جوى للانتاج الفني
الرئيسيةموسيقاكارول سماحة.. المختلفة على طريقتها

كارول سماحة.. المختلفة على طريقتها

في أيّار الماضي كتبت كارول منشوراً تتحدّث فيه عن مدىٰ إعجابها بالنّجمة الأمريكيّة Taylor Swift، وأعلنت أنّها Swiftie رسميّاً.

تايلور لمن لا يعلم، النّجمة الأكثر نجاحاً حاليّاً، وكاتبة أغانٍ فذّة قبل أن تكون نجمة غناء، تتناول تجاربها الشّخصيّة بصور شِعريّة قويّة غير مستهلكة.

وكارول التي أعلنت في الأوّل من أيلول عن ألبوم جديد بعنوان “مختلفة” أصدرته في التّاسع من نفس الشّهر، وقامت بالكشف عن قائمة الأغنيات مع صنّاعها، ليتفاجأ الجمهور بكتابتها نصف أغنيات الألبوم المؤلَّف من 14 مساراً، وتلحينها 4 أغنيات.

سبق لكارول وأن كتبت أغنيات كنوع من التّجربة، وقوبلت بعض هذه التّجارب بإشادة وترحيب وقوبل البعض الآخر بالعكس تماماً ممّا جعل الكثير يحكم بشكل سلبي علىٰ الألبوم قبل صدوره.

من الطّبيعي لأيّ فنّان يحترف الفنّ كمشروع حياة أن يمتلك أفكاراً يتوق لتنفيذها بعناوين معيّنة يضمّها لأرشيڤه، وعندما يشعر بفقر الأدوات الإبداعيّة من حوله يسارع إلىٰ صناعتها بنفسه، لربّما فجّر موهبة دفينة؛ ما ينطوي علىٰ مغامرة وخطورة لا محالة؛ خاصّةً في حالة الفنّان المتحقِّق، ولكن تبقىٰ المغامرة عنصرا من عناصر صناعة الپوپ!.

إذاً عادت كارول بعد 8 سنوات علىٰ آخر ألبوم پوپ هو “ذكرياتي” عام 2016. سنوات تخلّلتها الكثير من الأغنيات المنفردة التي لم تحقّق غالبيّتها المُنتَظَر من نجمة ككارول، ومع ألبوم ميلادي عام 2020، وإصدار خاصّ بقصائد درويش العام الماضي بعنوان “الألبوم الذّهبي” لم يحقّق نجاحاً يُذكَر لنخبويّته كما ترىٰ كارول.

لم تخرج كارول في الألبوم عن دائرة المقامات التي تغزو الپوپ الحديث في العالم العربي من كُرد ونَهَوَند مع تلوينات العجم، ولكنّها نوّعت بالأنماط خاصّةً السّينث پروغريسڤ پوپ، واللاتين پوپ المعتاد معها بأكثر من شكل (مختلفة، بتعقِّد ووقت الحُبّ)، والسّيمفونيك روك (نَفَس) والدّيسكو دانس (أجمل سنين وبقيت أسد) والمقسوم الذي افتتحت به الألبوم بأغنية “غنّوا لْحبيبي”، واختتمت به مع “بوسة” الصّادرة قبل الألبوم، والأغنيتان من توزيع المنتج “هاني يعقوب” المعروف بصناعة المقسوم بطريقة “مختلفة” تميّز بها مع الدّيڤا “سميرة سعيد”. بالإضافة لأمين نبيل الذي أنتج “إضحك يا قلبي” الصّادرة قبل شهور.

بطل الألبوم هو الإنتاج الموسيقي عالي الجودة والذي يُحسَب لكارول، وبطل هذا الإنتاج برأيي هو الموسيقي “ألكساندر ميساكيان” الذي أنتج 6 أغنيات من أفضل ما يُستَمتَع بسماعه، وبألوان متنوّعة تحت مظلّة روح واحدة، وشراكة جيّدة مع المنتجَين “جورج قسّيس” (موزِّع حبيبي سلام وبتعقِّد) و”سليمان دميان” (موزِّع كتير بخاف وطب بعدين؟). ومع المنتج “تميم” في عمل وحيد “بقيت أسد” الذي نفذّ الدّيسكو بطريقة تنتمي لروح الألبوم.

كألحان أعتبر “نَفَس” أقوىٰ لحن لكارول في الألبوم، ولحّنت أيضاً: حالة تخدير – مختلفة – بتعقِّد. وبتعاونها مع المنتج البوسني Bojan Vasković أوجدت مساحة قويّة في الطّبقات المتوسّطة مع “خبّيني بشنطة” من كلماتها، و”وقت الحُبّ” من كلمات “سليم عسّاف” الذي جعلها كأغنية first dance. وأرىٰ “طب بعدين؟” أفضل ألحان “إسلام زكي” الثّلاثة عدا: أجمل سنين وحبيبي سلام التي كانت مشروع Hit لو لم يتمّ كسر جناحيها بعد تصاعُد سولو الوتريّات، لتدخل كارول بالرّيفرنس بالطّبقة القياسيّة بدلاً من الارتفاع نصف طبقة مثلاً وهذا ما كان يتوقّعه أيّ مستمع!.

لم تُتَح الفرصة لمحمّد يحيىٰ لإبراز أفضل ما لديه عبر لحن وحيد “إضحك يا قلبي”، بينما قدّم “بلال سرور” لحناً حيويّاً في “بقيت أسد”. وتواجد “نبيل خوري” كلاماً ولحناً مع “كتير بخاف” والتي برزت جماهيريّاً برهافة الموضوع الدّرامي وسلاسة اللحن، وكجلّ أعماله القائمة علىٰ جملة مستساغة يكرّرها مراراً حتّىٰ النّهاية دونما إبداع بل بذكاء تجاريّ.

كلاماً لم يتمّ تقديم أفضل ممّا قدّمته كارول سابقاً، فتامر حسين المتألّق مع الهضبة “عمرو دياب” لم يتألّق مع كارول، بينما استطاع “أحمد المالكي” مجاراة مآرب كارول من الألبوم وتعزيز ego مناسب مع “بقيت أسد”، وتمكّن “عمرو سامي” من كتابة إحدىٰ أقوىٰ الأغنيات المصريّة مع “طب بعدين؟”.

وبالنّسبة لنصوص كارول أجد نصَّي “نَفَس” و”خبّيني بشنطة” الأفضل والأنسب لاختلافها، ومع جرأة حسّيّة sensual فاستطاعت قَوْل (خبّيني بين تيابَك) جملة جريئة علىٰ نجمة پوپ عربيّة. أو (تحت الطّاوله نلمس إيدينا) جملة ركيكة موسيقيّاً ولكنّها جديدة ودعمها الإنتاج الموسيقي واللحن وأداء كارول.

 

كارول سماحة بخلاف بنات جيلها تغامر وتجرب.. وتحترم

 

 

في الوقت الذي سقطت فيه بقواعد الكتابة باللهجة المصريّة مع نَصّ “مختلفة” بجعل القميص مؤنَّثاً وذِكر السّيّارة بدل العربيّة مثلاً! واختيار موضوع يبدو أنّه بات خلفنا، فمع عودة Katy Perry هذا العام طرحت Woman’s world وكان أبرز نقد أنّ موضوع تمكين المرأة في الپوپ انتهىٰ منذ 2015 علىٰ الأقلّ!، ولكن نجحت كارول في نَصّ “حالة تخدير” ولو أنّها استخدمت في الرّيفرنس ثيمة لحن “ريمي” المعروف لطارق العربي طرقان. وللمفاجأة فإنّ قريحة كارول فازت في تركيبة هذا الألبوم مقارنةً بباقي الصّانعين، ولكن أين “مروان خوري” مبدع أبرز محطّاتها الغنائيّة؟، وإن كان لا يعيش أفضل حالاته، إلّا أنّ التّعاون بينهما -ولو بمسار واحد- يبدو كفيلاً بصنع التّوازن. وأين “نادر عبد الله” و”تامر عاشور” مصريّاً؟ وأين أسماء عازفي الآلات الحيّة؟ ألا يستحقّون الذِّكر كشركاء في المشروع؟.

نتذكّر تجربة مثل تجربة الفنّانة “ماجدة الرّومي” بكتابة كثير من أغنياتها، حيث كان لديها ثقة التّنويه بمراجعة النّصّ من قِبَل شعراء كنزار فرنسيس وحبيب يونس، فهل نقّحت كارول نصوصها مع أصدقاء من ذوي الاختصاص؟. هناك شكوك حول هذا!.

نعلم أنّ العمر يؤثّر علىٰ الإمكانيّات ونعلم بصمة كارول الصّوتيّة المميّزة ولكن استخدامها لطبقة وتكنيك معيّن في الطّبقات المنخفضة وجدته غريباً، والإخراج النّهائي مصطَنَع ولو كان القصد منه إظهار النّعومة، بينما حافظت علىٰ لياقتها في الطّبقات العالية.

لم أجد الإنتاج البصري ارتقى بالإنتاج الصّوتي، فظهرت كارول بصورة غنيّة بالفلاتر المزعجة والاحترافيّة غير الموفَّقة!، ومن الجيّد إعلانها عن ڤيديوهات ستقوم بتصويرها لدعم الألبوم.

يُعَدّ الألبوم الأقصر توقيتاً لكارول (48 دقيقة) منذ ألبوم “أضواء الشّهرة” 2006.

ماذا كانت الغاية من هذه الصّيغة؟

أرادت كارول بعد مسيرة أكثر من 20 عاماً في الپوپ أن تحكي لنا بقلمها وتوجيهاتها عن تجاربها العاطفيّة والاجتماعيّة بنقاط ضعفها ونقاط قوّتها وتميُّزها واختلافها، وتجرّأت علىٰ هذه الخطوة بإنتاج شخصي أيضاً. ذكّرتنا بـ eras كارول السّابقة في بعض المسارات وقدّمت الجديد الذي قد نختلف عليه. ولكن هل كان كل شيء مميّزاً؟ بالطّبع لا!.

وهل كانت مختلفة فعلاً؟ نعم كانت حسب رؤيتها، فقد غامرت بخلاف معظم نجمات جيلها لتتحوَّل إلىٰ صانعة فعليّة وبپرودكشن عالمي تيمُّناً بنجمتها تايلور سويفت، وتتحمّل مسؤوليّة النّتائج مهما كانت باعتبارها mastermind!.

إذاً فالألبوم شخصي لذلك يمكننا القول أنّ المحتوىٰ تجريبي أيضاً، وهذه تجربة لا يمكننا الحكم عليها نهائيّاً الآن حتّىٰ تأخذ وقتها، ورغم مراعاة كارول لمعايير الموسيقا الجديدة بتنفيذ نقي ومحترم وممتع، ولكن لا أراه ألبوم عودة كُبرىٰ بعد غياب 8 سنوات!.

التّقييم:

الكلمات: ***

الألحان: ***

الإنتاج الموسيقي: ****

قوّة التّأثير والإبداع: **

وأعطي الألبوم ككُلّ: 6.95/10

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة