جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنقد تلفزيونيالبورد والأسهم التي أفلتت من صناعها

البورد والأسهم التي أفلتت من صناعها

مرح الحصني

الجميع متورط، كل الحلفاء أعداء، الأصدقاء
قنابل موقوتة قابلة للانفجار حسب تغير الظروف،
ولكل موقف خطة تتغير وتتعدل تبعاً لتغير المصالح وتضاربها،
والسلطة الرابعة شريكة في تغير القرارات،
وجميع القضايا كروت قابلة للحرق في وقت الحاجة إلى إحراقها،
والجميع بحاجة إلى طلب الحماية عندما تقلب الطاولة على رؤوس أعصاء البورد.

“البورد” مسلسل عربي مشترك من تأليف وإخراج هوزان عكو، وإنتاج Dionysia studios، بطولة: (سلوم حداد، باسم ياخور، نادين تحسين بيك، روزينا لاذقاني، نادين خوري، عبدو شاهين، كرم شعراني، ترف التقي) وغيرهم من الممثلين من عدة بلدان عربية،

مسلسل-البورد-سلوم-حداد
مسلسل-البورد-سلوم-حداد

العمل مؤلف من عشر حلقات، مدة الحلقة 50 دقيقة،
يتطرق النص إلى قضية التحرش الجنسي واستغلال الفتيات داخل مؤسسات العمل،
ويركز على صراع السلطة ومحاولة جميع الجهات الوصول إلى أعلى المناصب على حساب أي شيء،
يظهر ذلك جلياً في القصة التي نجحت في تعرية رؤوس الأموال والشركات المسيطرة على حركة الاقتصاد،
من خلال مشاهد كانت مليئة بفضاءات عمل ساهمت في لفت نظر المشاهد إلى ما يجري من تحت طاولات المكاتب الأنيقة، البطاقة التعريفية للعمل غموض ممزوج بالإثارة والتشويق،
وبعد وصولك للحلقة الخامسة بانتظار أن تمر المشاهد التي تفتقر إلى الأحداث السريعة والمحركة تستنتج أن العمل بلا غموض ولا إثارة ولا تشويق، فلم يكن مشهد تنحي زكي (سلوم حداد) عن منصبه خاطفاً للأنفاس بعد أن اقترف خطأه الأول والذي كان الأخير له في البورد بعد قيامه بالتحرش بفتاة تقدم له سيرتها الذاتية في غرفة الفندق مقابل حصولها على وظيفة،

مسلسل-البورد-نادين-تحسين-بيك
مسلسل-البورد-نادين-تحسين-بيك

ولم يكن تسلم مي (نادين تحسين بيك) مساعدته النسوية للمنصب من بعده محفوفاً بالمخاطر،
ولم تنطو الحلقات الأولى على الهدوء الذي يسبق العاصفة،
إذ لم نكن على موعد مع عاصفة ولا زوبعة درامية تقف وراء الأحداث الهادئة التي مرت،
ولو أن تسليم مي للمنصب من بعد زكي جاء دون مشهد الضغط عليه لكان أقرب إلى عقل المشاهد الذي أصبح مترعاً بالمشاهد الدرامية الدسمة التي ساهمت في تكوين ثقافته الدرامية،
وبالانتقال إلى مشهد محاولة اغتيال رابح (باسم ياخور) والذي من المفترض أن يكون مشهداً خاطفاً للأنفاس،
ومغيراً لمجرى العمل البطيء والهادئ إلى شيء من الإثارة والتشويق والتصعيد الذي يدفع المشاهد إلى المتابعة أكثر، لم ينتج عنه أي تغير في إيقاع العمل، وبقيت الأحداث تسير في رتمها البطيء.

العمل يحتوي على مباشرة سافرة في طرح مصطلحات وقضايا مثل التحرش
ومنها قول دانا (روزينة لاذقاني) “ما أبشع من المتحرش إلا البنت يلي بتبيع حالا”
كان بإمكان العمل أن يضيء على قضية التحرش ويجعل المشاهد يستنتج أن هذه الشخصية متحرشة دون التصريح والنطق المباشر لكلمة متحرش وتحرش وتكرارها خلال العمل لعدة مرات بشكل يظهر أنها مقصودة وبشدة،
وكوننا أمام عمل درامي لا أدبي فكان بإمكان الصورة أن توصل المعنى بدلاً من الكلمات،
بالإضافة إلى المباشرة في طرح قضايا أخرى مثل دمج ذوي الإعاقة، والمحافظة على الصحة والبيئة.

روزينا-اللادقاني-مسلسل-البورد
روزينا-اللادقاني-مسلسل-البورد

عدا عن أن النص كان يحتوي على مصطلحات فضفاضة أيضاً مرت بشكل مباشر دون التمهيد لها مثل قول رابح افرنجي: “أنا بستثمر بالأفراد قبل الاستثمار بالمشاريع”.
للحظة يجد المشاهد نفسه أمام محاضرة جافة أكثر من كونه أمام عمل درامي مهمته التسلية والمتعة قبل إقحام المحاضرات والمصطلحات المقولبة الجاهزة.
هذا ونجد خطأ في توزيع الأدوار التي تخدم جانب الشراكة وإدماج ممثلين من غير جنسيات في العمل في صلات قرابة غير موفقة،
فمن غير المنطق أن يكون جمال (عبدو شاهين) وهو لبناني الجنسية وينطق اللهجة اللبنانية شقيق هبة (نادين خوري) الممثلة السورية التي تنطق اللهجة السورية زوجة مواطنها السوري الممثل سلوم حداد،
وأن يطلب من المشاهد أن يتقبل صلات القرابة هذه وما تنطوي عليه من الاختلاف بالجنسيات واللهجات دون أن يشعر أن هناك اختلالا في توزيع الأدوار أو الشخصيات،
فلو كان الأخ والأخت ممثلين سوريين والزوج لبناني لكان التوزيع أقرب إلى عقل المشاهد ومقبولاً بشكل أكبر.

وبالعودة إلى قصة العمل وخاصة آخر خمس حلقات فقد كثرت السكاكين التي انهالت على رقبة زكي عندما وقع وأصبح رهينة بعد أن كان “البوس”،
وأصبح كبش فداء تعلقت على أكتافه جميع التجاوزات بالبورد،
ربما لم يكن لزكي من اسمه نصيب حتى قاده خطأه إلى أن يساق كرهينة ويطلب الحماية من فؤاد (خالد القيش) والذي سلمه بدوره لجمال ليكون زكي هو العبرة ومضرب المثل لبؤرة الفساد التي تنظف على يد مي،
ثم يقع العمل في هوة الأسهم، سهم صاعد وآخر منهار ولم يستطع البورد أن يوصل أفكاره التي تتحدث عن سوق التجارة العالمية والبورصات بسلاسة إلى المتلقي،
وبقي المشاهد أمام قضية اقتصادية واضحة فقط للكاتب والمخرج والمنتج وعصية على المشاهد وربما على الممثلين الذين كانوا يؤدون المشاهد بلا إحساس عميق بالخوف والخسارة والنجاح والفشل والأمل خلف الكاميرا،
وبقي المشاهد معولاً على الجملة التي حملت الاختلال الاقتصادي لبعض الخفافيش في الصين والذين كانوا وراء جائحة كورونا التي أحدثت خللاً بالعالم.
تتكثف الحلقة العاشرة من البورد وتعصر كل ما لديها من إثارة وغموض وتشويق،
حيث تصبح حياة زكي قاب رصاصة أو أدنى،
ومنصب مي على المحك،
وتتحول دانا من فتاة موزونة تدافع عن حقوق النساء وتعرف ما تريد إلى فتاة شبه مهلوسة تقف إلى جانب الباطل لأنها كانت مترعة بالخوف، وفي النهاية قتل زكي بطريقة ساذجة،
وبقي الحوار الذي دار بين رابح ومي يبشر بنهاية مفتوحة لم ترو فضول المشاهد بمعرفة الهدف الذي بني هذا العمل لأجله.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة