “إذا اردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا يجب ان نعرف ماذا في البرازيل”.
هذه المنافسة على كسب قلب المعلمة فطوم تجعل غوار يلجأ إلى كل الوسائل للتخلص من حسني.

كما يشارك الثلاثي مجموعة من الشخصيات الثانوية مثل ياسين بقوش وأبو عنتر والخال أبو رياح وأبو كاسم وأبو كلبشة الذي يمثل رجل الأمن في حارة “كل مين إيده اله”.

شخصية غوار الطوشة كانت معروفة ومحبوبة بين المشاهدين السوريين واللبنانيين من خلال المسلسلات السابقة “حمام الهنا” و”مقالب غوار”.
واشتهر غوار بأنه “أبو المقالب”. وفي مسلسل “صح النوم”،
استمرت الشخصية في النهج نفسه، وكان ضحية مقالبه الصحفي حسني البوراظان.
لم يتردد غوار في توريط حسني في مقالب متنوعة،
بدءا من إجراء عملية جراحية له، إلى التسبب في فقدانه الذاكرة،
وصولاً إلى توريطه في جريمة وإدخاله السجن والتلاعب بالعملة المزورة وغيرها.
وكل ذلك كان من أجل كسب قلب المعلمة فطوم. وعلى الرغم من ذلك كله، لم ينجح غوار في تحقيق هدفه.

المسلسل ـــ في جزئه الأول ــ مؤلف من ١٣ حلقة، وكان يتم تصويره في لبنان.
كانت صناعة هذا العمل رحلة شاقة، ولم تكن حلقات المسلسل مكتوبة سلفا بل كانت تُكتب عند العودة من تصوير الحلقة السابقة وعرضها على شاشة التلفزيون السوري!
وبعد اكتمال كافة حلقات مسلسل “صح النوم” بدأت شركة الإنتاج بتوزيعه على المحطات العربية وحقق نجاحا ملحوظا آنذاك.
ويقول أحد الصحفيين إنه أثناء عرض حلقات المسلسل في لبنان كانت الشوارع فارغة من السيارات والمشاة،
وكان الجميع يتابع عرض المسلسل.
وفي الكويت تم عرض المسلسل مرتين خلال فترة قصيرة جداً،
وقد تم استخدام بعض عبارات المسلسل مثل “إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا” في إعلانات تجارية محلية.

الأول في كل شيء

مسلسل “صح النوم” كان أول عمل تلفزيوني سوري من إنتاج خاص،
وأول مسلسل سوري تم توزيعه عربيا بشكل واسع على مجموعة من القنوات الأرضية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولهذا العمل الفضل الأكبر في إدخال اللهجة السورية إلى المجتمعات العربية،
وهو المسؤول عن وضع الأسس التي وصلت إليها الدراما السورية في الوقت الحالي.
ولفترة طويلة، كان يُطلق على الزائر السوري في بلاد شمال أفريقيا “سائح من بلاد غوار” وذلك بسبب نجاح “صح النوم” غير المسبوق.

كان “صح النوم” أيضًا أول مسلسل يتم إنتاج جزء ثانٍ منه. فنظراً للنجاح الكبير الذي حققه الجزء الأول،
قررت الشركة المنتجة، التي يمثلها الفنان دريد لحام والمخرج خلدون المالح،
إنتاج تكملة للمسلسل.
وفي عام 1972 تم إنتاج سهرة تلفزيونية متممة للمسلسل بعنوان “ملح وسكر”،
ومن ثم تم إنتاج الجزء الثاني من مسلسل “صح النوم”.
ويجب التنويه هنا إلى أن الفنان نهاد قلعي قدم مادة كوميدية اجتماعية ناقدة بعيدة عن التهريج!
وفي الجزء الثاني من مسلسل “صح النوم”، قدم قلعي شخصية “غوار” بشكل مختلف تماماً.

أصبح غوار مصلحا اجتماعيا وشخصا خلوقا بعيدا عن المشاكل والمقالب.
يعمل بجد لإصلاح مجتمع حارة “كل مين ايده اله”.
سرعان ما ينصدم بصعوبة هذه المهمة ويقرر في نهاية المسلسل العودة إلى شخصيته المؤذية صاحبة المشاكل. ومن خلال ذلك، ندرك أن الشخص المؤذي يحظى بالاحترام من حوله وله هيبته، ويخاف الجميع منه.

“صح النوم” هو أول مسلسل سوري يتم تحويله إلى فيلم سينمائي عام 1975،
حيث تم استنساخ أحداث الفيلم بالكامل من قصة المسلسل مع بعض التعديلات في النهاية.

وهو أيضا أول مسلسل سوري يتم إنتاج أسطوانات صوتية لأغانيه الشهيرة جدًا مثل “يامو” و “فطوم فطوم فطومة”، غناء الفنان دريد لحام.

كما أنه أول مسلسل سوري ــــ وربما يكون الأخير ــــ يتم تصنيع مواد دعائية له على غرار الأعمال الفنية العالمية لديزني أو باراماونت أو غيرها.
فقد ظهرت في أسواق دول المشرق العربي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي،
مجموعة منتجات مستوحاة من مسلسل “صح النوم”،
مثل علكة غوار وقبقاب غوار وأقنعة للأطفال بأشكال وجوه غوار وأبو عنتر وحسني البوراظان وياسين بقوش.

ويوجد طرح جدي لتحويل مسلسل “صح النوم” الى عمل رسوم متحركة للأطفال وقد جرت عدة تجارب،
وطرحت عدة أفكار لهذا الغرض.

“خلد كل من شارك فيه”

 
هذا ما قاله أحد النقاد حول شخصيات مسلسل “صح النوم” :

يقول عبد اللطيف فتحي، المعروف بـ “أبو كلبشة”، إنه قضى سنوات طويلة يقدم فيها مسرحا كوميديا في دمشق والمدن السورية.
وعندما قام بدور أبو كلبشة، أصبح أكثر شهرة وأصبح معروفا في الشارع بسبب نجاح هذه الشخصية.
ومن الجدير بالذكر أن شخصية رجل الأمن في الحلقة الأولى من المسلسل أسندت للفنان فهد كعيكاتي المعروف بـ “أبو فهمي”.
ولكن بعد عرض الحلقة الأولى وقبل تصوير الحلقة الثانية،
طلب الفنان فهد كعيكاتي زيادة أجره عن هذا العمل،
ولم تكن شركة الإنتاج قادرة على تلبية هذا الطلب. وبالتالي، تم عرض الدور على الفنان عبد اللطيف فتحي الذي وافق بدون تردد.

اما الفنان ناجي جبر فكان يؤدي دور “القبضاي” على خشبة مسرح شقيقه الفنان محمود جبر.
ولفت انتباه الفنانين نهاد قلعي ودريد لحام، فقررا منحه دورا صغيرا في مسلسل “صح النوم”.
ونظرا لنجاح الشخصية في تنفيذ المقالب مع غوار الطوشة، قرر الفنان نهاد قلعي توسيع مساحة الدور. واستمر نجاح الشخصية إلى حد كبير، حتى أصبحت عبارات أبو عنتر مثل “عرضية” و “ناكتة” و “مالها فكاهة” جزءا من المفردات المعتادة لدى الجيل الشاب.
واستمر الفنان ناجي جبر لأكثر من عشرين سنة في تقديم الشخصية في مختلف الأعمال وأيضا على خشبة المسرح.
وبعض المسرحيات استندت إلى نفس الشخصية،
مثل “إعلانات أبو عنتر” على سبيل المثال.
والأمر نفسه ينطبق على الفنان ياسين بقوش الذي شكل ثنائيا جديدا مع الفنان ناجي جبر (أبو عنتر وياسين) في مسلسل “تلفزيون المرح” عام 1981،
بالإضافة إلى مجموعة من اللوحات الكوميدية التي أنتجها التلفزيون السوري.

حتى أن شركة شمرا للإنتاج استثمرت هذه الشخصيات في بقية إنتاجاتها.
حيث ظهرت شخصيات أبو رياح وأبو كاسم وياسين وأبو عنتر نفسها في مسلسل “وادي المسك”.
وأيضاً في مسلسل “وين الغلط” نجد ياسين وأبو عنتر في نفس الشخصيات.

في زمن اليوتيوب والفيسبوك وغيرها من منصات العرض والتواصل الاجتماعي،
لا يزال مسلسل “صح النوم” يحظى بمشاهدات عالية جدا مقارنة بباقي أعمال الأبيض والأسود التي تعود للسبعينيات من القرن الماضي،
والتي على الرغم من توفرها مجانا للمشاهدة على الإنترنت،
إلا أنها لا تحصد سوى عدد قليل جدا من المشاهدات!
ورغم كثافة الإنتاج على ساحة الدراما السورية في العقود الثلاثة الماضية،
يبقى هذا المسلسل من الأيقونات التي ستعيش لسنوات طويلة ويبقى له الفضل الأكبر في انتشار اللهجة السورية في أرجاء الوطن العربي.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة