جوى للانتاج الفني
الرئيسيةسر الصنعةبعد اعتماد اللهجة السورية في منصات عالمية

بعد اعتماد اللهجة السورية في منصات عالمية

الدوبلاج.. خفايا وأسرار

فؤاد مسعد

شكّل اعتماد اللهجة السورية ضمن خيارات العرض كلهجة أساسية للدبلجة في منصات عالمية (نتفليكس، ديزني) خطوة هامة نحو الأمام، لما تحمله في عمقها من المعاني والدلالات، بما فيها الاعتراف بقيمة المًنجز الإبداعي الذي يُقدّم عبر أعمال مُدبلجة بهذه اللهجة، وتأثير حضورها في نفوس متابعيها، وتثمين جهود العاملين فيها.




تتشابك الأفكار وتتكامل بين محورين ليتم نقاشهما عبر السطور التالية، يتمحور الأول حول أهمية وآفاق اعتماد اللهجة السورية. ويرتكز الثاني على الغوص أكثر في أغوار “سر الصنعة” ضمن عالم “الدوبلاج” بكل ما فيه من خفايا، منذ نقطة الانطلاق وصولاً إلى الشاشة.

عمر-الكعدي

إدراج اللجة السورية يعني انتشارا أوسع

عمر الكعدي

اللهجة البيضاء

البداية كانت مع المديرة العامة لشركة سيمفوني للإنتاج الفني والدبلجة والترجمة، منى سمعان. التي تحدثت عن السر الكامن وراء وصول اللهجة السورية لاعتمادها في منصات عالمية، فقالت: السر وراء نيل اللهجة السورية هذه المرتبة يكمن في أنها قريبة من اللغة العربية الفصحى ومفهومة في الدول العربية كلها. وقد اعتمدنا اللهجة السورية البيضاء القريبة من الفُصحى وليس اللهجات السورية المغرقة في المحلية وصعبة الفهم.

وأكدت سمعان أن الدوبلاج بات مصدر عمل ودخل لمئات الآلاف من السوريين، فكوادر ضخمة جداً تعمل في هذا المجال (مخرجون، مهندسو صوت، مدققون لغوييون، مترجمون، معدون، ممثلون..)، مشددة على أهمية دعم مجال الدوبلاج في سورية من كافة الجهات.

حول “سر الصنعة” من الألف إلى الياء، تحدث نائب مدير شركة سيمفوني “عمر الكعدي” عن أهم مفاصل المهنة، منطلقاً من الإشارة إلى أن ما يتم اختياره للدبلجة غالباً ما يكون حديث الإنتاج ويتناول موضوعاً مشوقاً، ويتناسب مع المعايير الرقابية في البيئة العربية.

ـ ما المراحل التي يمر بها العمل الدرامي في الدوبلاج؟

أولى المراحل هي الترجمة، فيكون لدى المترجم نص يترجمه ويطابقه مع الفيديو ليتأكد أن الترجمة صحيحة، ويتم الانتقال إلى مرحلة الإعداد للدوبلاج حيث يفتح المعد كلاً من الفيديو والنص المترجم ليقرأ كل جملة بجملتها بالتزامن مع الممثل الأساسي في العمل، بحيث يبدأ وينتهي معه ليضبط طول الجملة بما يتناسب مع كلامه، وقد يلجأ إلى الاختصار من الكلام ليتطابق زمن الترجمة مع زمن اللغة الأصلية، شرط أن يراعي المعنى الأساسي للجملة.

بعد أن يقوم المُشرف بمشاهدة العمل يختار الشخصيات التي ستؤدي الأصوات، ويأخذ بعين الاعتبار مجموعة معايير، منها طبيعة صوت الشخصية، أهو عريض أم صغير؟ وهل الشخصية لطفل أو شاب أو كهل؟ أهي كوميدية أم جادة ؟..، وفيما يتعلق بالشخصيات الرئيسية غالباً ما يتم إجراء تجربة لعدة ممثلين، وإما تختار الشركة الأنسب بينهم أو أن المحطة التي تُرسل لها التجارب هي من يقرر الممثل الأنسب بأدائه وصوته للشخصية، في حين نقوم باختيار الممثلين للشخصيات الأخرى.

ـ ماذا عن احتمال اختلاف تطابق نطق الجملة بين المعد والممثل الذي سيضع صوته على الشخصية؟

هذا الأمر يحدث، فأداء الممثل قد يختلف عن أداء المُعدّ الذي يحاول ضبط تطابق الزمن في نطق الجملة قدر الإمكان، وعادة لا يكون الفارق كبيراً، وربما يضطر الممثل داخل الاستديو لأن يضيف أو يحذف قليلاً، أو يصدر (صوت تنفس أو انطباعاً ما) فيحقق التزامن، كما إن المشرف يوجهه ليسرع هنا أو يخفف هناك، وأحياناً يمكنه عبر برنامج التسجيل أن يُقدم أو يؤخر الجملة جزءاً من الثانية لتحقيق التطابق.

بعد التسجيل تأتي مرحلة المكساج، وفيها نضع الحوار باللغة العربية مكان الحوار الأساسي، ويتم تدقيق تطابق الشفاه بين الممثل المؤدي والممثل الأساسي، وضبط (إفيكت) الأصوات الأخرى كصوت حركة الباب والموسيقا التصويرية، وهناك (افيكت) آخر يوضع لتكون الأصوات واقعية، كصوت الجو العام عندما يكون الحوار في الشارع. ثم تأتي مرحلة تدقيق الجودة فتُشاهد الحلقة كاملة للتأكد أن الأمور جيدة.

ـ أين تكمن أهمية اعتماد اللهجة السورية في منصات عالمية؟

لدى هذه المنصات ملايين المتابعين. وإدراج اللهجة السورية ضمن اللهجات المعتمدة لديها يعني فرص عمل أكثر لمن يعملون في هذه المهنة، وشهرة أكبر وانتشاراً أوسع لها.

ـ ما سر الجاذبية التي امتلكتها الأعمال المدبلجة باللهجة السورية؟

انطلقت دبلجة الأعمال الدرامية في التسعينيات وبدأت باللغة العربية الفصحى. وفيما بعد جربت المحطات تقديم الدبلجة بعدة لهجات والبداية كانت من اللهجة السورية ثم تم تجريب لهجات أخرى، ولكن النجاح الأكبر كان للأعمال المٌدبلجة باللهجة السورية التي أحبها الناس. حتى أن أداء الشخصية باللغة العربية كثيراً ما يأتي أجمل مما هو عليه في اللغة الاصلية.

الوصول إلى المشاهدين

حرصت الفنانة لورا أبو أسعد على توضيح نقطة هامة في بداية حديثها، مؤكدة أن اعتماد اللهجة السورية لدى منصات عالمية لا يعني إلغاء اللغة العربية الفصحى ولكنه إضافة لخيار اللهجة السورية إلى جانب اللهجة المصرية والخليجية والمغاربية، تماماً كما نجد خيارات للغة الانكليزية باللهجة الأميركية أو البريطانية. أما عن معنى اعتماد اللهجة السورية في تلك المنصات، فقالت: معنى ذلك هو نجاح اللهجة السورية ووصولها الى قلوب المشاهدين العرب خاصة للمسلسلات التركية والهندية وبعض أنواع الدراما الأخرى، وهنا تستغل المنصات هذا النجاح لتضيفه الى قائمة اختيار المشاهد لتضمن لنفسها عدداً أكبر من المتابعين.

وحول سبب نجاح أعمال الدوبلاج المُنجزة بصوت سوري، قالت: نجاح فن الدوبلاج في سورية لا ينفصل عن نجاح أي فن آخر سواء في التلفزيون أو السينما أو المسرح أو الفن التشكيلي أو الرقص..، فلدينا عناصر متكاملة للإبداع، وكل ما ينقصنا هو الدعاية. فن الدوبلاج والإنتاج التلفزيوني حصلا على هذه الدعاية بسبب وصولهما الى المحطات الأكثر شهرة التي تخصص ميزانيات كبيرة للدعاية والتسويق.

النجاح بالاستمرار

الفنان قصي قدسية أكد أن التميز السوري عموماً لم يأتِ من فراغ، فهو تراكم سنوات طويلة من البحث والخبرة والجهد المضني. سواء في التلفزيون أو المسرح أو الدوبلاج. أما حول أهمية خطوة اعتماد اللهجة السورية في منصات عالمية، فيقول:

الأهمية الأولى أنه رغم الحصار وحجب منصات عالمية عن بلدنا إلا أن هذه المنصات اعتمدت اللهجة السورية لأعمالها ذات الأهمية الفكرية والبصرية أسوة بمجموعة كبيرة من المحطات العربية المرموقة والواسعة الانتشار. والأهمية الثانية تكمن في التميز، ما يعني أنه لا غنى عن الدوبلاج السوري. وهذان الأمران ينبغي أن يكونا حافزين لنا كصناع سوريين لهذه الحرفة لنطور أساليب العمل ولنسخّر كل الطاقات اللوجستية والمادية والبشرية ونواكب التطور التقني لنبقى في القمة، فالنجاح بالاستمرار.

ـ ما سبب نجاح الأعمال المُدبلجة بالصوت السوري؟

الجواب في (الصوت السوري)، والأدق والأكثر إنصافاً (الممثل السوري)، وهنا لا أغمط شركاتنا والعاملين معها حقهم في النجاح والتميز، فهم أصل الحكاية، لكن منطق الفن هو أن المتلقي لا يعرف من ذلك كله إلا القليل، ويبرز له بالدرجة الأولى إحساس وصوت ونبرة “الممثل المدبلج”، فيستسيغه ويتابعه ويحبه، ولا يرضى بديلاً عنه.

ـ كيف للممثل أن يوائم بين إحساسه وإحساس الممثل الأصلي؟

بإدراكه لأدوات الممثل عموماً وخبرته ودقة ملاحظته. وبقيادة مشرف فني يحيط بخيوط الحكاية والشخصية الموكلة للممثل فيوجهه بالاتجاه المطلوب، لا زيادة ولا نقصان، بما يتناغم وفهمه للعمل ككل ومتطلبات المحطة العارضة والبيئة التي سيعرض فيها العمل، ولدينا مشرفون فنيون أساتذة كبار في المهنة.

ـ حققت شهرة في الدوبلاج عربياً، فما العوامل التي تقف وراء هذا التميّز؟

لأنني ممثل يجيد عمله ويحترفه. فأنا ممثل مسرحي تتلمذت على يد أهم مخرجي سورية في المسرح القومي. وحظيت بدعم كبير من جمهور المسرح السوري مما أهلني بسرعة لأكون واحداً من المدبلجين السوريين المعروفين محلياً وعربياً. ويعود الفضل في ذلك أيضاً لدعم وثقة المشرفين الفنيين والشركات التي استدعتني للعمل معها. 

عمر الكعدي:
إدراج اللهجة السورية يعني انتشاراً أوسع

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة