جوى للانتاج الفني
الرئيسيةمساحة حرةألف فيلم عن فلسطين .. الصراع في ميدان الفن السابع

ألف فيلم عن فلسطين .. الصراع في ميدان الفن السابع

عامر فؤاد عامر

تشير الإحصاءات إلى أن عدد الأفلام السينمائية التي تناولت القضية الفلسطينية يزيد على الألف فيلم،
ما بين الوثائقي والتسجيلي والدرامي..
ونلفت النظر إلى أن الغرب أنتج أفلاما عن فلسطين أكثر بكثير مما أنتجته السينما العربية،
خاصةً ما بين العامين 1916 – 2005.

لكن كثيرا من الأفلام كان هدفاً للموساد الإسرائيلي،
من لحظة البدء في تنفيذ الفيلم إلى ما بعد عرضه،
وهناك أفلام مات منفذوها أثناء تصويرها، أو اعتذروا عن الاستمرار فيها، وأفلام اعتذر عنها منتجوها أو سعوا لتنفيذها بصورة سرية،
كما في فيلم “الفلسطيني” للمخرج السويسري جان لوك جودار في العام 1968،
وكذلك في فيلم “المخدوعون” – إخراج توفيق صالح – إنتاج العام 1972،
الذي حاول أكثر من منتج تنفيذه في مصر ولم ينجحوا في ذلك إلى أن غيروا وجهة الإنتاج والتصوير كاملاً إلى سورية والعراق،
فكانت النسخة التاريخية من هذا الفيلم.

فيلم-المخدوعون
فيلم-المخدوعون

في بعض المرات كانت صالة السينما تتعرض للتفجير أو الحرق قبل عرض أي فيلم يتحدث عن الحق الفلسطيني، مثال ذلك الفيلم الفرنسي الوثائقي “هنا وهنالك”، إخراج آن ماري ميغييل وجودار، إنتاج العام 1974،
الذي يتحدث لأول مرة بشكل صريح عن هم العائلة الفلسطينية مقارنة بعائلة فرنسية،
أيضاً تشير بعض الحوادث في عالم السينما إلى أن بعض الأفلام التي طُرحت عن القضية الفلسطينية كانت تباع تذاكرها من دون أن يحضرها مشاهد واحد..

من الملاحظ أن الباحث لا يجد إلا القليل من هذه الأفلام التي تم توثيقها على المواقع المختصة بالسينما،
لأن حقيقة سعي الجماعات اليهودية لنسف هذه الأفلام وتجريدها من العرض والتوثيق بات حقيقة لا مناقشة فيها،
كما حصل مع بداية عرض فيلم “هانا .ك” للمخرج اليوناني “كوستا غافراس” 1983، الفيلم الروائي الأول الذي حمل القضية الفلسطينية إلى العالمية،
حيث تم زرع قنبلة في صالة العرض في باريس، إضافة إلى أن الفيلم لم يتوفر بنسخة كاملة إلا منذ مدة وجيزة.

بالمقابل نجد أن عدد الأفلام التي تتحدث عن القضية الفلسطينية قد ازداد مع مطلع الألفية بعد انتشار التقنية الرقمية التي سهلت إنتاج الأفلام عموماً.
على سبيل المثال: “يد إلهية”، إخراج إيليا سليمان 2002، و”أمريكا”، إخراج شيرين دعيبس 2009، وفيلم “السلام عليك يا مريم”، باسل خليل 2015، وغيرها.

وتقوم الجماعات المناهضة للقضية الفلسطينية بدعم الأفلام والروايات المروجة زورا لحق الإسرائيليين في اغتصاب الأرض الفلسطينية،
ويشمل الدعم كافة الوسائل، كفيلم (الخروج “Exodus” – أكسيدوس) المنتج في العام 1960 للمخرج أوتو بريمنغر، الذي زور الحقائق ليعتمده البعض وثيقة تاريخية.

كان هناك على هذه الشاكلة تجديد لبعض النسخ السينمائية التي ركز عليها الإنتاج الغربي،
كما حصل في واقعة الألعاب الأولمبية في “ميونخ” – ألمانيا 1972، حيث اقتاد مجموعة من الشباب الفلسطيني عدداً من الرياضيين الإسرائيليين المشاركين في هذه الدورة كرهائن هددوا بهم الكيان الإسرائيل ورئيسة وزرائه حينها،
جولدا مائير، من أجل إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

ويشار إلى أن سبع نسخ سينمائية وضعت عن هذه الحادثة بين توثيقي ودرامي، ففي العام 1976 تم تصوير الحادثة كما جرت،
لكن كان هناك تحيز في بعض المشاهد والحوارات لاستعطاف الرأي العام باتجاه إسرائيل، ثم تتجدد النسخة بعنوان “ميونخ – “Munich” للمخرج ستيفن سبيلبرغ في العام 2005،
لكن لتسلط الضوء على ما فعله الموساد الإسرائيلي من انتقام وتفجير واغتيالات لشخصيات فلسطينية مثقفة،
منتشرة في دول العالم،
وكيف ساعدت أياد فرنسية في التمهيد لتنفيذ سلسلة الاغتيالات هذه،
وعلى الرغم من ذلك تم تصوير المنتقمين الإسرائيليين بصورة سينمائية براقة،
وكأنهم أبطال وطنيون أمام عمليات الغدر والخباثة التي قاموا بها، وكل ذلك بعدسة وتوقيع مخرج مهم!

من الأفلام التي شوهت في القضية أيضاً نذكر فيلم من إنتاج العام 1984 “فتاة الطبال الصغير – “The Little Drummer Girl” للمخرج جورج روي هيل،
وما زيفه من حقائق عبر قصة درامية فحواها أن ممثلة إنكليزية تجند من قبل إسرائيل للتجسس على الفلسطينيين.

ومن الأفلام التي طرحت أسئلة متجددة فيلم “الجنة الآن – “Paradise Now ” المنتج في العام 2005،
لهاني أبو أسعد وفيلمه المنتج في العام 2013 “عمر” حيث يتطرق فيهما للفلسطيني الذي يتعامل مع الاحتلال والظروف التي تقود الفلسطيني لكثير من الأمور بما فيها تفجير نفسه، وغيرها من الجوانب.

أيضا ًمن النقاط البارزة التي شهدتها الحركة السينمائية العالمية باتجاه فلسطين هي المواقف المعلنة والصريحة لنجوم ومنتجين سينمائيين،
والتي كانت مناهضة للصهاينة، ومنهم المخرج السويسري جان لوك جودار والمخرج كوستا غافراس أيضاً،
وكذلك الممثلة والمنتجة البريطانية فانيسيا ريد كريف وفيلمها الوثائقي “الفلسطيني” الذي جاء بعد شهرتها وتكريمها في أهم محافل السينما،
ولن ننسى تصريحات الممثل الأيقونة مارلون براندو عن عنصرية الإسرائيليين ضد الفلسطينيين،
والتي كلفته المكوث في بيته وحيداً لسنوات طويلة، وكذلك النجمة الفرنسية جولييت بينوش التي ظهرت في مظاهرات باريس ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006 والتي دفعت ضريبتها بضياع الفرص والاتفاقات على إنتاج أفلامها التي كانت على خطة عملها كنجمة عالمية فيما تلاها من سنوات وبقيت إلى وقت طويل تحاول استعادة مكانتها من جديد.

من اللافت ذكر دور السينما المستقلة في جذب أنظار محبي وعشاق السينما وصناعها إلى القضية الفلسطينية، والتي غالباً ما جاءت بإنتاجات مشتركة عبر أفلام خدمت القضية وعرفت بها وصنعت وعياً متجدداً لأبناء الجيل الجديد، ولا يخفى الدور المهم الذي قامت به هذه الأفلام في المهرجانات،
وتحدياتها للفكر الصهيوني المعادي، ومن هذه الإنتاجات المشتركة  وغير المشتركة
نذكر: فيلم (لأن الجذور لا تموت) إخراج نبيهة لطفي 1977،
وأفلام المخرج إيليا سليمان، والمخرجة شيرين دعيبس، وفيلم “القضية 23” إخراج زياد دويري 2017،
وفيلم “جنين جنين” للممثل والمخرج محمد البكري 2002،
أيضاً الفيلم المصري “ولاد عم” للمخرج شريف عرفة، والذي لفت انتباه الإسرائيليين أنفسهم.
نذكر أيضاً فيلم “عرس في الجليل” للمخرج ميشيل خليفي 1985،
وفيلم “3000 ليلة” للمخرجة ميساء عبد الهادي 2015،
وفيلم “ملح هذا البحر” – آن ماري جاسر 2008،
وأيضاً فيلم “المتبقي” المنتج في العام 1992 عن رواية الأديب غسان كنفاني والإخراج للإيراني سيف الله داد، وفيلم “200 متر” لأمين نايفة 2020.

فيلم المتبقي
فيلم المتبقي

تبقى عيون الغرب على مسافة من القضية الفلسطينية،
وقد ساهم انتشار مخرجين من أصول فلسطينية في دول الغرب في تبني البعض لمواقف مناهضة للإسرائيليين،
وفي التعريف ببعض الحقائق (وليس كلها)..
وعلى الرغم من ذلك تبقى السينما الوسيلة الأكثر معاصرة في التوثيق والدفاع عن قضيتنا ووجودنا.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة