جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمساحة حرةلماذا لم يبصر مسلسل "الأمير الأحمر" النور ؟

لماذا لم يبصر مسلسل “الأمير الأحمر” النور ؟

عادل العوفي

قبل ثلاث سنوات تقريبا ؛اعلنت شركة “الصباح ” للإنتاج الفني الذائعة الصيت انها بصدد التجهيز لطرح مسلسل درامي
عن سيرة المناضل الفلسطيني “علي حسن سلامة ”,
وقد انيطت مسؤولية تجسيد الشخصية للنجم السوري تيم حسن المرتبط بالأساس بعقد حصري معها منذ فترة ليست بالقصيرة .

اتذكر انني حينها نشرت مقالات مفصلا حول الموضوع وظل “الشك ” مستبدا بي رغم كل التفاصيل ” الرسمية ” الصادرة حينها عن جهة الانتاج، لا بل وجهة العرض الممثلة بمنصة “شاهد ” السعودية ؛ ما يبدد أن لا مبرر للتردد في إنتاجه، لان المعتاد أن اي عمل درامي يتناول فلسطين ومقاوميها “مهدد ” من ناحية التسويق وسيظل على المنتج ان يضع يده على قلبه حتى الثانية الاخيرة اذ كيف سيضمن نجاح تسويق مسلسله لدى اغلب  الفضائيات العربية “المتوجسة ” من القضية الفلسطينية رغم بعض “الشعارات ” المتهالكة التي تصدر هنا و هناك بين الفينة والاخرى ؟

ما أسلفته جعل البعض يلوموني حينها ويتهمني بأنني من انصار نظرية المؤامرة ؛ فهل يعقل ان عملا فنيا تشرف عليه شركة انتاج مثل “الصباح ” ستعجز عن ايجاد محطات لعرضه ؟ او هل يمكن ان تقدم شركة بهذا الحجم في “السوق ” {من مصطلحات اهل المهنة } بمغامرة من هذا القبيل دون ضمانات اصلا ؟

ما ألهب شكوكي في الشق الايجابي هذه المرة ان مهمة كتابة سيرة ” الامير الاحمر ” كما لقبته  “غولدا مائير ” اسندت لكاتب قدير بحجم الاستاذ حسن سامي يوسف صاحب التجارب المميزة في الدراما السورية والاسم الذي يعني لي الكثير على الصعيد الشخصي ولا يمكن ان ينخرط في مشروع قابل ” للتسطيح ” كما عودتنا الجهة المنتجة في احيان كثيرة باستثناء عملها في رمضان الماضي  ” الزند ذئب العاصي ” ؛ ولعل التفصيل الذي تخوفت منه يكمن في امكانية التركيز على الجانب الشخصي في سيرة القيادي الشهير في منظمة التحرير الفلسطينية  وتحديدا الشق الرومانسي وقصة حبه الشهيرة مع زوجته  جورجينا رزق لان اغلب المنابر الصحفية التي تلقفت خبر المسلسل ركزت على ترشيح اسماء مختلفة لتجسيد البطولة النسائية امام تيم حسن .

ظلت الاخبار تتناسل وكلها بصبغة رسمية وبدأ الحديث عن تحديد اماكن التصوير ممثلة في لبنان، النمسا، المانيا، إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، هولندا ، النرويج، إنكلترا وبلدان اخرى لتقريب المشاهد من تفاصيل مهمة في حياة “الامير الاحمر ” ؛ لكن فجأة اطلت الكورونا لتقف دون بدء التصوير وبالتالي بدأ مسلسل التأجيل قبل ان يعلن لاحقا ان المشروع توقف كليا ولم يعد على جدول اعمال شركة “الصباح ” التي وضعت خططا اخرى وواصلت التركيز على ملعبها المفضل  المتمثل في مسلسلات ” البان اراب ” ؛  وهنا من الضروري ان نستحضر ما كتبه السيناريست حسن سامي يوسف على صفحته قبل فترة ولمح من خلاله للعمل وجاء كالتالي :

“في الحقيقة أنني عاطل عن العمل فعلاً منذ عام 2017 رغم أنني لم أكن كذلك أبداً، وهنا المفارقة العجيبة، فقد كتبت خلال هذه الفترة رواية على رصيف العمر، كما كتبت مسلسلين تلفزيونيين كبيرين، الثاني منهما مأخوذ عن الرواية ذاتها، والأول هو ذاك الذي كنت أبني عليه آمالاً كبيرة: الأمير الأحمر، والذي كان يمكن له أن يحمل عنواناً مختلفاً: صائد الموساد… ومن هذا العنوان الثاني (الافتراضي) يمكننا ببساطة معرفة السبب الحقيقي الذي أدّى إلى إيقاف العمل. كان الأمر فوق طاقة الجهة المنتجة (شركة لبنانية كبيرة). أعرف هذا الأمر جيداً، وأتفهمه، برغم المرارة التي تركتها الشركة إيّاها في نفسي لأسبابٍ قد أفرد لها مساحة واسعة قريباً على هذه الصفحة ” .

لنصل بالتالي  للنقطة الاولى التي ظلت حاضرة لدي منذ كشف تفاصيل المشروع في البداية : هل يمكن اساسا لجهات إنتاجية اعتادت تقديم مسلسلات مستنسخة أو سطحية بمسزانيات فلكية، أن تنقلب على نفسها وتنتج أعمالا تتبنى قضايا الامة وتوثق تجارب من ضحوا بحياتهم لأجل فلسطين ؟ ولماذا لم تتحلى نفس الجهات بالشجاعة الكافية لشرح اسباب توقف المشروع مع العلم انها طرحته بحملات دعائية كبيرة وشرعت باب الامل على مصراعيه حينها  ؟

هناك حقيقة مؤكدة دامغة لا ينبغي تجاوزها وهي ان جل المحطات العربية تحارب كل ما يمت لفلسطين وتاريخها المشرف بصلة ؛ وهنا نتساءل : هل تتذكرون اخر سنة انتج فيها مسلسل عن القضية المركزية و الاولى للعرب والمسلمين دون ان يحجب ويتم تقزيمه ويتكبد منتجوه خسائر جمة بمثابة “قرصة اذن ” تحذره من مغبة تكرار الخطوة ؟

المسلسل الوحيد الذي كسر القاعدة كان “التغريبة الفلسطينية ” للثنائي المبدع الدكتور وليد سيف والراحل حاتم علي  والذي انتج سنة 2004 وفرضت ردود الفعل المذهلة حوله آنذاك على باقي القنوات ان تعمل على اعادة عرضه ؛ دون ان ننسى التذكير ان مسلسل ” الاجتياح ” تأليف رياض سيف واخراج التونسي الراحل شوقي الماجري  الذي وثق لملحمة جنين، نال جائزة الايمي العالمية، وظل منبوذا عربيا .

كما قدمت الدراما السورية تجارب محترمة مثل ” عائد الى حيفا ” و ” انا القدس ” و “عياش ” و “سحابة صيف ”  و “حارس القدس ”  وكلها قوبلت بحصار مطبق ؛ ما جعلني افتح هذا الملف هو الوصول لما يحدث في ايامنا هذه وكيف حتمت فلسطين بسواعد مقاوميها على العالم بأسره ان ينفض عنها غبار الاهمال والتهميش لتنبعث مثل العنقاء من رمادها مجددا وتحتل صدارة العناوين رغما عن انف الجميع ؛ فهل سيظل صناع الدراما بمعزل عنها ؟ اما ان الاوان لكسر الحصار وردم كل الحواجز لتوثيق بطولات هذا الشعب الجبار ؟

على الجميع تحمل مسؤولياته كل من موقعه ؛ والكرة في ملعبكم الان يا اهل الدراما ..

المادة السابقة
المقالة القادمة

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة