أحمد محمد السح – دبي
باتت شروط شركات الإنتاج الفني، والمحطات التلفزيونية، والمنصات أيضاً وعلى كثرتها،
خانقة للكثير من المشاريع الفنية،
حيث تراكمت مجموعة من الشروط التي فرضها رأس المال، لأجل بناء قالب فني،
لا يمكن تخطيه إلا بعد حرب طاحنة بين أصحاب المشروع الفني أو رأس المال الذي يلبس قبعة صاحب مشروع فني، وهذا ما حول الفن بالعموم والدراما التلفزيونية بشكل خاص إلى موظف بأجر،
ينفذ ما يراد له أن يقوله ولا يقول ما يريده هو في مشروعه،
وهذا ما يمكن قياسه وملاحظته وتقصيه بشكل واضح في جميع المشاريع الفنية الكبيرة،
حتى ولو لم يعلن ذلك للجمهور بشكل واضح إلا أن أصحاب المشاريع الفنية وبكافة فئاتهم يعرفون هذا الكلام حق المعرفة، وهو ما يعتبر أحد أخطر تحدياتهم،
بدل أن يكون المشروع الفني وطروحاته الجديدة والتنويرية هو الشغل الشاغل للفنان، وصاحب المشروع الفني.
أكتب هذه المقدمة لأنتقل إلى النقيض الذي يريد شق السرب.. (قلوب من ماء) يبدو مشروعاً فنياُ خارج السياق المحفور له، وهو بحد ذاته خطوة تستحق الإضاءة والتنويه.
وخاصة أن معظم – إن لم نقل كل – من يشاركون في هذا المشروع الفني،
يريدونه لأهدافه الفنية، ولنقل للمتعة الفنية أو لأنهم مشتاقون لاختبار أدواتهم الفنية في دولة الإمارات العربي المتحدة،
بعد أن جاءت بهم ظروف سورية إلى هذا البلد الآمن المرحاب،
وفي الحقيقة فإن نوعية المشاريع التي أسلفنا ذكرها في المقدمة جعلت الفرص تقل وتصبح ضيقة على الكثيرين رغم اتساعها،
فالمشاريع الفنية جاهزة لمن هم ضمن الدائرة،
وتعتمد الشللية وفي كل مكان في أرجاء العالم، لا في المنطقة العربية فحسب،
وهذا ما دفع مؤلف ومخرج العمل عماد نجار ليؤسس شركة إنتاج يقدم فيها مشروعه الفني بحيث لا تفرض شركات عليه ما تريده،
وهي شركة JADEFIELD PRODUCTIONS جاديفيلد برودكشن،
لأجل إنتاج عمل فني يتحدث بأصوات فنانين يعيشون تجارب متشابهة عن حالة الاغتراب والحنين والصداقة والحب والعمل في تقاطعات فنية اجتماعية معاصرة لمجموعة من الشبان والشابات والعائلات التي جاءت واستقرت في الإمارات العربية المتحدة لبدء رحلة الحياة أو لاستكمال مشاريع حياتية كانت بدأت في سورية ولبنان أو الأردن وهي الجنسيات التي ينضوي تحتها معظم ممثلو العمل الفني وفنيوه،
والذين يتربع في صدارة بطولتهم محمد خير جراح، سحر فوزي، يزن السيد، ميريانا معلولي، لؤي شانا، عايدة يوسف، وحمادة سميسم وآخرون،
ومن لبنان باسم مغنية ومن الأردن عبير عيسى ومنية قديس..
لن يتسع المقال لذكر كل أسماء الفنيين والفنانين الذين يشاركون في هذا العمل الفني،
الذي يمكن القول إنه عمل فني عربي مشترك في الإمارات يتحدث عن وافدي الإمارات العربية المتحدة وآلية حياتهم والمسار بين جيل الآباء والأبناء في هذا البلد.
ولكن العمل بحد ذاته لن يركز فقط على هذا الغرض،
فهو عمل فني في النهاية لديه قصص متقاطعة فيها الكثير من الحبكات الإنسانية والعاطفية،
فهو دعوة للبحث عن الحب والصدق في زمن شوّه وجهه الزيف والنفاق،
ودعوة للبحث عن الحقيقة في الذات قبل الآخر،
في سبيل الوصول إلى حالة من السلام لشدّ ما نحتاجها في زمن الضجيج والفوضى.
وحسب بطاقة العمل فهو عمل درامي اجتماعي معاصر من ثلاثين حلقة،
تدور معظم أحداثه في دولة الإمارات العربية المتحدة،
حيث تتقاطع دروب أبطال العمل وشخصياته الرئيسية والثانوية في نسيج حكائي واقعي لا يخلو من الجرأة في طرح القضايا الاجتماعية والعائلية والعاطفية والاقتصادية لشخصيات العمل الوافدة من أكثر من بلد عربي،
والمتباينة في مستوياتها الثقافية والاجتماعية،
تلك الشخصيات التي تنتمي بشكل خاص إلى جيلي الآباء والأبناء.
والعمل من تأليف وإخراج عماد نجار كما يشارك في بطولته أيضاً،
ويمكن القول إنه صاحب هذا المشروع الفني الذي أراد فيه جمع الفنانين السوريين الذي يقيمون في دولة الإمارات العربية المتحدة،
إضافة إلى الفنانين العرب أيضاً بهدف تقديم عمل فني،
يشكل إضافة للمشروع الثقافي الفني النقي من شوائب فروض رأس المال ومتطلباته التي كثيراً ما تجعل القلوب خالية من الدم والماء معاً،
وهذا ما جعل هذا المشروع يمتلك هذا التميز الذي نرجو له بعد أن أتم التصوير وبدأت العمليات الفنية أن يلقى مساحة مميزة عبر القنوات التلفزيونية والمنصات التي تتيح لهذا العمل أن يكون مشاهداً من قبل المشاهد العربي ويلقى صدى وجماهيرية يستحقها فهو فعلاً يجمع جهود وعرق أشخاص كانوا جميعاً يعملون بقلوب صافية كالماء غير باحثين سوى عن الشغف الفني وتقديم حكاية درامية تحقق المتعة والفائدة للجمهور العربي
