جوى للانتاج الفني
الرئيسيةتايم لاينطلحت حمدي... المتفوق في كل الأجيال

طلحت حمدي… المتفوق في كل الأجيال

طارق العبد

تتراكم حالة الإبداع لدى الممثل بصورة تدريجية فيصل لدور يحفر طويلاً في الذاكرة،
غير أن نجاحه في هذه المحطة يجعلنا نستعيد مشواره منذ البدايات وحتى القمة، فتغدو اللوحة كاملة..
هي ببساطة المعادلة التي تنطبق على الراحل طلحت حمدي،
مع مفارقة هامة أن لا دور يحفر بالذاكرة، بل سلسلة أدوار حملت سمة التميز.

من حي ركن الدين شرقي دمشق، انطلق طلحت حمدي نحو الإذاعة ليعاصر الكبار في الخمسينيات.
هناك سيتعرف على حكمت محسن وتيسير السعدي،
فيدخل عالم التمثيليات الإذاعية بسرعة، ليتجه نحو المسرح، وفيه لن يحالفه الحظ بشكل كبير في البداية،
فالتهميش سيلاقيه في عدة محطات،
رغم أن وزارة الثقافة كانت قد اختارته ليكون عضوا في فرقة المسرح القومي،
ولكنه كان بعيدا عن الأضواء حتى السبعينيات ووقتها سيكون له محطة جديدة في مشوار الفن.

طلحت حمدي
طلحت حمدي

سينتظر بطل «طرابيش» لمدة حتى يرد رفيق الصبان الاعتبار له ويمنحه الدور الرئيسي في مسرحية «الزير سالم»، فيحصد النجاح قبل أن يخاصمه المسرح القومي مجددا.
فيتجه لمسرح الطفل بانتظار موعد جديد مع النجومية في الشاشة الصغيرة.
وكما منحه رفيق الصبان تذكرة النجومية مسرحيا، سيقوم علاء الدين كوكش بالخطوة ذاتها تلفزيونيا في مسلسل «ساري».
كانت مرحلة البث الملون تلفزيونيا وكانت كذلك مرحلة الدراما المشتركة بمفهوم ذلك الزمن بين الأردن وسوريا.
هكذا سيتصدى طلحت حمدي لبطولة العمل رفقة منى واصف وملك سكر وعبد الرحمن آل رشي،
وسيتقن الأداء حد إثارة الدهشة بعمل بدوي سيحصد النجاح في الشارع الأردني وقتها.
وفي منتصف الثمانينات، يختاره المخرج محمد ملص لدور لافت جدا في فيلم «أحلام المدينة»،
قبل أن يفارق السينما عائدا للتلفزيون حيث سيضرب الراحل موعدا جديدا مع التفرد بعمل حمل كل سمات الإبداع.
بل ويمكن اعتباره من كلاسيكيات الدراما السورية.
والحديث هنا عن «دائرة النار»، ففي أربعة عشر حلقة حملت إمضاء المخرج هيثم حقي، تفرد البطل بشخصية «موفق» المركبة وذات العلاقات المتداخلة مع أبطال العمل،
ضمن حكاية صاغها الراحل ممدوح عدوان بعناية فائقة.
على أن هذا لن يكون اللقاء الوحيد بين حقي وبطلنا،
إذ سيلتقيان معا بعد عام في الدراما التاريخية «غضب الصحراء»،
فيطل بشخصية رماح الفارس الغريب القادم لينتقم من الأزرق زعيم القبيلة التي تروع القبائل في الصحراء.

طلحت-حمدي
طلحت-حمدي

لن يغيب اسم طلحت حمدي بعد ذلك عن الشاشة،
ولكنه سيطرق باب الإنتاج الدرامي محاولاً تقديم مفهوم درامي متجدد وقيمة فنية بمضمون عال لا يغفل شرط المتعة. فينجز «الزاحفون» مطلع التسعينات ويثير ضجة كبرى في «المكافأة»،
مثيراً قضايا المعلمين ما أغضب النقابة آنذاك.
وليكمل لاحقاً في «طرابيش» سنة 1992،
حيث يحضر منتجاً ومخرجاً وممثلاً في آن معاً.
وثم كان مسلسل «شاري الهم» قبل أن يصل لإغلاق شركته للإنتاج منتصف التسعينات،
بعد أن فتح الباب للعديد من الوجوه الجديدة للتقدم أكثر في عالم التمثيل بالظهور ضمن هذه الأعمال.

طلحت-حمدي
طلحت-حمدي

ومع نهاية رحلة الإنتاج، سيدخل مرحلة جديدة في الدراما السورية مع عمل حضر لخمس أجزاء على مائدة أهل الشام في رمضان، عارضاً لمراحل من تاريخ سوريا الحديث.
هكذا سيتخذ التلفزيون الرسمي قراراً بإنتاج جزء ثانٍ وثالث ورابع وخامس من «حمام القيشاني»،
ويحل طلحت حمدي في الأجزاء الأربعة بشخصية شوكت القناديلي (لعب سلوم حداد بطولة الجزء الأول).
وهنا سيحجز الحظ موعداً متجدداً مع الرجل بأداء متفرد لشخصية التاجر الدمشقي ذي اللسان المعسول والعلاقة الإيجابية مع أهله وأبنائه والمسكون بحب وطنه والانتماء له.
وبنفس الوقت هو الرجل المزواج الذي لا يقطع الود حتى مع من ينفصل عنهن.

هنا سيجد الكاتب دياب عيد والمخرج والممثل الراحل هاني الروماني ضالتهما في شخصية طلحت حمدي وضمن عمل رمضاني مسل وبنفس الوقت راصد للتحولات التاريخية في سوريا منذ الاستقلال وصولاً لعام 1963،
وليسجل اسم شوكت القناديلي كأحد أهم أدوار البطل الراحل.

طلحت-حمدي---ابو-عزو-القناديلي
طلحت حمدي- ابو عزو القناديلي

يتابع طلحت حمدي مشواره الدرامي، لكنه يغيب عن أدوار البطولة تدريجياً قبل أن يعود بقوة في فيلم «حسيبة» عن رواية خيري الذهبي وإخراج ريمون بطرس، ثم يحضر في أعمال مثل «صراع على الرمال»، «بيت جدي»،
والنسخة الجديدة من «أسعد الوراق» ليؤدي شخصية «أبو نعيم» رفقة منى واصف.
وإذا كانت إحدى أولى المحطات في الدراما البدوية، فالصدفة ربما هي ما تجعل آخر مشاركاته في عمل بدوي أيضاً هو «توق» عن رواية الأمير بدر بن عبد المحسن وسيناريو عدنان العودة وإخراج شوقي الماجري.
قبل أن ينطفأ قلبه ويفارق عالمنا في كانون الثاني 2012.

لا يمكن إغفال تجربة طلحت حمدي وهو المسرحي المتفوق وصاحب الحضور القليل،
والمتفرد مع ذلك، سينمائياً.
أما في الدراما فاسمه بات علامة فارقة يعرفها جيداً العاملون في هذا المجال، وهو المبدع في كل أشكال الدراما.
باختصار: هو صاحب معادلة الأدوار العديدة والمتفردة معاً.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة