جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنقد تلفزيوني«عرابة بيروت».. الاستعراض على حساب القصة

«عرابة بيروت».. الاستعراض على حساب القصة

جـــــوان مـــــلا

يطالعنا المسلسل القصير «عرابة بيروت» على منصة شاهد على أنه العمل الأضخم  الذي يضم مجموعة من الفنانين اللبنانيين الكبار،
والذي يحاكي، بحسب كاتبته نور شيشكلي، قصصاً لا تخلو من الواقعية جرت في الستينيات ببيروت،
وكان أبطالها نساء يعملن في الدعارة أو الرقص ويبتززن،
بطرقهن الخاصة، سياسيين ساعين للسلطة أو موجودين فيها.

العمل من كتابة نور شيشكلي ومازن طه وإخراج فيليب أسمر وإنتاج إيغل فيلمز، فكيف بدا ككُل؟ وكيف استقبله الناس؟

استعراض في كل شيء

المسلسل القصير كان قائماً بشكل واضح على الاستعراض في كل مشاهده تقريباً،
استعراض لوحات الرقص، الأزياء، الشعر، الديكور، وحتى «سيقان» الفنانات،
فكانت المشاهد بغالبها قائمة على ذلك،
وللحقيقة فإن الديكورات كانت ناجحة في بنائها رغم المبالغة فيها،
فالبيوت دائماً منسقة مرتبة تفتقد الحميمية، كذلك أبطال العمل فقد ظهروا وهم «على آخر طرز» في كل اللحظات من ناحية المكياج والأزياء،
وحتى الأطفال في مشاهد قليلة كانوا يطلون بكامل أناقتهم،
كما أن الصورة البصرية كانت مهمة ومميزة ولا غرابة في ذلك على فيليب أسمر،
لكنه بات يكرر لقطاته بشكل واضح لا سيما «الزووم» الذي يقترب فيه من وجوه الفنانين في كل مرة.

مهيار-خضور
مهيار-خضور

كل هذا ورغم «أناقته المبالغة» جاء على حساب المحتوى، فإذا تعمقنا في القصة بالعموم سنجد فيها خللاً في عدة معطيات، أبرزها تبرير أفعال الصبايا العاملات في أولد بيروت،
أي بطلات العمل، حيث نرى أغلبهن يعملن في هذا الكازينو نتيجة ظروف ضاغطة حدثت معهن أثناء الطفولة،
كالتحرش والاغتصاب والخوف من الأهل والمجتمع،
وكلها تبريرات ذُكرت في أعمال عديدة سورية وغير سورية،
فما إن يتجه الكاتب أو الكاتبة للحديث في نصوصهم عن شخصية «رقاصة أو عاهرة» إلا ويبرر ذلك بطفولة معنّفة جنسياً أو اجتماعياً ليصبح ذلك «كليشيه» في كل عمل وهذا ما جرى في «عرابة بيروت»،
كما أن معالجة قصص نساء العمل جاءت سطحية بعض الشيء،
والتكرار فيها حاضر بقوة ومحكي عنه في أعمال سابقة متنوعة،
سواء من ناحية التحايل على الرجال السذّج المترددين على الكازينو ووقوعهم في شِباك النساء،
أو قصص الحب الممنوعة على البنات العاملات فيه،
وسرقة الحضانة من الأم المتزوجة برجل آخر وغيرها من هذه التفاصيل.

أيضاً لم تكن خلفية الشخصية الأساسية التي لعبتها جوليا قصار ذات تاريخ واضح،
فلم نعرف ما غايتها من اللعب بالنار مع أشخاص ذوي نفوذ،
حيث بقي هناك شيء غامض في القصة، تماماً كعلاقة مهيار خضور بريان حركي التي لم نستوعب فيها من يكون الأب ومن تكون الأم،
وكيف هما شقيقان من رجلين مختلفين، ليبقى التعقيد سيد الموقف حتى آخر مشهد في هذا الخط بالذات.

مسلسل-عرابة-بيروت
مسلسل-عرابة-بيروت

حوارات وأداء

رغم ذلك لا يمكن نكران أهمية بعض الحوارات لا سيما الحوارات التي كانت تدور بين جوليا قصار وابنتها ريان حركي وأختها كارول عبود،
فقد كانت ممتعة سريعة وفيها معان متميزة،
في حين بدت بعض الحوارات الأخرى مباشرة، كحديث نور الغندور عن قصتها لأمها وهي في السجن،
حيث توصل رسالة مباشرة جداً أن هناك الكثيرات يغتصبن ولا يتكلمن،
لكنها تكلمت فتعرضت للنبذ من قبل الأهل، ليأتي حوارها برسالة مباشرة هكذا دون مواربة.

لكن من ناحية الأداء فقد كان أغلب النجوم في العمل يقدمون أدوارهم بطريقة مهمة،
وللحقيقة فإن المسلسل جمع أهم نجوم لبنان ليلعبوا شخصياتهم بعناية وتركيز عال،
فأدت نادين الراسي مشاهدها مع انفعالات مدروسة بدون مبالغة لا سيما مشهد سحب حضانة أولادها منها،
كذلك لعبت جوليا قصار دوراً متميزاً واستطاعت الانتقال من حالة الجبروت إلى حالة الضعف أمام ابنتها بسلاسة وذكاء، في حين لمعت كارول عبود بشخصيتها واستطاعت الإقناع بدور المرأة غير المتزنة،
وقدم بديع أبو شقرا شخصيته بهدوء وتوازن،
وحتى شكله بالإضافة للأزياء والمكياج اللذين ساعداه في ذلك،
لكن الحلقة الأضعف كانت نور الغندور ومهيار خضور،
فكانت نور متصنعة في كثير من المشاهد لا سيما مشاهد البكاء والخوف،
أما مهيار خضور فكان الدور أصغر من إمكانياته التمثيلية،
فمر بحياد تام دون إبهار أو جديد يذكر،
خصوصاً أن الشخصية رغم دورها المحوري لم تكن ذات أثر جوهري، حتى أن نهاية العمل باستيلائه على أرض الكازينو كانت شبه متوقعة.

مسلسل-عرابة-بيروت
مسلسل-عرابة-بيروت

لكن بالعموم لم يكن هناك Miss casting في العمل فكان الجميع في مكانه، رغم التفاوت.

قدم «عرابة بيروت» حكاية أبسط من المتوقع،
فلم تكن بذاك الزخم العالي، بل هي عبارة عن استعراض حاضر بقوة أكثر من كونه حكاية مشبعة التفاصيل،
فطغت عليها عروض الأزياء والديكورات والمكياج و»الكليشيهات»،
لكن يحسب له ببعض الأماكن تسليط الضوء على معاناة المرأة رغم تكرارها،
وأنه كان عملا لبنانيا مهما على صعيد اختيار الممثلين وأدائهم،
أما ما دون ذلك فكان عبارة عن لوحات استعراضية قريبة من فيديو كليب مطول.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة