أن نصنع ذاكرتنا بأنفسنا
عكف المخرج السوري جود سعيد على تصوير فيلم روائي طويل بعنوان “سلمى”،
وهو ينتمي إلى السينما المستقلة، محاكياً بذلك تجارب مشابهة في بلدان عربية عديدة،
وربما يكون التجربة الأولى في سورية. ويطمح سعيد، وشركاؤه من صناع الفيلم،
إلى “تقديم فيلم سوري معاصر هادف وقادر على أن يكون فيلم شباك تذاكر في الوقت نفسه”.
تمويل الفيلم جزء منه ذاتي والجزء الآخر رعاية، وفيما يتعلق بالجزء الذاتي فهو يعود إلى جود سعيد ووائل عز الدين اللذين كان لهما تجربة سابقة في إنتاج وثائقي، العام الفائت، عن الرسام يوسف عبدلكي ومن إخراج محمد ملص.
تدور قصة الفيلم حول امرأة سورية تبدأ رحلة البحث عن شهادة وفاة لزوجها لتجد نفسها مرشحة إلى مجلس الشعب. وتنتقل سلمى إلى منزل والد زوجها أبو ناصيف بعد أن فقدت منزلها جراء الزلزال، وتعيش مع ابنها أمجد وابن أختها جميل الذي فقد عائلته وأنقذته سلمى كما أنقذت بعض المدنيين الآخرين بشجاعة. تكافح من أجل عائلتها لتأمين لقمة العيش وتصطدم بمشاكل كثيرة آخرها كان الصدام مع أبي عامر الرجل المتنفذ الذي ترشحت سلمى بمواجهة أخيه.
الفيلم من بطولة سلاف فواخرجي وبمشاركة باسم ياخور. مع طاقم من الفنيين مؤلف من وائل عز الدين، يحيى عز الدين، رامي عبيدو، رجاء مخلوف، وسومر ابراهيم.
ويقول جود سعيد إن بطلي العمل “متواجدان في الفيلم إيمانا منهما بهذا المشروع السينمائي وبالتالي كشركاء فيه أيضا”.
وعن سبب قراره إنجاز العمل بعيدا عن المؤسسة العامة للسينما، يقول: “اخترت إنجاز هذا العمل بعيداً عن المؤسسة لعدة أسباب، أولها محاولة إنجاز فيلم يفتح باباً جديداً في السينما السورية بمعنى دخول قطاعات اقتصادية لدعم أفلام بسيطة الميزانية ذات قيمة معرفية، وفي الوقت نفسه تستطيع محاكاة الجمهور.
سبب آخر ورئيسي وهو عجز المؤسسة بسبب القوانين عن الدخول في شراكة حقيقية مع القطاع الخاص تلبي طلباته المحقة وأبسطها أن يشرف بنفسه على صرف حصته، وهناك أيضاً وضع المؤسسة المالي حالياً فهي غير قادرة فعلياً على إدارة مشروع خارج دمشق”.
وعن التصاق أعماله بالراهن والآني، وكيف ينجو من الارتهان له بالمعنى السياسي،
يقول: “ما نعيشه هو جزء من خزان الأفكار الذي يعنيني تحويله إلى مساحة متخيلة لمحاكمة الواقع وإعادة وضعه في مواجهة من يعيشونه،
أي الجمهور، وذلك من أجل أن يبقى كوثيقة أولاً نقول فيها، ومن خلالها،
ما نحس ورأينا فيما نعيش، ومن أجل أن نصنع ذاكرتنا بأنفسنا..
أما الحالة السياسية فلطالما جربت أن أكون أنا دون تجميل أو تزييف،
بكامل قناعاتي والتي تنحاز في نهاية الأمر للقضية الإنسانية أولاً وأخيراً دون أن أنكر موقفي مما نعيش أكان سياسياً أو غيره”.