جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنقد تلفزيونيالمسلسلات الكوميدية.. حتى إشعارٍ آخر

المسلسلات الكوميدية.. حتى إشعارٍ آخر

تسجل الدراما الكوميدية السورية لهذا العام حضوراً خجولاً مقارنة بالأعوام الماضية، على الرغم من تاريخها الحافل، بدءا بأول ظهور للكوميديا في الدراما السورية مع الفنانين نهاد قلعي ودريد لحام اللذين شكلا أول ثنائي كوميدي فني في الوطن العربي بشخصيتي “غوار الطوشة وحسني البورظان” عام 1960، إلى جانب نخبة من الفنانين، وصولا إلى السلاسل الطويلة من “مرايا” ياسر العظمة و”بقعة ضوء”، وما بينها من أعمال كوميدية ناجحة.

غوار الطوشة
غوار الطوشة

تغير في الشكل

ليس من الضروري أن يكون للكوميديا شكل واحد، فالبدايات الكوميدية في الدراما السورية حملت قالباً مختلطاً من النقد الساخر الذي يمتّع المشاهد ويزيد من وعيه، وهو قالب مشابه لأبرز أعمال المسرح السوري فترة السبعينات، وانتقلت فيما بعد إلى القالب الأخف نسبياً، الذي يحمل قصصاً فكاهية، ولكن دون مغزى عميق.

أما العقود الأخيرة، فقد أعادت إلى الساحة الدرامية السورية الكوميديا الساخرة، المقتبسة من الواقع الاجتماعي، لتكون من أكثر الفترات تأثيراً في الدراما العربية، مثل “ضيعة ضايعة”، “ضبوا الشناتي”، “بقعة ضوء”، “يوميات مدير عام” وغيرها، وعلى الرغم من تباين أشكال الفكاهة والكوميديا في الدراما منذ مطلع الخمسينات وحتى فترة قريبة، إلا أنها كانت تغطي الحاجة لهذا النوع على اختلاف غايته، وتأرجحت طبيعتها بين وجبة دسمة للمشاهد العربي، ونوع خفيف يهدف للترفيه فقط.

كوميديا بين السطور

مع تزايد إمكانيات الإنتاج العربي والسوري تحديداً، فقدت النصوص الكوميدية مكانتها إلى حد ما، فإما أن تظهر بأعمال ذات بنية هزيلة وإنتاج متواضع، أو أن تكون مبطنة داخل الأعمال التي تحمل طابعا جديا، من لوازم ينفرد بها بطل القصة، إلى دعابات دخيلة على النصوص التراجيدية، خاصة أن محرك الفكاهة في السنوات الأخيرة يعتمد على ردة فعل الجمهور عليها وتداولها فيما بينهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

مسلسل مرايا ياسر العظمة
مسلسل مرايا ياسر العظمة

أزمة نص

مازن طه: السبب الأساسي لتراجع الكوميديا هو قلة النصوص وليس لشركات الإنتاج ذنب في ذلك

“لا يختلف اثنان على أن الكوميديا السورية تمر في حالة سبات”، هذا ما يؤكده الكاتب السوري مازن طه في حديث خاص مع “فن وناس”، مبيناً أنه خلال العقد الماضي لم تشهد الدراما السورية أعمالاً كوميدية ترسخ في ذاكرة ووجدان المشاهد، لافتاً إلى أن السبب الرئيسي هو غياب النص الكوميدي الجيد الذي يعتبر حجر الأساس لبناء أي مشروع كوميدي جيد.

يضيف طه: “رغم وجود كل الأدوات المتاحة من ممثلين موهوبين ونجوم في هذا المضمار، ومخرجين متمكنين وشركات إنتاج ترغب بإنتاج هذا النوع، فالكوميديا سلعة مطلوبة في كل المحطات ومنصات العرض”.

يتابع الكاتب السوري: “لن نبالغ إذا قلنا إن الكوميديا السورية تفوقت على مثيلاتها وباتت رقماً صعباً كما أنها فتحت الطريق لترويج اللهجة السورية لدى المشاهدين العرب، وهنا لابد أن نتساءل لماذا غاب النص الكوميدي بعد أن كان متوفراً، وقدمت الدراما السورية اعمالاً كوميدية خالدة؟”

وبنظرة سريعة على ما قدمته الكوميديا السورية نرى انها حافظت على مكانتها لعدة عقود وانحسرت أو تراجعت في العقد الأخير، بالإضافة إلى انسحاب كتاب الكوميديا المخضرمين من المشهد الإنتاجي ترك فراغا كبيراً لم يتمكن الجيل الشاب من سد هذا الفراغ.

ومن وجهة نظر الكاتب مازن طه، فإن الحل لاستمرار الأعمال الكوميدية هو البدء فعلاً بصناعة كوميديا حقيقية مبنية على أسس احترافية وورشات تدريبية لها.

ويرى طه بأن المشكلة لا تتعلق بالإنتاج، فإضافة إلى توجه الإنتاج السوري إلى الأعمال الأكثر تكلفة وتأثيراً، إلا أن السبب الأساسي لتراجع الكوميديا عائد لقلة النصوص والمبادرات من كتاب الكوميديا، وليس لشركات الإنتاج ذنب في ذلك.

مسلسل ضبو الشناتي
مسلسل ضبو الشناتي

من السوشال إلى “سكيتشات” تلفزيونية

لطالما اعتدنا أن نسمع شارة “بقعة ضوء” مع انتهاء وقت الإفطار، عُرض مسلسل بقعة ضوء على مدى عقدين كاملين منذ عام 2001، حيث كان من أبرز الأعمال التي قدمت لوحات كوميدية منفصلة مستوحاة من الحياة العامة في المجتمع.

ورغم محاولات مسلسلات عدة لتقديم “سكيتشات” تحاكي هذا النوع من الفن الكوميدي إلا أنها لم ترق لمستوى طموح المشاهد السوري لكونها اعتمدت على الدعابات الرائجة في المجتمع الافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعي عوضاً عن العمل على أفكار ساخرة نابعة من مشاكل المجتمع السوري وهمومه.

الكوميديا التي كانت جزءاً دسماً من كل موسم درامي، وفي بعض الأحيان كانت تأخذ دور العمل الأهم في الموسم، غابت بشكل شبه كامل في الموسمين الأخيرين، لتقل جرعة الضحك، مع آمال بإحيائها مرة أخرى من خلال أعمال لم تبصر النور حتى هذا الموسم.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة