جوى للانتاج الفني
الرئيسيةالمكتبةكتاب لـ ناهد صلاح «عمر الشريف بطل أيامنا الحلوة»

كتاب لـ ناهد صلاح «عمر الشريف بطل أيامنا الحلوة»

«كبرت نجوميته كحبة سمسم صغيرة تناثرت في أفق سماوي لتصير بستانه المتفرد»..
هكذا بدأت الكاتبة والناقدة السينمائية ناهد صلاح حديثها عن الفنان العالمي «عمر الشريف» الذي التقته ثلاث مرات،
الأولى عام 2008 بعد فيلم «حسن ومرقص» في حوار نشر في صحيفة الجريدة الكويتية،
والثانية في الدورة 26 لمهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2010 عندما سألته عن زواجه من الفنانة فاتن الحمامة فأجاب بكلمة واحدة «لقد كنت قانعاً»،
أما لقاؤها الثالث معه فكان في سهرة تلفزيونية بمناسبة رأس السنة عام 2015 وكان قد أصيب بالزهايمر الذي راح يهدد ذاكرته.

 

«ميشيل»

تروي ناهد صلاح في الكتاب سيرة «ميشيل ديمتري جورج شلهوب» وكيف تأثر بمدينته الإسكندرية التي ولد فيها عام 1932 منحدراً من عائلة ارستقراطية تعود جذورها إلى لبنان،
وفي روايات أخرى إلى سورية، والده أحد أكبر تجار الأخشاب، و
أمه، كلير، الفاتنة من عائلة كاثوليكية كان يشبهها بتمرده وشغفه بسحر الغامض والمجهول،
درس ميشيل في مدراس أجنبية وارتاد كبرى النوادي الرياضية وأتقن لغات عدة الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية واليونانية،
هذه الحياة البرجوازية لم تجعله أعمى عن الفقر الذي كان سائداً آنذاك فقد كان يراه في عيون من يصادفهم في الشارع كما جاء في حواره مع الإعلامية جيزيل خوري الذي يورد الكتاب مقتطفات منه.

بطولة من الفيلم الأول

تقول الناقدة السينمائية إنه بعد دراسته في «فيكتوريا كولدج»، انتقل بقرار من والده إلى جاردن سيتي في القاهرة،
حيث وجد نفسه أمام خيارين: الانتحار أو التمثيل،
وعلى يد يوسف شاهين جاءت الفرصة،
إذ اختاره المخرج ليكون بطل فيلم «صراع في الوادي» إلى جانب فاتن حمامة،
وشاهين هو الذي أطلق عليه اسمه الفني الذي وصل به إلى العالمية: عمر الشريف.

عمر الشريف و فاتن حمامة
عمر الشريف و فاتن حمامة

 وتبين الكاتبة أن لقاءه الأول مع فاتن حمامة لم يكن عادياً، فعندما زارها في منزلها برفقة شاهين طلبت منه أن يمثل شيئاً أمامها.
لقد كان اختباراً لذلك الشاب المغمور الذي سيشاركها البطولة،
لكن وقوفه إلى جانبها في الفيلم لم يمر دون ضجة إعلامية، ليس لأنه فيلمه الأول فحسب،
بل بسبب القبلة الطويلة معها التي لم تستطع فاتن أن تهرب منها..
وكانت الشرارة التي أطلقت الشائعات حول علاقتهما.

كانت علاقة فاتن حمامة بزوجها، آنذاك، المخرج عز الدين ذو الفقار تلفظ أنفاسها الأخيرة ولم تستطع أن تخفي حبها للشاب الوسيم ذي العينين الحالمتين الذي باغتها كعاصفة هوجاء فانفصلت عن المخرج الذي صنع نجاحها،
وتزوجت من عمر الشريف عام 1955 بعد أن أشهر إسلامه أمام «باشكاتب» محكمة مصر الشرعية،
لكن لم تنته المشكلات التي كانت تلاحقهما فقد قاطعتهما أسرته، وأغضب زواجهما الجماهير.

كان فيلم «صراع في الوادي» محطة مفصلية في حياة عمر الشريف وانقلاباً على الرومانسية القديمة في السينما المصرية برأي كثير من النقاد،
وتتابعت مشاركاته في السينما: «شيطان الصحراء» و»أيامنا الحلوة» في حين كانت علاقته بفاتن حمامة في أوجها وعادت المياه إلى مجاريها مع عائلته التي اقتنعت بزواجه وإسلامه،
وجاء فيلم «صراع في المينا» ليشكل قفزة جديدة في مسيرته الفنية وتبعه فيلم «لا أنام» ومشاركات أخرى في السينما العالمية منها «صاحبة القصر الملكي» و «مرحباً أيها الحزن»،
وفي عام 1957 لعب بطولة فيلم «جحا البسيط» مع المخرج الفرنسي بارتييه.

على الرغم من أن أدواره هذه كانت في السينما العالمية إلا أن شهرته ازدادت في مصر فقد تابع عمله في السينما المصرية وقدم فيلمي «سيدة القصر» و»نهر الحب» وأنشأ شركة إنتاج سينمائي كان أول أعمالها «لا تطفئ الشمس» الذي كان من المقرر أن يلعب بطولته إلى جانب زوجته لكن أبواب السينما العالمية بدأت تنفتح أمامه فحالت دون ذلك حيث سافر إلى الأردن للتوقيع على بطولة فيلم «لورانس العرب» الدور الذي كان ولادة جديدة له.

محاذير العالمية

بعد «لورانس العرب» أصابته «لعنة العالمية»، فوقع عقداً مع شركة «كولومبيا» لمدة سبع سنوات مثل بموجبه أدواراً أجبر عليها مثل «جنكيز خان» لقاء أجر بخس، حتى جاء دوره في فيلم «سقوط الإمبراطورية الرومانية» الذي لقي استحسانا واسعا وكان بداية معرفته بصوفيا لورين،
ثم فيلم «انظر الحصان الشاحب» مع انطوني كوين،
لكن يبقى فيلم «دكتور زيفاغو» النقلة الأهم في حياته السينمائية والشخصية،
فقد انفصل عن سيدة الشاشة أثناء تصويره هذا الفيلم بعد أن اتسعت الهوة بينهما بعد زواج دام عشر سنوات أثمر عن إنجاب ابنهما «طارق» الذي تربى في كنف والده.

تباين حضور عمر الشريف على الشاشة، برأي الكاتبة،
بين فيلم وآخر من أفلام «فتاة لطيفة»، «مايرلينج» و»مايريج»، ولكن شعوره بالغربة كان الإحساس الذي رافقه طوال حياته، ولا تخفي الكاتبة أنه تعرض للعنصرية كفنان من أصول عربية وأصابته أزمات عانى منها كثيراً،
ومنها أزمة فيلم «فتاة مرحة» الذي هاجمته على إثره الصحف المصرية بسبب قبلته مع بطلة الفيلم اليهودية،
فتوقف عن التمثيل لمدة عام ثم اضطر لقبول أدوار ضعيفة حتى عاد مطلوباً للعمل وقدم أدواراً متفاوتة على المستوى الفني مثل أفلام «السطو»، «القرية الأخيرة» «رصاصة بالتيمور» وغيرها.

عمر الشريف
عمر الشريف

غير أن المتاعب تابعت طريقها إليه فبعد أزمة فيلم «فتاة مرحة» كاد عمر الشريف يقع ضحية ألعوبة جديدة من ألاعيب هوليوود مع فيلم «أشانتي» حيث طلب منه تصويره في إسرائيل لكنه رفض مكتفياً بدور ثانوي صور مشاهده في صقلية لأنه كان مقيداً بعقد ورغم ذلك تعرض لمقاطعة عربية، ثم فيلم «تشي غيفارا» الذي تعرض لعاصفة نقدية حيث اتهم بتقديمه صورة الثائر الأرجنتيني على أنه مثير للسخرية.

صخب الشهرة

يحدثنا الكتاب عن حياته المليئة بالنساء فقد حاول استبدال الوحدة بالسهر في الملاهي الليلية والمقامرة التي اضطر على إثرها إلى بيع منزله في باريس،
فأصبح رهين طاولة البريدج والعلاقات العابرة مع سيدات لم تنجح إحداهن بإقناعه بالزواج كما فعلت فاتن حمامة..
أحبته معظم بطلات أفلامه ومنهن أنوك إيميه التي اقتحمت حياته بهدوء مع فيلم «الموعد» لكن علاقتهما لم تكلل بالزواج.

وتوالت الأزمات، ففي عام 1996 تعرض لضجة أخرى عندما تصدرت صورته مع شاب إيطالي صفحات الصحف والمجلات على أنه ابن غير شرعي له من صحفية إيطالية تدعى لولا دي لوكا،
والتي أكد عمر الشريف أنه التقاها لمدة خمس دقائق في حياته فقط وأنه يرفض هذه القصة رفضاً كاملاً،
وأن الكذب ليس من طبعه ولم تكن هذه الفضيحة الأخيرة فقد كانت حياته صاخبةً وورد اسمه في ساحات القضاء.

شرق عمر الشريف وغرب عبر مسيرته،
وحقق العديد من الجوائز وظل الصورة التي يتطلع إليها العديد من الفنانين العرب وهم يحلمون بالوصول إلى العالمية وطرق باب هوليوود..

شعر بالزهد تجاه الأضواء في أيامه الأخيرة، حتى توفي عام 2015 في القاهرة،
وكل شيء في سيرته الذاتية يوحي بأن نجوميته الفريدة لم تجعل منه بطلاً سينمائياً فقط بل كان بطلاً لأيامنا الحلوة!

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة