جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمساحة حرة«الإيفيه» من الفن إلى التجارة

«الإيفيه» من الفن إلى التجارة

يارا الشماع

إيفيه أو «”EFFET»واحد من المصطلحات التي ارتبطت بفن الكوميديا في الدراما العربية والتي تعني بالفرنسية (التأثير)، وقد استعملت لأول مرة في المسرح الكوميدي المصري لتدل على الجمل

«الإيفيه» من الفن إلى التجارة

الكلمات ذات التأثير الفكاهي الأقرب للنكتة والتي سرعان ما وصلت للسينما والدراما التلفزيونية الكوميدية.
من مميزات الايفيه عدم ارتباطه بالنص المكتوب،
فقد يكون وليد اللحظة أو ابتداع الممثل أو المخرج،
الأمر الذي جعله واحداً من أهم أدوات الفنان الكوميدي،
تقاس مهارته بقدرته على ابتكار الإيفيه والإضافة عليه..
وقد نجح العديد من الكوميديانات بتطويع هذه الأداة لتحقيق جماهيرية وانتشار كما فعل توفيق الدقن،
فؤاد المهندس، عادل إمام، سعيد صالح، محمد صبحي وغيرهم كثر.
في البداية كانت معظم الإفيهات تستقى من لغة الشارع مع اللعب على المعاني والجناس؛
لكنها مع الوقت استطاعت قلب المعادلة لتصبح الافيهات والقفشات جزءا من الحديث اليومي أقرب ما يكون للأمثال والأقوال المأثورة.
فمن منا لم يستعمل جملاً مثل: انجليزي ده يا مرسي؟؟، «كل واحد يخلي باله من لغليغو» في موقفٍ ما مر معه في حياته؟
في سوريا لم يكن الحال مختلفاً؛ فمع بداية النشاط التلفزيوني في الستينيات ظهر برنامج «سهرة دمشق» الذي قدم الراحل نهاد قلعي من خلاله مجموعة من السكيتشات الكوميدية لم تخل من العديد من الايفيهات على لسان دريد لحام، محمود جبر ورفيق سبيعي الذي تطور ليقدم ما عرف بالمونولوج لاحقاً.
ازداد انتشار تأثير الايفيهات على الجمهور مع انتقال الأعمال المسرحية من خشبة المسرح إلى الشاشة الصغيرة فأصبح الناس يتداولون أشهر عبارات مسرحيات كصياد وصادوني لفرقة محمود جبر وضيعة تشرين وغربة وغيرها لمسرح الشوك.
ولعل سلسلة مرايا التي بدأها ياسر العظمة عام 1982 كانت من اكثر الاعمال التي استخدمت افيهات ما زالت تستعمل حتى يومنا هذا في مناسبات واسقاطات متعددة.
من جهة أخرى فإن بعض الايفيهات تعدت كونها مجرد جملة تقال على لسان الشخصية لتكون جزءا أساسيا من التفاصيل المرسومة للدور بحيث التصق الايفيه بالشخصية وأصبح علامة فارقة لها كما هو الحال على سبيل المثال مع شخصية أبو كلبشة ” أنفي لا يخطئ» التي أداها الراحل عبد اللطيف فتحي،
حسام تحسين بيك في دور أبو طمزة «خرطوش فردك» وبالتأكيد أسعد وجودة في سلسلة ضيعة ضايعة لممدوح حمادة والليث حجو اللذان أجادا استغلال الايفيه في رسم شخصيات الأعمال الكوميدية التي قدماها سويا..
كما تجلى ذلك أيضا في الشخصيات الكوميدية التي قدمها أيمن زيدان خاصة عبر مسلسل «يوميات مدير عام» وأيمن رضا في معظم أعماله.
ومن الملاحظ أن أعمال البيئة الشامية أيضا على الرغم من عدم تصنيفها كعمل كوميدي الا انها حافظت على وجود شخصية طريفة في العمل تلقي النكات والايفيهات كطريقة تسويقية تساعد على انتشار المسلسل كما حصل مع مصطفى الخاني في شخصية النمس في «باب الحارة».
كحال انتقال القفشات والإفيهات من المسرح والسينما إلى التلفزيون كان لابد لها من العبور إلى عالم الانترنت والسوشال ميديا خاصة،
والتي رأى روادها في الإفيه مادة دسمة لتحويلها إلى «ميمز» وصور وبوستات ساخرة مما فتح أمامها مجالاً واسعاً للتسويق جعل المنتجين يقحمون الإيفيه في أعمال الأكشن وحرب العصابات بحيث أصبحنا نسمع جملاً محددة مكررة على طول العمل على لسان أبطاله سواء كان خارج عن القانون أو زعيم عصابة وغيرهم؛
كما هو الحال مع شخصية «جبل» التي أداها تيم حسن في سلسلة «الهيبة» و»عاصي الزند» وكذلك ابن دفعته قصي خولي في ”2020» و «وأخيراً»..
يرى كثيرون أن خروج الإيفيه من موطنه الكوميدي المحبب ليدخل عالم التسويق التجاري ينطوي على مخاطر عدة،
خاصة وأنه لا يراعي في معظم الأحيان قابليته السريعة للانتشار بين الأطفال والمراهقين بشكل خاص بالإضافة إلى دوره في تخفيف حدة ملامح الشخصيات السيئة وتسويق أفعالها بعدما أصبحت إفيهاتها محببة وقريبة من المشاهد تتداول بين الناس على الرغم من احتواء بعضها على كلمات خارجة أو مسيئة.
وهكذا عادت الإيفيهات لتستقى من لغة الشارع… وشتان بين لغته منذ مئة عام ولغته الآن.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة