جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنقد تلفزيوني"الخائن" يجدد السجال حول الدراما المعربة

“الخائن” يجدد السجال حول الدراما المعربة

هاني المقطرن

 استطاعت الدراما التركية المدبلجة منذ بزوغها أن تحظى بشعبية كبيرة في الوطن العربي،
كونها اعتمدت على قصص مشوقة لامست قلوب المشاهدين عبر حلقاتها الطويلة مما جعلها تحتل مكانة مهمة في عالم صناعة الترفيه على مدار سنوات عديدة.
ومن خلال هذه الشعبية الكبيرة، بدأت هذه الدراما تشهد توطيناً وإنتاجاً زاخزاً في الوطن العربي،
فلم تعد الدراما المدبلجة تلبي طموحات الجمهور المتعطش للقصص المعقدة والمليئة بالمفارقات والصراعات،
مما دفع كبرى المحطات والمنصات العربية أن تستجيب لذائقة المتابعين،
وتبتكر نموذجاً خاصاً ظهر جلياً في السنوات الأخيرة تحت مسمى “الدراما التركية المعربة”،
ويتضمن هذا النموذج إنتاج مجموعة متنوعة من الأعمال المستنسخة عن التركية بما يجذب انتباه واهتمام المشاهدين،
بما تحتويه على قصص خيالية وشخصيات مركبة تحركها معالجة درامية متصاعدة بالتشويق في خط بياني متزايد، بشكل يجعل هذا المشاهد ينتمي إلى القصة وكأنه أحد أبطالها.
وبين الحكاية الأصلية والمعربة المقتبسة عن التركية تبرز عدة اختلافات ومفارقات، فالاقتباس هو أن يتم أخذ الحبكة الدرامية مع إمكانية التغيير بما يتوافق مع طبيعة وخصوصية المجتمع،
وهذا الأمر مقبول إلى حد ما, ولكن ما يحدث في الوقت الحالي لم يعد يتيح استخدام مصطلح الاقتباس،
حيث اتجهنا نحو تعريب الحكاية كماهي دون تعديل بتفاصيلها مع تعديلات بأسماء الأشخاص فقط.

وتعد تجربة ” الخائن” إحدى أبرز التجارب المعربة التي يتم عرضها حالياً،
واستطاعت هذه التجربة أن تثير اختلافاً واسعاً بالآراء بين من رآها مستهلكة إلى حد الملل كونها مستنسخة من عدة تجارب عالمية قبل وصولها إلى تركيا ومن ثم تعريبها،
وبين من وجدها قصة مثيرة تقوم على المتناقضات تنتقل فيها نقاط القوة بين الثلاثية التي يقوم على أساسها المسلسل كل عدة حلقات.

 

مسلسل الخائن
مسلسل الخائن

 

يدور سياق الأحداث حول طبيبة ناجحة (أسيل) تلعب دورها الفنانة سلافة معمار،
تتمتع بحياة منظمة ومتزوجة من رجل الأعمال (سيف) الذي يلعب دوره الفنان قيس شيخ نجيب ولديهما ابن.
تسير حياتهما في سعادة وسرور قبل أن تكتشف خيانة زوجها لها مع شابة تصغرها بالعمر (تيا، تقوم بدورها الفنانة مرام علي)،
ليحدث انقلاب في حياتها نتيجة معرفتها بالأمر،
ويزيد الطين بلة اكتشافها أن أصدقاءها المقربين كانوا على علم بالأمر،
وتقرر الانتقام من زوجها وكشف خيانته وخداعه أمام الجميع والانفصال عنه،
وتخطط حتى تتمكن من أخذ حقوق حضانة ابنها وتثير حملة قوية ضد طليقها ليضطر لمغادرة البلاد،
لكن ورغم ذلك يستمر الزوج في ملاحقتها مبدياً ندمه على ما فعله وأمله بالعودة إليها مما سيسبب الكثير من الأزمات والمواجهات التي تقود عنصر الصراع في الحدوتة.

لم تسلم النسخة المعربة من سيل الانتقادات التي تزامنت مع عرض العمل منذ حلقاته الأولى،
كونها لا تلائم خصوصية المجتمع العربي ولا طبيعة تفاصيل سكانه وهمومه،
فالسيناريو المحرك لسير أفعال الشخصيات لم يخل من بعض الهفوات المتعلقة بشكل الحياة بالإضافة إلى الحوار المزدحم بالألفاظ الإنكليزية،
علاوة على عدة عوامل متعلقة باختيار الأبطال حيث رأى الكثيرون من الجمهور بأن الفنانة ريتا حرب كانت غير مناسبة لتجسيد شخصية والدة الفتاة الشابة التي تقوم بدورها الفنانة مرام علي،
مما فتح باب التهكم لدى الجمهور بالتعليق على التقارب العمري بينهما، عدا عن الأخطاء الإخراجية التي برزت مع انطلاق العرض فيما يتصل بالناحية البصرية والجمالية التي أثرت جلياً على ملامح الممثلين وتعابير وجوههم.

ومع اقتراب حلقات العمل من النهاية،
بدا واضحاً أن الجمهور يتفاعل مع أحداث العمل بشكل مكثف من خلال ردود أفعالهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشاد البعض بالعمل ككل وبأداء الممثلين،
في حين هاجم عدد آخر من المتابعين صناع العمل مؤكدين أنهم لم يقدموا أي جديد ولم يبذلوا أي مجهود لتقديم شي مختلف نوعاً ما عن النسخة الأصلية للمسلسل (التركية).
بل كانوا ينتظرون أن يحدث الممثلون المشاركون في العمل أي تغيير فيه..

 

هاني المقطرن

 

وبين منتقد للحكاية ومعجب بها لا يخفى على أحد أنها حجزت مكاناً خاصاً على قائمة تفضيلات الجمهور بما نالته من نسب المشاهدة المرتفعة والتفاعل الكبير مع الشخصيات،
كون الثيمة الأساسية للعمل، القائمة على العلاقات الزوجية وتأثير الخيانة عليها،
تستأثر باهتمام المتابع المنجذب نحو هذه النوعية من الصراعات الدرامية إلى جانب وجود عناصر فنية متعددة من ديكورات وإضاءة ووصولاً للمكياج والأزياء وختاماً بقدرات وأدوات الممثلين المعنيين بتجسيد أحداث القصة بأفضل شكل.

وعلى الرغم من الانتقاد الواسع لهذه النوعية من الأعمال إلا أنها في النهاية خيار فني خاص بكل ممثل،
فهو وحده القادر على تطويع أدواته وإمكانياته لمجاراة هذا النمط،
وفي ذات الوقت يجب أن لا تكون هذه الأعمال بديلاً عن الإنتاجات المحلية التي تعكس الصورة الحقيقية للمجتمع،
وتبين مشاكله وهمومه،
بحيث يجب أن يسير النوعان معاً دون أن يطغى نوع على آخر بما يلائم في محصلة الأمر ذائقة الجمهور “الحكم” النهائي على أي سياق.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة