رواد ابراهيم
مازالت الحكايا المتخيلة تجذب الجمهور وتسحره بما تقدمه من عوالم غريبة، متحررة من قواعد الحياة الواقعية، وهذه الحكايا قد تكون مستمدة من التراث الشعبي وأساطيره،
مع تعديلات تتناسب مع الزمان والمكان المقترحين، بما يسمح بإزالة القيود ويتيح للمؤلف إحداث تغييرات كبيرة تعفيه من الدقة والالتزام بالنص الصلي، وتمكنه من جعل أبطاله خارقين.
وهذا ما اعتمد عليه الكاتبان: عثمان جحا ومؤيد النابلسي في مسلسل العربجي، خصوصاً بعد القبول الجماهيري الذي حظيا به في الجزء الأول.
حكايا العربجي بمجملها مبنية على حبكات متعددة ومتفرقة لا يربط بينها موضوع واحد أو قصة رئيسية.
توليفة أحداث ومواقف تصل إلى ذروة الإحباط ثم يأتي الحل المفاجئ بظهور بطل ( سوبر مان) يجد الحل، تتوالد هذه الأحداث لتشكل سمة المسلسل من بدايته حتى آخر حلقة.
يتجلى ذلك واضحاً في شخصية عبدو العربجي الخارقة التي تتجاوز كل الصفات والقدرات ليتحول إلى قائد يمتلك رؤية استراتيجية وتخطيطاً محكما يتجاوز فيها كل العقبات والمكائد التي تحاك ضده، وفي الوقت نفسه يبدو مصلحاً اجتماعياً ومدافعاً قوياً عن الضعفاء والفقراء.
وفي شخصية بدور الداية (ديما قندلفت): الزينة والنظافة والألق الدائم، والذكاء الخارق الذي يتجاوز زمن الأحداث، كما أنها تبدو مفكرة كبيرة بدقة مؤامراتها وثقتها بنفسها وقدرتها على تنفيذ كل ما تخطط له، كما أنها تتحدث بلغة عالية المستوى في معظم أحاديثها لا تتوافق مع الثقافة السائدة في ذلك الزمن أو حتى في الزمن الحالي، فهي امرأة متوسطة الحال وداية شعبية
ربما هذه لولا المبالغة لبدت الأحداث طبيعية، فقصة العمل قائمة على صراع الخير والشر، والقوي والضعيف. وهذه الفكرة تتكرر دائما في الدراما والسينما.
الديكور والملابس :
الديكور والملابس جزء أساسي في أي عمل فني بل هو الحامل الفني لتقديم المكان المقنع الذي تجري فيه الأحداث، وكان الجهد واضحا في العربجي في تصميم ما يتناسب مع الحكاية إن كان في الساحات وما حوته من اكسسوارات وفي اختيار البيوت، كبيت درية وبيت أبو حمزة وكذلك اختيار الأماكن في الطبيعة ودلالات تلك الأمكنة.
الملابس: لم يكن لها هوية، ومتناقضة الإنتماء ( توليفة) من الشرق والغرب، تظهر بدور وكأنها بطلة في قبيلة غجر أو ريف في أطراف اسكتلندا في عصور ماضية. أما درية وبنت المتصرف وغيرها من النساء، أزياؤهن خليط بين الشرقي والغربي. خليط من الموديلات التي لا تدل على زمان ومكان.
الأداء:
بغض النظر عن الملاحظات التي وردت على النص، فإن أداء الممثلين بإدارة المخرج سيف سبيعي، كان رائعا، خصوصي مع الفنانين المخضرمين: سلوم حداد الذي أدى دوره ببراعة كما عودنا، هذه الشخصية يمكن أن يُكتب عنها صفحات، سلوم حداد يعطي الدور حقه بكل الحالات والظروف.
كذلك باسم ياخور، وديما قندلفت والقديرة نادين خوري، هؤلاء الذين أعطوا للمسلسل قيمة فنية عالية، كما عودونا في جميع أعمالهم.
والملفت وجود الشباب الجدد في المسلسل والذين اثبتوا حضورا مميزا : فارس ياغي وتسنيم باشا وحلا رجب و دلع نادر و روبين عيسى ومروة بدران وغيرهم.
والحقيقة الأداء كان مميزاً عند معظم الممثلين. ولو أن البعض بالغ في إظهار مقدراته..