فؤاد مسعد
يوصَف بأنه “عين المخرج”، هو العين الثاقبة المرهفة والمبدعة التي ترى ما لا يراه كثيرون ليشكّل كادراً يحمل جماليته ودلالاته، سلاحه كاميرته ليحكي من خلالها حكاية معجونة بالإحساس، تارة تراه معلّقاً على (الكرين) بين السماء والأرض ليصور مشهداً له خصوصيته، وتارة أخرى يراقب بدقة ليلتقط اللحظة الأكثر تأثيراً، هو عصب ومحرك أساسي في العملية الإبداعية خلال تصوير أية مادة فيلمية.
إنه مدير التصوير، المبدع المسؤول عن الصورة ضمن العمل الدرامي (Director Of Photography) والذي يٌرمز له اختصاراً بـ (DOP)، ولإلقاء الضوء على خصوصية هذه المهنة ودورها في العمل الدرامي والمراحل التي تمر بها، وعلاقتها مع العناصر الفنية الأخرى وأهميتها في إبراز هوية العمل، ، كانت لنا وقفة مع مديري التصوير باسل سراولجي وعباس شرف.
-
مدير التصوير باسل سراولجي :
درس مدير التصوير السينمائي باسل سراولجي في جامعة سان بطرس بورغ للسينما والتلفزيون في روسيا، وعمل مديراً للتصوير في مجموعة أفلام نال العديد منها جوائز، من بينها جوائز في التصوير. تحدث بداية حول كيف تجري التحضيرات ومن أين يبدأ عمل مدير التصوير، قال:
يمكن تقسيم عمل مدير التصوير إلى ثلاث مراحل، الأولى مرحلة ما قبل الانتاج “التحضير”، الثانية مرحلة الانتاج “التصوير”، الثالثة مرحلة العمليات الفنية “بعد التصوير”.
تعتبر المرحلة الأولى هي الأهم في عمل مدير التصوير، فبعد قراءة السيناريو يتم الاجتماع مع المخرج للحوار حول النص (تحليل الأفكار، مناقشة الخط الدرامي، مواقع تصوير، لونية الصورة..) للوصول إلى رؤية فنية مشتركة تفضي إلى تبن حقيقي للمشروع، مما يسمح لمدير التصوير بترجمة الأفكار إلى لغة بصرية جميلة تخدم النص فنياً.
لتأتي الخطوة اللاحقة وهي تعيين (لوكيشنات التصوير) التي تخدم النص من الناحية الدرامية والفنية، وهنا لابد من التأكيد على حتمية التوافق بين المخرج ومدير التصوير على اختيارها ليتسنى لمدير التصوير ترجمة الأفكار والرؤية الفنية للمخرج بشكلها الأمثل والصحيح، وبعد الانتهاء من اختيار مواقع التصوير يضع المخرج رؤيته الإخراجية بشكل (ستوري بورد) وتُناقش مع مدير التصوير ويتم التأكد من إمكانية تنفيذها .
يقوم مدير التصوير بعد ذلك برسم مخطط خاص يتم من خلاله توزيع مصادر وكمية الإضاءة لكل مشهد، وتعيين موقع وحركة الكاميرا بناءً على الميزان المتفق عليه مع المخرج، وإثر ذلك يستطيع مدير التصوير تحديد المعدات الفنية التي يحتاجها، ويحدد الفريق الفني الخاص به، ويجري اختباراً عملياً على كافة المعدات للتأكد من جهوزيتها .
في المرحلة الثانية (التصوير) لا تقتصر مهمة مدير التصوير على ترجمة فترة التحضير إلى صورة مرئية من خلال رسمه للضوء وتناسق الألوان وموقع الكاميرا وحركتها وحجم اللقطة فقط، بل يتعدى ذلك ليصل إلى فن إدارة الفريق الفني الخاص به وتوزيع المهام والإشراف على كل الجزئيات والتفاصيل، أضف إلى ذلك فن التواصل مع المخرج ومصمم الملابس ومصمم الديكور والمكياج والصوت. وذلك كله يأتي في إطار العمل للحصول على صورة مثالية تلبي الرؤية الفنية للمخرج لما لتلك الاختصاصات من تداخلات في بناء وتكوين الصورة.
المرحلة الثالثة (العمليات الفنية) تأتي بعد الانتهاء من التصوير، وحينها تبدأ مرحلة المونتاج وهي من مهام المخرج، وتليها مرحلة تصحيح الألوان وعلى مدير التصوير متابعتها مع الفني المختص للوصول إلى الصورة النهائية للفيلم، وبذلك يكون مدير التصوير قد أنهى عمله .
ـ هل يرسم مدير التصوير مخططاً لتوزيع الكاميرات والإضاءة لكل مشهد ؟
التحضير الجيد والمثالي يفضي إلى نتيجة مثالية، والنتيجة المثالية تكمن في عنصرين هما الجودة والزمن، فعندما يقوم مدير التصوير برسم المخطط الخاص بتوزيع الإضاءة وموقع الكاميرا أثناء مرحلة التحضير، يحدث ذلك بناء على رؤية فنية وعلمية للحصول على الصورة المطلوبة التي تلبي رؤية المخرج الفنية واختصاراً للزمن أثناء التصوير من خلال المهام المنوطة بالفريق الفني الذي يديره.
ـ عندما يرسم المخرج رؤيته على الورق بشكل “ستوري بورد” “ Storyboard” لتحويلها إلى كادر حي.. هل يكون مدير التصوير مجرد أداة تنفيذ أم شريكاً حقيقياً في ترجمة هذه الرؤية؟
أي عمل فني حقيقي ناجح يُبني على الشراكة بين المخرج ومدير التصوير، فمدير التصوير هو من يقدّم ترجمة عملية لرؤية المخرج على الشاشة، وبالتالي تصميم الصورة المرئية النهائية للعمل، مما يعني أنه يقدم تفسيراً بصرياً، جماليا ودلاليا، للسيناريو تبعاً لرؤية المخرج.
ـ علامَ تعتمد في اختيار لونية الصورة.. خاصة أن هناك أعمالاً تأخذ هوية معينة عبر لونيتها؟ وكيف تتعاطى مع موضوع اللون داخل الكادر (لون الملابس و الإضاءة والديكور) ؟
ما يصدر من انطباعات جراء الألوان وامتزاجها معاً وتشكلاتها المختلفة تترك ذاكرة لونية تعتبر بمثابة لغة تؤثر في البشر حسب انتماءاتهم في البيئة والمحيط والثقافة واللغة المحكية، وكذلك تختلف بين الرجال والنساء. ويمكن القول أن اللون هو خبرة انطباعية تتشكل في الدماغ وتؤثر مباشرة على المزاج العاطفي والسلوك عند الإنسان.
اختيار اللونية يأتي بعد قراءة النص والمناقشة مع المخرج حول الفكرة الرئيسية والأهداف والرسائل المراد إيصالها فالإسقاط اللوني يتحدد حسب سياق القصة ككل لخلق الجو العاطفي والنفسي والواقعي والتعبيري في الفيلم.
ـ هل يمكن القول أن مدير التصوير هو عين المخرج ؟
“عين المخرج”، مصطلح مجازي، ويمكن تعريف مدير التصوير بأنه الشخص القادر على خلق صورة متحركة مكتملة العناصر تحاكي السرد القصصي للنص والتي تعكس رؤية وأفكار المخرج فنياً .
ـ إلى أي مدى تضع في اعتبارك درامية الضوء ؟
للضوء وجهان الأول مادي “واقعي” والثاني روحاني (آفاق نفسية وداخلية)، وأولى الأمور التي يتم الاشتغال عليها هي فهم جوهر الصراع الدرامي وكيفية تطور الأحداث للوصول إلى النهاية، لتأتي بعدها عملية التحليل والبحث عن تفسير مرئي ضوئي للسيناريو، فتأثير الضوء يمثل تجسيداً بصرياً للأفكار والأحاسيس في العمل الدرامي وبما أن لغة الضوء والظل هي لغة مرئية فإنها تتعامل مع إحساس ومشاعر المشاهد بشكل فطري.
وعلى سبيل المثال في أحد مشاهد فيلم “ضجيج الذاكرة” تقف الممثلة عند نافذة الغرفة ويكون الضوء مرسوماً على جزء من الوجه مع مشاهدة أجزاء من الغرفة بدرجات إضاءة متفاوتة توحي بالحياة الكئيبة الناتجة عن ذاكرة مؤلمة تعيشها، حالة الفتاة وهي تستذكر جزءاً من حياتها السابقة ومقدار المعاناة التي ألمت بها أفضى إلى شخصية انعزاليه باردة تكاد تخلو من المشاعر، وبالتالي جاء تسليط الضوء على الجزء العلوي من الوجه للدخول في معالم أفكارها وأحاسيسها وفصله عن باقي الجسد، مع مراعاة قدرة تمييز الجسد من خلال إضاءة خافتة تتحسسها العين وتماهيها مع إضاءة المكان كجزء من الذاكرة.
ـ أين تكمن أهمية الدراسة الأكاديمية في هذا المجال، وهل تعتبر حجر الزاوية؟
التصوير فن، والفن باعتباره لغة أو رسالة أو هوية أو رؤية، يُبنى على البحث والاستكشاف والتحليل والتركيب بغية الوصول إلى الهدف المرجو، ولنصل إلى نتيجة صحيحة قادرة على ملامسة وبناء الروح البشرية ينبغي أن يكون مبنياً على أسس ومفاهيم علمية أكاديمية صحيحة.
دراسة العلوم الإنسانية وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم الجمال، إضافة الى التكوين والإضاءة والسيناريو واستخدام الوسائل التقنية، تتيح للأكاديمي الوسيلة التعبيرية الصحيحة. فمدير التصوير يحتاج الى الثقافة العامة، إضافة إلى ثقافة التخصص (المعلومات العلمية الخاصة بعلم وفن التصوير وليس فقط آلية أو برمجه استعمال الكاميرا).
ـ أين تكمن صعوبة التصوير الخارجي خاصة أنه خاضع لمتغيرات الطقس؟
التصوير الخارجي يمكن تقسيمه إلى شقين (خارجي نهاري، خارجي ليلي) وفي الأول هناك شروط ينبغي مراعاتها أثناء التصوير، كجهة شروق الشمس وجهة الغروب والمسار الحركي لها ومسارها الزمني وزاويتها، ودرجة حرارة اللون المرتبط بالمسار الزمني والحركي للشمس مع وجود سماء غائمة أو صافية.. هي بعض العوامل التي تأتي في الإطار الفيزيائي والكيميائي المعني بالصورة، إضافة إلى أن هناك عوامل أخرى أيضاً .
يمكن القول أن التصوير الخارجي ليس بالسهل أبداً، فلكل من العناصر التي تم ذكرها تأثير مباشر على الصورة ومعناها الدلالي والحسي، كما أن اختيار وقت وزاوية التصوير مرتبط بشكل مباشر بالمعنى الدرامي للمشهد أو اللقطة، وفي كثير من الأحيان تحصل تغيرات مناخية أثناء التصوير .
ـ هل تحديد نوع العدسة من مهام المخرج أم مدير التصوير؟
ليست من مهام المخرج وإنما من مهام مدير التصوير، ولكن ينبغي أن يكون لدى المخرج الناجح معرفة أو اطلاع عام على آلية عمل العدسات وما الذي يمكن أن تقدمه كل عدسة من خصائص ومزايا للقطة، ففي ذلك فائدة ومتعة للطرفين أثناء النقاش عن الحالة الدرامية للقطة والنتيجة المراد الوصول إليها.
ـ إلى أي مدى من المهم التماشي مع المستجدات التقنية وتطورها المستمر ؟
رحلة تطور الفن لا تتوقف وهي حالة مستمرة في التجدد من الناحيتين المعرفية والتقنية، وتتطلب مواكبة الناحية المعرفية مهارة استخدام الأدوات التقنية والتكنولوجيا الحديثة للتعبير عنها، فما كان في السابق يمكن التعبير عنه بأدوات بسيطة أصبح في الحاضر غير ملائم لما نشهده من تطور معرفي فكري وثقافي وتقني.
إن استمرار الإبداع يتطلب مواكبة مستمرة وإتقان جيد لاستخدام الأدوات التقنية الحديثة وخاصة في مجال الصورة، لما تشهده من سرعة تطور مذهلة بكل المجالات (كاميرات، أجهزة إضاءة، أجهزة خاصة لحركة الكاميرا، برامج مونتاج، برامج تلوين، أجهزة عرض..).
ـ كيف يمكن أن يتعاطى مدير التصوير مع الذكاء الاصطناعي اليوم؟ هل يسهّل من مهمته أم يحل مكانه ؟
استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الفني “السينما” هو بالجانب التقني، حيث تستفيد السينما من قدرته على إنشاء تأثيرات بصرية وصوتية مبهرة، وهذا بالأساس يعود إلى التطور الكبير في تقنيات الغرافيكس والمؤثرات البصرية، حيث يمكن من خلاله بناء مشاهد تخيلية ليست موجودة أو اندثرت معالمها منذ قرون مما يجعله أداة قوية بيد المخرج لتحقيق رؤيته الإبداعية بفتحه أبواباً جديدة للتعبير الفني وإيجاد تأثيرات بصرية لا تصدق.
وبالنسبة لمدير التصوير ففي وقتنا الراهن يشكل عاملاً إضافياً مساعداً في تحسين جودة الصورة، وتصحيح العيوب، وتعديل الألوان، وإضافة تأثيرات فنية ويشكل تحولاً في عالم الإبداع والتصور البصري.
-
مدير التصوير عباس شرف :
الوقفة الثانية مع المخرج ومدير التصوير والإضاءة عباس شرف، وهو مدرس مادة التصوير لطلاب السنة الثالثة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وله العديد من الأعمال الدرامية الهامة التي كان فيها مديراً للإضاءة والتصوير، كما أخرج مسلسل “روز” وعدداً من الإعلانات والفيديو كليب.
حول كيف يمكن خلال التصوير ترجمة ما تم الاتفاق عليه من تصورات وأفكار قبل التصوير، وما مقدار التغيرات التي يمكن أن تحدث، قال:
سأنطلق بحديثي من كيفية بناء المشروع منذ البداية، فبعد قراءة النص يحدث اجتماع مع المخرج، نتحاور وتُقدّم الاقتراحات لبناء هوية بصرية تلائم طبيعة العمل، وهناك عوامل عدة مهمتها إكساء النص وتحويله إلى مادة مرئية (الإخراج والاكسسوار والديكور والتصوير والإضاءة والأزياء..) ، ودائماً تحدث تغييرات أثناء التنفيذ، وهنا تكمن خبرة مدير التصوير في إيجاد الحلول لتنفيذ المُخطط له حسب المتوفر، وأحياناً لا تتوفر له المعدات المطلوبة من شركة الإنتاج (كاميرات وعدسات ومعدات إضاءة) فيحاول العمل حسب المتوفر بين يديه.
ـ هل الارتجال خلال التصوير مسموح.. وإن وجد فما حدوده؟.. متى يكون اعتباطياً ومتى يتحول إلى عملية خلق ابداعي؟
دعنا نسميه اجتهاداً، وهو ضروري جداً لدى عدم توفر الطلبات التي تريدها، ودائماً يأتي الاجتهاد لخدمة التجانس البصري في العمل بشكل عام، في حين يتم الاجتهاد حسب حالة المشهد بشكل خاص، لإيصال فكرته ومساعدة الممثل على ذلك عن طريق خلق جو إضاءة مناسب أو أخذ لقطة تدعم الممثل، وفي النهاية مهمتي كمدير تصوير إيصال الفكرة بصرياً إلى الجمهور.
ـ ما أهمية الانسجام في الرؤية مع المخرج .. وماذا لو لم يحصل ذلك ؟
الانسجام بين مدير التصوير والإضاءة والمخرج أمر أساسي لضمان تحقيق الرؤية الفنية المطلوبة للعمل السينمائي أو التلفزيونين، وهو أمر يتم الاتفاق عليه قبل التصوير، وإن لم يتحقق هذا الانسجام وحصل اختلاف في وجهات النظر خلال التنفيذ مع المخرج قد يؤدي ذلك إلى تباين في الأسلوب والجودة الفنية، مما ينعكس سلباً على العمل، ويتسبب في تشويش المشاهد. وعندها سيلجأ مدير التصوير لأن يعطي (على قدر ما يريد المخرج فقط) مع المحافظة على مصداقية الاسم، ففي أي مشروع اسمي يهمني وسيكون ضمن العمل بغض النظر من هو المخرج. وبالتالي هناك الضمير المهني واسمي.
ـ لماذا يكون مدير التصوير هو مدير الإضاءة في العديدة هي الأعمال ؟
لماذا لا يكونان الشخص نفسه؟.. فعالمياً هو شخص واحد (DOP) وهو مخرج الصورة والمسؤول عن الكوادر، وبرأيي إن كان هو الشخص نفسه فهذا يسهّل بناء رؤية بصرية للعمل، فلا تكون هناك عدة آراء، وإنما يتحمل شخص واحد مسؤولية العمل بصرياً، وهذا صحي أكثر، علماً أنني اشتغلت أكثر من عمل بصفة مدير إضاءة مع مدير تصوير، وكانت تجارب ظريفة، ولكنها متعبة وفيها مجاملات لإتمام العمل.
ـ ما شكل العلاقة التي تربط مدير التصوير مع العناصر الفنية الأخرى (الديكور، الأزياء، المكياج..) ؟
ينبغي أن يكون هناك تنسيق عالٍ إلى حد بعيد بين مدير التصوير والمدير الفني لتقديم هوية متجانسة للعمل، كما ينبغي عدم الاستخفاف بأية مهنة في مجال عملنا، لأن بناء أي مشروع يحدث بالتنسيق وتبني فكرة المشروع ككل، فعلى سبيل المثال يحدث التنسيق عن طريق شرح ألوان الديكور والاكسسوار والملابس لإيجاد وحدة لونية تتناسب مع طبيعة الصورة التي نصنعها.
ـ هل للدراسة الأكاديمية أن تُحدث فرقاً أم أن الموهبة والخبرة هما الأساس ؟
الخبرة والدراسة قطبان لجوهر واحد، ففي النهاية نحن نشتغل فنا، وإذا لم يكن الفن موجوداً في الروح والإحساس فمن الصعب أن يتحصل بالعلم أو بالخبرة، ولكن من يمتلك الخبرة دون الدراسة فهو يقوم بمقام الخريج،
مع تغيير طفيف في المصطلحات،
أقول ذلك حسب خبرتي الشخصية، والأمر نفسه مع الخريج فبعد فترة وحسب اجتهاده سيقوم بما يقوم به صاحب الخبرة حسب طبيعة المشكلة التي تعترضه في التصوير.
بالنسبة إلي فإنني دخلت المهنة دون دراسة وخضعت لدورات بعد أن انجزت أربعة مسلسلات تقريباً،
وعندما درست شعرت أنني أنظم نفسي،
إذ كنا فيما سبق نشتغل بشكل صحيح ولكن بإطار غير أكاديمي وغير مُنسق،
وبعد الدراسة بات هناك ما هو أوضح وتنسيق لما نقوم به. وأنا حالياً أقوم بتدريس مادة التصوير والإضاءة لطلاب السنة الثالثة في المعهد العالي للفنون المسرحية،
وأتواصل معهم دائماً وأعطيهم دروساً عملية أمرر من خلالها الدروس النظرية،
ووجدت أنهم بذلك يستفيدون بشكل أكبر، مما اعطاهم حافزاً وجعلهم يحبون المهنة أكثر وباتوا يجدون مفاتيحهم بسهولة.
ـ الفرق بين “التصوير الداخلي” و “التصوير الخارجي”، وبين الاجتماعي والتاريخي ؟
ليس هناك ما هو عبثي في مهنتنا، فقبل أي تصوير يحدث بحث وقراءة عن الفترة الزمنية للعمل وطبيعته، ليعيش المشاهد عوالم هذه الفترة بأمانة. لكل نص خصوصية مرئية، وفي النهاية مهمة مدير التصوير إقناع المشاهد .
ـ إلى أي مدى على مدير التصوير أن يكون أميناً في تحويل رؤية المخرج إلى صورة.. وما حدود ابتكار وإبداع مدير التصوير في هذه الحالة ؟
هذا واجبه، ففي النهاية هو يضيف، وبرأي أن الأهم هنا هو بناء مشروع يليق باسم مدير التصوير، والعلاقة تبقى في النهاية متعدية ، بمعنى أن أي نجاح للعمل هو نجاح لكل من عمل فيه.
بالإضافة إلى أنه لدي غيرة على العمل ليظهر بشكل جيد إلى أبعد حد،
وهذا ضمير مهني يفرض على مدير التصوير أن يكون متيقظاً جداً.
أنا من الأشخاص الذين يحاولون عبر أي يعمل ينجزونه أن يقدموه بأفضل صورة،
أفعل ذلك حتى وإن كنت غير مرتاح نفسياً فيه. ففي النهاية سيوضع العمل ضمن بطاقة سيرتي الذاتية .