جوى للانتاج الفني
الرئيسيةتايم لاينرحيل الفنانة ثناء دبسي... أم الشاشة السورية وعاشقة المسرح

رحيل الفنانة ثناء دبسي… أم الشاشة السورية وعاشقة المسرح

رامه الشويكي

من منا لم يشعر بأنها تشبه والدته بحنانها وصوتها الدافئ، الفنانة القديرة “ثناء دبسي” التي رحلت عن عالمنا تاركةً خلفها سجلاً طويلاً من الأعمال في التلفزيون، المسرح، السينما والإذاعة، والأهم أنها تركت أثراً طيباً لدى كل من عرفها.

خسارة كبيرة

لم تكن بالنسبة لي ممثلة استثنائية فقط بل ما كان يجمعنا أكثر بكثير بهذه العبارات تحدثت الكاتبة “ريم حنا” لموقع فن وناس عن الراحلة فتقول: “هي أمنا جميعاً في مزرعتها بدروشة هي السيدة الذواقة المرهفة عاشقة الورود الجادة المرحة وقبل كل ذلك الانتقائية، البعض يراها مقلّة في مسيرتها الفنية مرجعاً السبب لدواعٍ عائلية ربما، لكن السبب الحقيقي هو أنها كانت ترفض أدواراً كثيرة تعرض عليها لأنها لا تتناسب ومسيرتها الأنيقة الراقية، برحيلها تطوى صفحة جديدة لعصر من ذهب”.

وعبر فن وناس تخاطبها بهذه العبارات…”سأشتاق لك يا ثناء وخسارتك كبيرة ولو أنك تركتي لي إرثاً ثميناً وهو إبداعك في “ذكريات الزمن القادم” و”رسائل الحب والحرب” إلى جانب كل رصيدك المسرحي والإذاعي والتلفزيوني”.

ريم حنا
ريم حنا

عمق إنساني

يرى المخرج “محمد عبد العزيز” أن الراحلة تركت مع رحيلها فراغاً كبيراً لكن العزاء سيبقى بإرثها وتجربتها الثرية التي لا تنضب فيقول: “لا أعتقد أن أحداً شارك الفنانة “ثناء” ولم يتأثر بعمق فرادتها ونزاهتها وفهما العميق للمنجز الإبداعي عملت إلى جانبها من خلال تجربتين هما “ترجمان الأشواق” و”البوابات السبع” وأعتقد أنه آخر عمل درامي قامت بتصويره”.

  وعن تجربتها في مسلسل “ترجمان الأشواق” يكمل المخرج “عبد العزيز” قائلاً: “أجريت مرحلة بروفات الطاولة معها في منزلها وسط “دمشق” لم نأخذ وقتاً طويلاً لبناء علاقة فنية وإنسانية تكللت بتقديم واحداً من أجمل أدوارها “جميلة”.

محمد عبد العزيز

محمد عبد العزيز

62 عاماً من الإبداع

ولدت الفنانة القديرة “ثناء دبسي” في “حلب” عام 1941 ومن الحفلات المدرسية انطلقت لتكون واحدة من ألمع نجوم الحركة المسرحية السورية والعربية في الستينيات والسبعينيات بحسب الكاتب المسرحي والناقد “جوان جان” الذي يرى أن بداياتها كانت من رقص السماح، غناء الموشحات والتمثيل في مرحلة الدراسة الإعدادية، مشيراً إلى أنه على الرغم من ميلها إلى فن الغناء منذ طفولتها إلا أنها لم تطمح يوماً إلى أن تكون مغنية، تدربت على يد الأستاذ “بهجت حسان” في فرقة نادي المسرح الشعبي في “حلب” وشاركت في الحفلات التي كانت تقدم الموشحات الأندلسية والقدود الحلبية مما ساعدها على حد قوله في تطوير مهارات الإلقاء وكان أول عمل مسرحي تشارك فيه بعنوان “جميلة بو حيرد”.

وقفت الراحلة على خشبة المسرح القومي بدمشق لأول مرة عام 1961 في مسرحية “أبطال بلدنا” مع المخرج الأردني “هاني إبراهيم صنوبر”.

 يبين الكاتب المسرحي والناقد “جوان جان” أن الراحلة اهتمت منذ بداياتها بعملية التثقيف الذاتي فكانت تقرأ الكتب المتعلقة بفن التمثيل وعلم النفس مما ساعدها على تحليل الشخصيات التي كانت تسند إليها، سحرها التمثيل على خشبة المسرح واعتزت بمشاركتها في عدد من العروض المسرحية التي يذكر لنا الناقد “جان” منها “الأشجار تموت واقفة”، “أنتيغون”، “زيارة السيدة العجوز” عام 1971، ، “الأشباح” مع الفنان “رفيق سبيعي” ومسرحية “رجل القدر” عام 1962، “الأخوة كارامازوف” و”هواية الحيوانات الزجاجية” عام 1964 وفي المسرح العسكري شاركت بمسرحية “شيترا”.

أثر في الروح

الراحلة الوقورة في فنها وحضورها وحتى في رحيلها بهذه الكلمات وصف الكاتب الفنان “شادي كيوان” الفنانة “ثناء دبسي” وعنها يقول: “لم أستغرب أن يكون لرحيلها هذا التأثير الذي يبدو وكأن كل واحد منا خسر فرداً عزيزاً من عائلته، ربما لأن أثرها في أرواحنا ووجداننا يشبه مسحة الأم على جبينٍ محموم، هكذا كانت ضحكة، صوت وصراخ “ثناء دبسي” في مسلسلات “زمن العار” و”غزلان في غابة الذئاب”، “عصي الدمع” و”رسائل الحب والحرب”.

لم يلتقِ بها الكاتب “كيوان” سوى مرة واحدة لكنها كانت كما توقعها وسيظل يذكرها للأبد ضاحكة، حنونة ومحبة فحضورها على حد قوله لم يكن صاخباً وحياتها كذلك، فمقابلاتها على قلتها كانت كأنك تتجاذب أطراف الحديث مع أمك وتخبرها بما حدث معك اليوم.
شادي كيوان

 لم يكن صدفة برأيه أن نرى في الفترة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض يومياتها اللطيفة مع زوجها الفنان القدير “سليم صبري” أبٌ وأمٌ سوريان يسقيان الورود والذكريات في منزلهما، يضحكان ويمرضان دون ضوضاء، ويختم كلامه عنها لفن وناس بقوله هكذا رحلت “ثناء دبسي” بذات الدفء واللطافة والحنان الذين عاشت بهم وجعلتنا نشعر به كلما شاهدناها.

ثناء دبسي
من رسائل الحب و الحرب

تعتبر الفنانة الراحلة “ثناء دبسي” من أوائل الفنانين المساهمين في تأسيس المسرح القومي وإلى جانب أعمالها المسرحية والتلفزيونية شاركت عبر مسيرتها بأعمال سينمائية منها “المخدوعون”، “اللجاة”، “قيامة المدينة”، “حدوتة المطر”، الفيلم القصير “شوية وقت”، وفي السبعينات اتبعت دورة في المسرح في “فرنسا”، وحصلت على عدة شهادات تقدير عن مسيرتها الإبداعية منها تكريمها من قبل وزارة الثقافة عام 2020 في احتفالية أيام الثقافة السورية، وشهادة تقدير في مهرجان دمشق المسرحي عام 2004.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة