جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمبدعونالمخرجة نور أرناؤوط

المخرجة نور أرناؤوط

أنا شخصية قيادية، وأفخر بربط اسمي باسم والدي

قبل شهر رمضان، طالعَنا مسلسل سوري لبناني قصير تحت عنوان “أقل من عادي”، مقدماً مخرجة شابة دخلت عالم الإخراج بعمر صغير لتحاول أن تثبت نفسها في سوق واسع يقل فيه أصلاً وجود النساء.
غامرت المخرجة السورية نور أرناؤوط بتقديم نص جريء ومختلف للكاتبة يم مشهدي، فكيف كانت هذه التجربة؟ وهل هي راضية عنها؟ وكيف دخلت مجال الإخراج؟ وكيف ساعدها والدها المنتج هلال أرناؤوط؟ أسئلة مختلفة أجابت عنها في حوارنا معها.

كيف بدأ شغف نور أرناؤوط بالفن؟ ولماذا وقع الخيار على الإخراج؟ فلنتعرف على البدايات

بدأ الشغف عندما كنتُ صغيرة وكان عمري خمس سنوات، فقد كنتُ أجمع وقتها عائلتي بغرفتي لأقدم لهم مجموعة عروض عن طريق ألعاب الباربي وغيرها، وكان من الممنوع عليهم الدخول دون دفع ثمن تذكرة، ومن وقتها بدأ الشغف والميل نحو المجال الفني. كانت البداية بتقديم قصة بطريقتي الخاصة.

قدمتِ فيلماً مصرياً ككاتبة ومخرجة تحت عنوان “كدبة بيضا” عام 2018، هل كنتِ راضية عن التجربة وهل ستكررينها؟

بالنسبة للفيلم فقد كنتُ راضيةً عنه، وقد كانت تجربة صعبة جداً، لأننا استحضرنا ممثلين أميركيين للعمل معنا في مصر وكان اختلاف وفرق الثقافات بيننا وبينهم صعباً، والتواصل معهم كان يحتاج جهداً، لذا كنتُ أتواصل معهم وأشرح المشهد باللغة الإنكليزية على طريقتهم، ثم أعيد الكَرة مع الفنانين المصريين، لكن النتيجة كانت جيدة ومن الممكن أن أكررها طبعاً، لكني أحب أن أقوم بين فترة وأخرى بتجارب مختلفة ومتنوعة.

بحكم أنكِ اشتركتِ كممثلة ومخرجة بعدة أعمال داخل سوريا وخارجها، في مصر وفي لبنان على سبيل المثال، هل لاحظتِ وجود اختلاف بآلية التعامل بين المخرج والممثل؟ وكيف تقيّمينها؟

هناك فرق شاسع بين المخرج والممثل، فالمخرج هو قائد العمل، والممثل جزء من أدوات المخرج الذي يريد أن يحكي حكاية الكاتب بطريقته، ويختلف أسلوب المخرج من مكان لآخر، لكن عن نفسي أجدني في الإخراج بشكل أكبر لأني شخصية قيادية، ولستُ “شاطرة” بأن أُقاد، فقد كنتُ دوماً أختلف مع المخرج حين عملتُ في مجال التمثيل، وكنتُ “لا أسمع الكلام” لذا من الأفضل لي أن أبقى مخرجة.

دَخَلتِ في تَحَدٍّ كبير بتبني نص للكاتبة يم مشهدي “أقل من عادي”، التي قدمت أعمالاً مهمة عديدة، لا سيما مع مخرجين مهمين مثل رشا شربتجي وحاتم علي، ألم تخافي من المقارنة؟ وما هي الإشكالية التي أَغرَتكِ لتبني النص؟

حقيقةً، وللأسف الشديد أنا لا أتابع مسلسلات عربية، فهي لا تستهويني إخراجياً ولا بطريقة التصوير، بل تعودتُ على الأعمال الأجنبية ودرستُ في مكان ليس عربياً، لذلك لم أقارن نفسي بأحد، بل قدمتُ رؤيتي الخاصة، وكان من الضروري تقديم رؤية يم مشهدي بطريقة أقرب للأعمال الأجنبية، ولحسن الحظ فإن العمل نال إعجاب كثيرين.

لماذا عنوان العمل “أقل من عادي” رغم أن الأحداث فيه ليست عادية، من قتل وحرق ومرض وغيره؟

ــ تسمية العمل جاءت لعدة أسباب، أولها أن هؤلاء الناس الأغنياء الذين يتحدث عنهم العمل، يتعاملون مع كل الأمور المحيطة بهم من موت وقتل وغيره بطريقة أقل من عادية، وهناك سبب آخر ربما هو أعمق قليلاً، وهو خاصية negative space التي استخدمتُها في العمل، وهي تعني ألا يكون الممثل في منتصف الكادر أو محوره، بل على هامشه، لأننا نحن كبشر أقل من عاديين مقارنةً بكل ما يحصل معنا في هذه الحياة.

لِمَ لم تقدم نور أولى أعمالها في الدراما المشتركة مع كاتب شاب جديد، هل هو نوع من الترويج لك بشكل أكبر بحكم أن يم مشهدي اسم معروف؟

عندما أقرأ نصاً يهمني ما هو مكتوب بغض النظر عن الكاتب، وبالنسبة لنص يم فما شدني إليه أنه كان مليئاً بالفلسفة والعمق النادر من نوعه، لذا أحببتُ النص وموضوعه وطريقة الطرح، ووقتها استفسرت عن الكاتبة، وعرفتُ أنها كاتبة مسلسل قلم حمرة وأهم الأعمال، لكنني أحببتُ الورق نفسه ليس لأن يم مشهورة، بل لأن النص أعجبني.

هل الخطوط الدرامية التي بقيت معلقة في العمل ولم تكتمل هي من خصوصية العمل أم لاعتبارات تجارية وتسويقية لإنتاج جزء ثاني؟

الخطوط الدرامية المعلقة كانت من أجل الجزء الثاني بشكل أكبر، لكننا نحن كصنّاع للعمل لن نقدم هذا الجزء في حال لم يكن هناك رغبة من الجمهور وحماس من أجل تقديم الجزء الثاني ومعرفة نهاية القصة.

العمل يشي بوجود سخاء في الإنتاج، هل كان ذلك ليتحقق لو لم يكن والدك هلال أرناؤوط هو المنتج؟ وهل تنزعجين من ربط اسمك باسم والدك بشكل دائم من الناحية المهنية أم أن الموضوع طبيعي بالنسبة لك؟

ــ بالنسبة للإنتاج فإن ظرفنا الإنتاجي كان صعباً فعلاً ولم يكن سهلاً كما يُظَن، وكان والدي “يشد عليّ” أكثر ولم يسهّل الأمور بالنسبة لي بشكل كامل وذلك كي أتعلم من نفسي ولكي أعرف كيف أتصرف بأي موقف أوضَع فيه، وربما لو لم يكن المنتج هو والدي لما كان كل هذا “الشد” موجوداً.
وأنا لا أنزعج بتاتاً من ربط اسمي باسم والدي لأنه إنسان صعب جداً وليس من السهل إقناعه بشيء وهذا معروف عنه بالوسط الفني، كما أنه رجل عصامي جاء إلى الكويت وفي جيبه عشرين دولاراً فقط حين كان عمره ثمانية عشر عاماً، وبنى نفسه بنفسه، لذا فهو ليس أي شخص، وكل من يعمل معه يعرف أن عقليته ليست بالعادية، وهو يحب أن يشجع الشخص على أن يعمل أكثر ويجتهد أكثر، لذا فإني فخورة جداً بربط اسمي باسمه.

عملتِ أيضاً كمنتجة منفذة في مسلسل دقيقة صمت داخل سوريا، هل كنتِ حريصة على تحقيق شرط الإبداع في النص أم ملت لشرط الإنتاج أكثر؟ إلى أيهما رُجِّحَت الكفة؟

في هذا العمل كنت فقط منتجة منفذة، فلستُ أنا من يقرر حجم أو شرط الإبداع بالنص بل المخرج، وهو من عزز شرط الإبداع في العمل، لكننا سعينا وقتها أن نقدم إنتاجاً ضخماً في سوريا لأنه مر وقت طويل على عدم تصويرنا في البلاد.

 

نور-أرناؤط
نور-أرناؤط

كيف تقيّمين واقع الدراما السورية في الوقت الحالي؟ وماذا على المنتجين السوريين أن يفعلوا برأيك لإعادة تنشيط وتسويق وإحياء الدراما السورية، الاجتماعية بالتحديد، لتنتشر عربياً أكثر كما ذي قبل؟

أجد أن الدراما السورية وضعها جيد حالياً، ففي مسلسلات الفورمات والمشتركة أيضاً يتم الاعتماد على الكاتب والمخرج والفنان السوري.
أما المنتجون السوريون فإنني أتمنى عليهم أن يتنبهوا للنصوص التي يريدون إنتاجها، ويقرؤوها جيداً ويركزوا عليها، فالسبب الوحيد الذي أدى إلى ضعف الدراما السورية أحياناً، هو عدم التركيز على النص، وكل الحكاية أصلاً تبدأ بالنص، لذا لو يتم التركيز على الورق فإن النتيجة حتماً ستكون مختلفة.

نريد أن نعرف منكِ اسم ممثل سوري وممثلة سورية، وكاتب سوري أو كاتبة سورية ترغبين في التعامل معهم كمخرجة في وقت لاحق؟

حقيقةً أتمنى أن أعيد التجربة مع طيف ابراهيم وهيا مرعشلي مرة أخرى، لأنهما فنانان حقيقيان وموهوبان ومازالا يحتاجان لفرصة أكبر للظهور.
وأنا أحب باسل خياط كثيراً وأتمنى العمل معه، ومن الممثلات فأنا أحب الفنانة سلافة معمار، وكلاهما صديقان مقربان جداً مني ومن العائلة.

بعد هذه التجارب المختلفة بين التمثيل والإنتاج والإخراج، كيف تعرّف نور أرناؤوط عن نفسها بالوقت الحالي؟

أعرّف عن نفسي كمخرجة، والمخرج هو جزء من صناعة القصة أو النص، فأنا كمخرجة أقدم نفسي ككاتبة أيضاً لأنه يجب على المخرج أن يكون جزءاً أساسياً من الكتابة، أما كممثلة فكما قلت لك، إنه من الصعب جداً أن أُقاد لذلك أحب أن أبقى خلف الكاميرا فذلك أفضل بالنسبة لي.

حاورها: جوان ملا
الصور بعدسة: أوس سلامة

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة