جوى للانتاج الفني
الرئيسيةحكواتيفكّر مع البقرة ... المقهقهة!!!

فكّر مع البقرة … المقهقهة!!!

لا يا سادة يا كرام.. لا تستغربوا.. لم أفقد بعد توازني الفكري!!!
هذا العنوان مستوحى من عنوان آخر لمقال زيّنه بتوقيعه في إحدى المجلات بسنوات السبعينيات مبدُعنا الكبير الراحل محمد الماغوط تعليقا على سماعه حلقات مسابقة رمضانية،
لفتت اتباهه كنت قدمتُها على أثير إحدى الإذاعات ضمن السنوات العشر الأولى من مسيرة إذاعية تخطّت الخمسة عقود ونيّف وقد تدخل يوما في موسوعة “غينيس”!

أما حكاية المسابقة المشار إليها فيعود تاريخها إلى العام 1976،
في الموسم الرمضاني لتلك السنة، حيث طُلب من محسوبتكم أن تقدّم مسابقة يومية،
كما جرت العادة، ولا تزال، في الشهر الفضيل الذي أصبح مرتبطا بالمسلسلات والمسابقات، باعتباره فرصة ليتمكن أصحاب الشؤون التجارية من الترويج لمنتجاتهم.

ونظرا لكوني خريجة كلية الآداب فقد اقترحت على إدارتي مسابقة شعرية نختار في كل حلقة بيت شعر من قصيدة عصماء لشاعر كبير من شعراء العرب،
بدءاً من العصر الجاهلي وحتى تاريخنا المعاصر، على أن نقترح البيت في 3 نسخ،
واحدة صحيحة واثنتين فيهما استبدال لبعض الكلمات، وعلى المستمع أن يكتشف النسخة السليمة.

وافقت الإدارة على الفكرة، وبدأتُ بمراجعة دواوين الشعر وكانت فرصة ذهبية لإعادة اكتشاف الروائع،
ثم تمكن القسم التجاري من إقناع أحد موزعي علامة تجارية كبرى لتكون راعية البرنامج ومانحة الجوائز الثمينة، وهي عبارة عن مبالغ مالية قيّمة.

إلى هنا وكل شيء على ما يُرام، وإذا بالعلامة التجارية هي جبنة شهيرة شعارها بقرة مهضومة،
ذات ابتسامة عريضة حد القهقهة، فوقعنا في فخ اختيار عنوان قادر على جمع عيون الشعر العربي كما يقولون مع ضحكات البقر!!

واهتدينا إلى العنوان: ” فكّر مع البقرة.. إياها”!
لا نعرف إي عنصر اجتذب المستمعين، هل كان العنوان الساخر اللافت أم الفكرة الأدبية أم الجوائز المالية التي يسيل لها اللعاب؟ الخلاصة أن الرسائل الورقية التي كانت وسيلة التواصل مع الإذاعة انهالت على الإذاعة،
وكان ساعي البريد يحملها إلينا بأكياس “الخيش” أو “الشوالات” الكبيرة ومصدرُها جميع البلدان العربية.

لا أخفيكم أني شعرت بالزهو أمام نجاح المسابقة بالرغم من غرابة عنوانها، لكن الطامة الكبرى وقعت عندما حان موعد إعلان أسماء الفائزين الشُطّار، في سحب بالقرعة طبعا بين الردود الصحيحة، بعد شهرين وعشرة أيام من رمضان، أي في عيد الأضحى المبارك…

فقد جاء راعي المسابقة ليطلب من “راعية البقرة / محسوبتكم” أن يكون الفائزون العشر جميعهم من مواطني بلد عربي واحد!!!

هذا البلد كان تقريبا الوحيد خارج حالات الأزمات المتفاقمة في محيطه، ينعم سكّانه بالرفاه بينما كان مواطنو البلدان العربية الأخرى يعانون من شتى المصائب، وكلٌّ يغني على ليلاه… كما هو الحال اليوم.

كيف لمذيعة شابة، لا سندَ لها، ومع ذلك تريد أن تحافظ على سمعة مؤسستها وعلى مصداقيتها أن تقبل هذا الشرط اللامنطقي، دون مشاكل؟

بكل بساطة، فكّرت مع البقرة الذكية!! ما غيرها، واهتدت إلى حيلة اقتراح أن تعلن بأن نجاح المسابقة جماهيريا دفع الرعاة إلى مضاعفة الجوائز، من عشرة إلى عشرين، وبناء على ذلك تم تأليف وتلحين!! أسماء عشرة متسابقين فائزين وهميين من البلدان “التعيسة” المحيطة ببلد الرفاهية والترفيه…

ومرّت الأزمة بسلام.. لكن، سبحان ربّي الأعلى، ما زلت أحمل وزر هذه الحيلة / الكذبة البيضاء على ضمير كنت أتمنى أن يبقى بلا شائبة ما دمت أحيا…

الآن وقد اعترفت أمامكم… فليسامحني الرب… ولتحل اللعنة على “رعاة البقر”!!! ولتبقَ بقرتي الباسمة القابعة في زاوية من ذاكرتي، والتي تفكر معي أحيانا، فلتبقَ بألف خير…وأنتم كذلك!!!!

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة