جوى للانتاج الفني
الرئيسيةنجم وناسأحمد الأحمد : أنا كوميدي في الدراما لا في الحياة

أحمد الأحمد : أنا كوميدي في الدراما لا في الحياة



ما هو الشغف؟ تختلف المعاجم والتفاسير حول تعريف محدد لهذه الكلمة ولكنها تتفق على أنه القوة الداخلية للقيام بنشاط يحرك الحس الإبداعي فتنتج وتقدم وتثير المتعة لدى الجمهور. لعل هذا هو التوصيف الأقرب لنجمنا أحمد الأحمد، الذي حمل شغفه من مدينته حمص إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، مشفوعاً بحلم والده، وليطلق العنان لورشة تطوير مستمرة بداخله قادته لأدوار حفرت في ذاكرة الجمهور والمتابعين طويلاً، وقادته، في مرحلة أخرى، لعالم الجوائز ولجان التحكيم. الشغف ذاته هو أيضاً كان سمة حواره المطول مع “فن وناس”.. رحلة من الطفولة إلى المراهقة وصولاً إلى رأيه في الوسط الدرامي والأعمال المنتجة اليوم.

نجم الغلاف الفنان أحمد الأحمد أهلا بك في مجلتنا.

أهلا بكم

بداية، أنت مقل في ظهورك عبر الإعلام ما السر وراء ذلك؟

في الحقيقة لا يوجد سبب محدد، فهي رغبة أن أكون في عمل فني كممثل أكثر من الحديث عنه، أو بمعنى آخر أحب الفعل أكثر من الحديث عن الفعل.

اليوم هناك ميل في الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقولة “الجمهور عاوز كده”، فما رأيك بذلك؟

أعتقد أن مقولة الجمهور يريد ذلك هي فلسفة منتج, فالمنتج في عصر من العصور ذكر هذه العبارة وحملها للجمهور لكني أراها مغلوطة، فعند الحديث عن المجال الإبداعي والفني تقع على عاتق القائمين والعاملين به مهمة قيادة ذائقة الجمهور لا العكس.
إذ لا يمكن تقدير ذائقة وثقافة الجمهور الذي يفاجئك بالمعرفة وتنوع أذواقه ويفاجئك بكثير من التفاصيل، لذا عليك أن تقدم له المحتوى وهو سيستوعب ذلك. الحقيقة أن له تنوعاً بالأذواق أكثر بكثير مما نتخيل وهو مطلع جيد للغاية.

لو عدنا للماضي، إلى شخصية أحمد الأحمد الطفل والمراهق، هل تجد علامات تفضي لما أنت عليه اليوم؟

فترة ما بعد المراهقة كانت فترة نضوج العقل والادراك، وهنا تصبح الرغبات فكرية أكثر ولكن يمكن أن أجملها بكلمة: الشغف. رغم أننا في تلك الفترة قد نتعرض للضياع، وتكون هناك أسئلة كثيرة تدور في البال.. من نحن؟ وإلى أين ذاهبون؟ وماذا سنفعل بالمستقبل؟ ولكن الشغف أو الرغبة كانت سمة مميزة لتلك المرحلة.

ماهي أبرز سمات مرحلة طفولة ومراهقة أحمد الأحمد إذاً؟

في البداية كانت مرحلة عادية، ولكن في فترة النضج المعرفي كانت لدي رغبة بالقراءة بشكل مبكر.

ماهي اللحظة أو الفترة التي عندها حسمت قرارك بالدخول للمعهد العالي للفنون المسرحية؟

أول مرة سمعت بالمعهد كانت من خلال أخي الأكبر, طالب كلية الفنون الجميلة بدمشق، فتوجهت إليه من حمص، حيث كنت أقيم، ووجدت أن هذا العالم هو مكاني حيث بدأ يتكون لدي أحساس أولي بالإضافة لرغبة والدي (رحمه الله) أن أدخل المعهد العالي.

هل يمكن أن تصف رغبة والدك بدخولك المعهد؟ هل كان لديه حلم أن تكون ممثلاً؟

في الواقع كان لدي رغبة في سؤاله، وربما كان يرى شيئاً لم أكن أراه ونصحني به وكذلك أخي.

إذاً يمكن القول أنك ممتن لوالدك ولأخيك بالنصيحة لدخول المعهد العالي للفنون المسرحية؟

طبعاً

لكن لو لم تكن الممثل أحمد الأحمد ماذا كنت ستصبح؟

موسيقياً

هل سيكون خيارك هنا المعهد العالي للموسيقا؟

نعم، أنا مع الأكاديمية بالدراسة

أي آلة موسيقية تفضلها؟

البيانو، في الحقيقة بغض النظر عن الآلة الموسيقية لكن أجد نفسي قريباً من الموسيقى.

في أيام الدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية كنت تميل لإخراج مشاهد زملائك، كيف تصف تلك المرحلة؟

فترة المعهد وذكرياتها جميلة جداً، كانت فترة تعب وجهد وحالة تكوين وتشاركية بالعمل أكثر منها إخراجاً للمشاهد، أستطيع أن أقول أنها فترة رائعة في حياتي.

لو افترضنا أننا نقوم بإعداد غرفة جلوس مصممة من عجلات السيارات هل يذكرك هذا بفترة معينة؟

نعم، أتذكر رفاقي في أيام الدراسة، كيف كانوا مبتكرين رغم قلة السيولة في تلك الفترة، فكانوا يركبون مقاعد من عجلات السيارات، مع ألواح فوقها وكنت أشاركهم ذلك فتتشكل لدينا جلسة مريحة وعملية ورخيصة في نفس الوقت.

بعد دراستك توجهت لفرنسا لدراسة فن الارتجال، لأي حد شكل هذا إضافة لك ولعملك لاحقاً كممثل؟

هي فترة مهمة جداً في حياة الممثل والدورات عامة مرحلة هامة، سافرنا وقتها إلى فرنسا وتحديداً إلى فرقة مسرح الشمس، وقمنا بورشة عمل في فن الارتجال، دعني أسميه هنا صقل الموهبة، فهو يعرف الممثل بجوانب خفية عنده، وأي ممثل لديه رغبة باستكشاف ما لديه أنصحه بذلك.

الارتجال ندرسه ونمارسه في عدة مواقف فالمشهد التمثيلي قد يكون ارتجالياً وهناك عدة لوحات كوميدية تعتمد على الارتجال، فهو تفجير لحظي يجب أن يكثف الممثل طاقته الإبداعية وذاكرته الانفعالية لخلق لحظة لم يكن يفكر بها من قبل لذلك هي فرصة مهمة لاكتشاف الممثل.

الارتجال موهبة أم هو علم يدرس؟

الموهبة ضرورية ولكن الأهم يأتي بالتعلم، في الحياة أغلب مواقفنا ارتجالية ولكن في التمثيل يمكن وصف ذلك بالذكاء المهني، فهناك مدارس تتحدث عن أهمية الارتجال مقابل مدارس تتحدث عن أن التحضير والبروفات هي الأهم وهي الأساس.

هل تضع لنفسك حداً معيناً أو مساحة في الارتجال، لاسيما في الكوميديا، أم تترك الباب مفتوحاً أمام الأداء؟

في بعض اللوحات الكوميدية، يمكن أن تفعل هذه الخاصية بالأداء وأن تكون مستعداً للحالة الارتجالية، فهي خليط من المزاج والرغبة والضرورة. أو بالعكس، قد تشعر أنك ستثقل على المشهد وتحمله أكثر مما يحتمل إن أطلقت لنفسك مساحة إضافية من الارتجال..
لا ننسى أن الارتجال فن كاشف للممثل أولا، يمكنه من اكتشاف خبايا لم يكن يعرفها، ويحقق عنصرا شديد الأهميةـ ألا وهو الدهشة.
ما ذكرته لا يعني نسف الأهمية البالغة للتحضير للمسبق.

كيف تختار شخصياتك لاسيما أن لها “كاركتر” معين، ولأي مدى تعطيك الشخصية مساحة لتغير ما هو مكتوب لحالة مختلفة؟

العمل الفني طبعاً هو عمل جماعي, وما يخص التغيير فمتفق عليه، فهو بمثابة تقديم مقترح يتم الموافقة عليه والتعايش معه. بالمقابل لدي رغبة في الشخصيات الصعبة، فبعض الشخصيات تقرأها في النص وتراها سهلة، ولكن هناك أدوار تحرض لدي الشغف والرغبة التي أميل لها، فتشكل لدي حالة من الخلق والمتعة لاكتشاف أبعاد الشخصية ومدى التقارب معها دون التفكير بالنتيجة التي تغدو هنا تحصيل حاصل.

ماهي الشخصية الأصعب بالنسبة لك؟

السهل يأتي دوماً من الاستسهال، بمعنى آخر أنا أفترض أن ما أقوم به صعب، وحتى لو قرأت شخصية سهلة . وهنا ثمة مقولة أحبها: يجب أن تتعامل مع المادة الفنية بثقل وتؤديها بخفة، أي أن تؤدي شيئاً عميقاً ولكنه مفهوم للجمهور.
أغلب الشخصيات كانت بسوية متقاربة, فشخصيتي في “الندم” مثلاً كانت مفاهيمها وصعوبة سلوكها توازي الدور في “حرملك”، وكذلك في “الخربة” التي تبدو الشخصية فيها سهلة ولكنها في الواقع معقدة وصعبة، لأنها أخذت كامل الطاقة بالتفكير والبحث في التفاصيل وضبط الانفلات والبحث في العامل الداخلي, وكذلك الأمر في دور “سعيد” في “خريف العشاق” فهي حالة تركيب للشخصية.

بالمقابل هل ثمة عمل تندم على تقديمه؟

بالتأكيد لا يمكن أن تكون راضياً عن كل ما تقدمه، ولا يوجد دور يقدمه الفنان إلا ويعلمه شيئاَ، ولكن لا أحب توصيف أفضل وأسوأ دور فقد أكون قد قدمت دوراً سيئاً ولكن الجمهور وجده الأفضل، فالتمثيل هو حالة تدريب دائمة, ويعلم الممثل بشكل مستمر.

هل توجد شخصية أوصلتك لحالة التماهي أو التقمص؟ وما رأيك بالنجوم الذي يذهبون لهذا المكان بالتمثيل؟

أساس التمثيل هو التقمص، وأن تعيش ما تقوم به، وأي شخصية من المهم أن تعيش حالتها.. وهو مفهوم أبعد من التقمص، ولا درجات في ذلك. فالممثل يتعايش كلياً مع ما يقوم به لدرجة الشعور بالشخصية، والتفكير مثلها لمرحلة الاندماج، على أن يكون بدرجة من الوعي لما يقوم به تفادياً لمرحلة الأذية النفسية.

بين فيديل في “هومي هون” وسمعان في “الخربة”، اذا أردنا المقارنة بين المضامين الخاصة بالمسلسلين فـ “الخربة” أثقل وذو مضامين كبيرة.. هل يكفي أن يكون العمل ممتعاً بالنسبة لك أم أنك تبحث عن المضمون؟

بالطبع كلاهما معاً، الدراما لا يشترط دوماً فيها أن تحمل مضامين عالية ورسائل عميقة، فهناك أشكال من المتعة والتسلية، يمكن تقديمها ولكن المهم هو إنجازها بشغف وحرفية، فمثلاً لا يمكن تنفيذ العمل الكوميدي كيفما اتفق أو (كيف ما كان).

يقول البعض إن أحمد الأحمد خلق ليكون ممثلاً كوميديا من طراز رفيع، وإن كل ما يفعله بعيداً عن الكوميديا هو نوع من معاندة قدره.. هل يزعجك ذلك؟

بالتأكيد لا، أنا لا أفرق بين الدراما والكوميديا، والمطلوب التعامل معهما بنفس الشغف وبنفس درجة الصعوبة، ومن المهم أن يحمل الممثل مسؤوليته أمام الشخصية التي يؤديها، ولكن المشكلة الأهم هو التعاطي المؤسسي مع الأنواع الدرامية، فيتم التعامل مع العمل الكوميدي بخفة، مما سيحدث هروباً ونفوراً لأي ممثل إلى مكان يقدر ما يقوم به وأقصد الدراما، حيث يتم إيلاء الاهتمام بالعمل وبالممثل.

بالحديث عن الكوميديا، لا يمكن إغفال تجربة “بقعة ضوء”، وبين تميز الأجزاء الأولى وتردي اللاحقة هل تجد أن أزمة ما تصيب الكوميديا في سوريا؟

لا أتحدث هنا عن “بقعة ضوء” تحديداً، فهو عمل استمر لمرحلة طويلة، فلا يمكن الحديث عن المسلسل في سنة 2005 مثلاً بنفس حديثنا عنه في 2015 وهو ما ينسحب على كل الدراما، الحديث هنا عن حالة الإنتاج المتأثرة بالمناخ والوسط العام السوري، فلا يمكن محاكمة عمل متعدد الأجزاء، بل يجب محاكمة الظرف العام وكيفية التجدد بالإنتاج والكتابة وكل نواحي العمل وهي حركة مستمرة تتفاوت بين زمن وآخر.

هل “بقعة ضوء” محرقة شخصيات أم منجم للشخصيات؟

هناك مصطلحات لا أعرف من يقولها ولكنها لا توصف الواقع، كالمحرقة مثلاً، فعندما يقدم الممثل الدور أو المشهد يترك لديه أثرا معينا، وأي فنان يجب أن يستغل ما يقدمه ويجيره لصالحه ويتعلم منه، وهناك ميزة في “كاركترات” الكوميديا تحديداً، فهي فرصة ليجرب الممثل ويتعايش مع عدة أنماط وشخصيات. والأهم أن يبقى الممثل دائم التطور وعندما يفقد حالة التطور سيفقد الشغف وهنا مقتل الممثل.

هل تشعر أن لدى المنتجين قلقاً من الكوميديا باعتبار أن ميل الجمهور يتجه نحو القصص الدرامية والرومانسية؟

الموضوع أعمق هنا، الكوميديا عاشت عصوراً ذهبية عربياً وعالمياً، ولكنها تتأثر بظرف المجتمع وتذهب مع مزاج السوق وليس لأن الجمهور يريد نمطاً معيناً، بالنتيجة العقل الإنتاجي عقل ربحي، والكوميديا تحتاج لإعادة قراءة إنتاجية.

قدمت مشروعاً يدعى “فيوتشر ستار” لتدريس التمثيل.. وهنالك مآخذ عديدة اليوم على هذه الدورات حتى أنه على سبيل الفكاهة يقال عنها “تعلم التمثيل بخمسة أيام”.. برأيك ماذا تقدم هذه الدورات وما هي إيجابياتها وسلبياتها؟

عالمياً هناك معاهد تعد نسخاً مصغرة عن الأكاديميات, وتقدم دورات، دعنا نقل أنها محو الأمية في التمثيل. نعم سبق أن جربنا في هذا المجال من أجل إعطاء فرصة للمواهب التي لم تستطع الالتحاق بالأكاديميات لأسباب عدة، وبحيث يمكن الإضاءة على مواهب كثيرة عند أشخاص لديهم الشغف والرغبة.
أنا مع هذه المعاهد، فالأكاديميات حتى لو كانت كافية علمياً فهي لا تستوعب الجميع، واليوم مع التوسع الدرامي والانتاجي تزيد أهميتها، ولكن المهم هنا هو من يدير هذه المؤسسات، إذ يجب أن يكون مسؤولاً عما يفعل، وإلا فثمة مشكلة هنا. فمثلاً سمعت عن أشخاص يعلمون التمثيل ولا صلة لهم بهذا المجال وليسوا أكاديميين بالطبع.
وما تقوله عن “تعلم التمثيل في خمسة أيام” بات حقيقة، فهناك طلاب يأتون ليوم أو اثنين ثم يقولون أنهم خضعوا لدورات تمثيل، على الرغم من أن الدورات هي مرحلة متتابعة متتالية وهناك بالفعل من أثبت نفسه خلالها وعمل وبات فاعلاً في مجال التمثيل.

ولكن الدورات هذه عالية الكلفة بحيث يبدو الهدف منها مادياً.

أي عمل بالنهاية بحاجة لأن يقدم بضمير، والعمل في المجال الثقافي والفني ليس ربحياً ولكن هناك من يستثمر لتحقيق ربح مادي. وبالمقابل من يريد التعلم عند المختصين، فمن المؤكد أنه قد خصص وقتاً وجهداً وجزءاً من المال للتعلم والتعليم ليس مجانياً طبعاً.

في تجربتنا السابقة اعتمدنا رسوما رمزية، وكانت لأهداف نبيلة، وقد أغلقنا المشروع من أجل متابعته بشكل صحيح إدارياً وتعليمياً، لكني لم أستطع أن أوفق بين عملي وهذه التجربة، وعندما أخبرت شركائي بالانسحاب كان قرارهم أيضاً الانسحاب. مع أن التجربة كانت تضم الموسيقا والتمثيل والرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي، وكنا سباقين لتقديم شيء مميز للأطفال. في النتيجة كنت فخوراً بتجربتنا، ويمكن تكرارها لو كانت الشروط مناسبة، ففي النهاية هي أمانة تتعلق بحلم المتقدم ورغبته.

أنت خريج المعهد العالي للفنون المسرحية.. ما هو سبب قلة أعمالك المسرحية؟

عندما يوجد نجاح وكم درامي، ستجد الجميع في الدراما.. هذا مؤكد، أما في المسرح فأنت تتحدث هنا عن حركة ثقافية، حركة مجتمع، حتى عالمياً.. لا يمكنك أن تقارن مسرح التسعينات، عالمياً، بمسرح الآن من حيث الكم أو النوعية.
أجل يوجد تقصير على الصعيد الفردي ونتحمل المسؤولية بالطبع.. لكن هناك أيضاً حركة مجتمع متكاملة ونحن جزء من الحركة الثقافية في هذا المجتمع.

ما رأيك بالمسارح التجارية (مثل “مسرح مصر” للفنان أشرف عبد الباقي) التي لاقت إقبالاً كبيراً، وخرّجت نجوماً مهمين.. لماذا لا نرى مثل هذه التجارب في سورية؟

يجب أن تتحقق الحركة المجتمعية الثقافية، بالإضافة لضرورة تواجد الإرادة والرغبة لدينا لصناعة هكذا مشاريع، ولنكن شفافين وصريحين بهذا الموضوع.. في مصر يحققون هذه النجاحات لأنهم يجربون دائماً، ونحن في سورية للأسف لا نعمل.

أيضاً أعمالك السينمائية قليلة.. ما السبب وراء ذلك؟

السينما، كإنتاج، تختلف مع اختلاف الزمن، حسب ظرف البلد، الظرف الاقتصادي والثقافي، وأنا مع فكرة تواجد الكم الذي يفرز النوع بالسينما، ويجب أيضاً أن نتعامل مع مؤسسة السينما بمعزل عن أي شيء آخر.

حصلت على جائزتين في الدورة الـ ٣٧ لمهرجان الإسكندرية عن شخصيتك بفيلم “الظهر إلى الجدار”. كيف تصف هذه التجربة؟

هذه التجربة فريدة والنص كتب بشغف، والمخرج أوس محمد شغوف جداً ولديه رغبة وحماس كبيران، ويوجد تشابه بيني وبينه من حيث تحمل المسؤولية، وأي فنان يجب أن يكون مسؤولاً.
ولم أكن لأحصل على الجائزتين لولا العمل الجماعي، والمفارقة أن حصول ممثل على جائزتين عن نفس الدور هو أمر يحصل لأول مرة بتاريخ مهرجان الاسكندرية، وبالطبع تسبب لي بفرحة كبيرة جداً.

كنت أيضاً عضو لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي.. هل شعرت بأي حرج لعدم فوز أي فيلم روائي طويل سوري؟

القصة ليست قصة حرج، توجد لجان ويحصل أن تُعرض أفلام ولا تنال جوائز، والموضوع ليس فيه أي حرج أو عيب. بالعكس عدم وجود جائزة في هذه الدورة من المهرجان يدفعنا لنفكر بالحصول على جائزة السنة المقبلة.

تُشبه بالممثل العالمي برودي هل يزعجك هذا الموضوع؟

ليس لدي مشكلة في موضوع التشابه أبداً لأنه عندما تشبه بشخص معين، فإما لشكله أو لأسلوبه أو لأفكاره، ولا أتخيل وجود سقف للتشبه بمهنتنا تحديداً، مهنتنا فيها تنافسية إبداعية، ويجب تواجد رغبة بالاكتشاف وكسر الحدود، ورغبة بفتح أبواب يجهلها الشخص نفسه.
وأطرح على نفسي تساؤلاً: لو أني في مكان آخر على هذا الكوكب ألا يمكن أن أكون شخصاً أفضل؟ لكن أنا أعرف نفسي في المكان الذي أتواجد فيه الآن، وأني يجب أن أكون نبيلاً تجاه ما أقدمه، لأن لدي إيماناً أن هذا النبل سيرتد لي.

أشاد النقاد بأدائك الأول في الدراما المصرية، في مسلسل “العائدون”. تبدو وكأنك أوليت هذا الدور عناية خاصة.. لماذا؟

نعم كان هنالك اهتمام خاص بهذا العمل، عملت بطاقة وشغف عليه، لكن لا يمكنني القول أنه أكثر أو أقل أعمالي، لأن كل أعمالي بالنسبة لي في مستوى واحد من ناحية التعاطي معها.
لكني كنت قلقاً بسبب دخولي لأول مرة للدراما المصرية، وأنه لا يوجد بديل للنجاح.. يجب أن أنجح، وكما ذكرت سابقاً: أي شيء يتم العمل عليه بصدق ونبل غالباً ما تكون نتيجته مضمونة، بالإضافة لأني عملت مع شركاء مهمين وهم أصحاب خبرة وأساتذة مبدعون، وهذا ما يجعل النتائج مضمونة.

يُنتقد عادة الممثلون السوريون عندما يعملون في مصر ويتكلمون باللهجة المصرية عند إجراء اللقاءات الصحفية معهم.. ما رأيك بهذه الحالة؟

من الطبيعي اذا كنت في مكان ما والكم الأكبر من الموجودين فيه يتحدثون لهجة معينة،
أن تحاول الحديث مثلهم،
وهذا ليس معيباً أبداً وليس لدي أي مشكله بخصوص هذا الموضوع،
يعني بنهاية الأمر هل اذا تحدث الممثل باللهجة المصرية تجرد من سوريته
أو إذا تحدث باللهجة السورية تجرد من مصريته؟!.

برأيك ما هي الفوارق الفنية والتقنية بين الدراما المصرية والدراما السورية؟

الدراما المصرية مبينة على أسس متينة وقوية، مصر تاريخ ثقافي ودرامي،
وأنا لا أجد فوارق بين الدراما المصرية والسورية من ناحية العمل،
الفوارق في كيفية التعاطي والبذخ الإنتاجي والسوق، لأن السوق الفنية في مصر أوسع وأكبر،
أما في سورية فالدراما بنيت على أساس قوي ومتين حتى ولو حصلت بعض الكبوات،
إلا أن الدراما هنا ستعود لمكانها الطبيعي،
ومن المهم التفكير من جديد بالتسويق للعمل الفني وعندها سيزيد الطلب على المنتج الخاص بنا.
بالنتيجة لا يمكننا رؤية الدراما المصرية أو السورية بمعزل عن الزمن لأننا نظلمها اذا فعلنا ذلك.

السمة التي تطلق على الدراما السورية أنها دراما بيئة، وتُنتقد لذلك أحياناً. ما السبب برأيك؟

أنا أطلق على جميع الأنواع والتصنيفات المتنوعة الخاصة بالدراما، سواء الكوميدية أو التاريخية أو دراما البيئة الشامية وغيرها،
تسمية دراما سورية محلية، وأنا لست ضد هذا التنوع أبداً، لأن الدراما لا تقتصر على دراما المضمون فقط.
لكني أعتقد أن خيار البيئة الشامية تحديداً فيه شيء من الخيال وجزء منه لا يمت للواقع بصلة،
على عكس الأقسام الأخرى.

هل ينطبق كلامك هذا على مسلسل “الخربة” كونه يحمل إسقاطات عديدة ومضامين كبيرة؟ هل يسعفنا الواقع بنماذج لسكان يتحدثون هكذا؟

لا ليس شرطاً أن نشاهد هذا الكلام في الواقع، دعني أقول إن الفن ليس هو الواقع، ولا يجوز أن يكون الفن،
هو مرآة الواقع، لأن الدراما إذا كانت هي الواقع،
أعتقد أن الناس لن تشاهدها،
لأن واقع الإنسان مليء بالتناقضات وبالتالي ستكون الأعمال إما قاسية جداً أو مثالية بشكل كبير،
حتى في البيئة الشامية أو مسلسل “الخربة” ممكن أن تكون بعض تفاصيله موجودة بالواقع،
لكن الكم الأكبر يكون إما رمزيا يشير لشيء ما، أو هو تسليط ضوء على فكرة معينة.

هل يمكننا أن نصنف مسلسل “الحرملك” كعمل بيئة شامية أم له تصنيف آخر برأيك؟

تواجد الاحتلال العثماني في أعمال البيئة الشامية، وتواجد بالحرملك أيضاً،
لذلك إذا أردنا الحديث عن الموضوع زمنياً فهو متقارب، ولكن لكل منهما رؤية خاصة،
ومن هنا أقول أنه يجب علينا تعلم رؤية الأشياء بعيداً عن أنها الواقع،
يجب أن نراها من مبدأ آخر ومعيار آخر،
نرى كيف صنعت وما هو المغزى منها وما هي الحكمة والرسالة التي تقدمها هذه الأعمال،
وهذا يوصلنا لأنه لا يجوز أن نشاهد الأعمال بمعزل عن مادتها الفنية.

إذا أتيح لنا الاطلاع على خطتك للسنوات الخمسة المقبلة، هل سنعثر على رغبة بالجلوس على كرسي البطل المطلق؟

أنا شاركت كبطل مطلق في بعض الأعمال وبأدوار بطولة في أعمال أخرى، أيضاً يمكنني القول بأن الاهتمام والاعتناء الذي يعطى للأدوار الرئيسة في الأعمال أكبر بكثير من القدر الذي يعطى للأدوار الثانوية،
وهذا الكلام موجه إلى بعض الكتاب،
وتوجد نقطة مهمة جداً وهي أن الجمهور أو العاملين بالمهنة يحاسبون الممثل بناءً على ماهية الشخصية التي يقدمها، أي إذا كانت الشخصية غير مهمة فيصبح الممثل غير مهم.

ما هي الشخصية التاريخية التي تود أن تؤديها في عمل سيرة ذاتية؟

يوجد في التاريخ العديد من الشخصيات الهامة، والحقيقة ليس لدي شخصية بحد ذاتها، ولكن بالنسبة لي أهم شيء أن أعرف كيف صنعت وكتبت هذه الشخصية،
والمغري بالأمر هو البحث عما يمكنك تقديمه بهذه الشخصية.

إذا عرض عليك دور بطولة مطلقة في أحد الأعمال المعربة أو المشتركة هل ستوافق؟

أنا ليس لدي أي مشكلة مع الأنواع الدرامية الموجودة حالياً والتي يوجد لها متابعون،
أنا مع إعطاء أهمية للمحتوى بأي عمل نصنعه،
أي أن نقوم بتعميق ما نصنع من أجل تقديم حافز كبير لمن يعمل بهذا المشروع وللجمهور من أجل أن يشاهد مادة دسمة، أما بالنسبة للأعمال العربية المشتركة فهي موجودة ومشاهدة.

وبالنسبة للأعمال المعربة المستنسخة من أعمال تركية؟

لا أعلم لأي درجة هذه الأعمال مستنسخة، لكن أنا مع الاقتباس لأن الأفكار على قارعة الطريق،
وحتى إذا أعدت صناعة عمل مقدم سابقاً،
المهم معرفة كيف عملت عليه وماذا أضفت وما هو المحتوى الذي تريد إيصاله من هذا الاقتباس أو هذه الإعادة،
ومن المهم أن لا يصنع أي عمل باستسهال،
يعني إذا كان العمل منسوخاً يجب علي وضعه في قالب مناسب لمجتمعنا.

يقال إنك تسوق لنفسك كشخصية جادة في الأماكن التي تتواجد فيها وإنك لا تظهر الجانب الكوميدي الموجود في شخصيتك؟

أن لا أرى أن لدي الوقت الكافي لتصنع أي شيء،
أنا أتعاطى مع الأمور على طبيعتي، وأبحث عن الأمور الأقرب لقلبي،
وأفعل الأشياء الأكثر راحة لي، نعم أنا أعمل في الكوميديا،
لكن هذا لا يعني أنني في الحياة شخص كوميدي، الموضوع متعلق بالمزاجية وطريق فهم الأشياء بشكل عام.

لماذا تميزت ثنائيتك مع الفنان محمد حداقي في العديد من الأعمال؟

الأمر الذي جعل ثنائيتي مميزة مع محمد حداقي أننا قمنا بالفعل بتجريب العمل سوياً،
لذلك وجدنا فرصة لاكتشاف هذه الثنائية،
بالإضافة لأن محمد فنان موهوب ومتجاوب وخلاق ولديه خيال مميز وذهنه حاضر دوماً،
وكان من الممتع بالنسبة لي العمل معه وتحقيق نتائج مهمة معاً.

عودة إلى علاقتك بالإعلام، السوشال ميديا تحديداً هذه المرة، ما السبب في أن تفاعلك في مواقع التواصل الاجتماعي يبدو قليلاً؟

مع بداية الثورة الرقمية, وظهور مواقع التواصل الاجتماعي كنت من المبادرين للتفاعل معها،
أذكر أن أصدقاء لي في فرنسا، وكنا نتواصل عبر البريد الالكتروني،
قد أخبروني عن الفيسبوك وإمكانية التواصل عبره، فتفاعلت مع الموقع الجديد يومها،
وحتى عام 2013 كنت قد انضممت لانستغرام وتفاعلت معه،
ولكن بعد مدة شعرت أن وسائل التواصل الاجتماعي مازالت حديثة،
وهي كالثورة الرقمية بحاجة لوقت كي تضبط، وكذلك بحاجة لقوانين معينة ففضلت الابتعاد عنها،
وأن أكون بمكان منضبط أكثر. بالمجمل،
يمكنني القول أنني أتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي ولكن باقتضاب وبما هو ضروري،
واهتم بكيفية ظهوري فيها من خلال المحتوى الذي أقدمه.

لكل عصر ثمة معطيات معينة، وأحدها في عصرنا هو مواقع التواصل الاجتماعي والتي مكنت الفنان من التواصل مع جمهوره،
فكيف يتواصل أحمد الأحمد مع الجمهور اليوم؟

أتواصل من خلال العمل الذي أقدمه،
وبالتأكيد هناك حالة تواصل ويمكن مشاركة لحظات حياتية تتعلق بأماكن تواجد الفنان أو سفره أو كواليس أعماله،
ولكن ليس هذا هو المهم بل الأهم التواصل من خلال ما يقدمه الفنان.
قد أكون متعصباً لرأيي لأن لدي تجربة في هذا الإطار،
فكنت متفاعلاً جيداً مع “السوشال ميديا” حتى سنة 2016 ووجدت أنها قد تنفع الكثير من الناس،
ولكنها ليست ضرورية بالنسبة لي والتواصل مع الجمهور بالنسبة لي هو من خلال المحتوى لذا لا أشعر أنه يجب أن أكون بمكان غير وسط التمثيل.

تقول أن “السوشال ميديا” تفتقد لقواعد فماهي هذه القواعد بتقديرك؟ وهل تقصد منع أفراد من الظهور مثلاً؟

لا، لست ضد حرية التعبير، ولكن هذه الوسائط بحاجة للوقت كي تنضج،
فانظر مثلاً للشارع ستجده أكثر انضباطاً من مواقع التواصل، فله قانون معين عكس هذه الوسائل مع الإشارة لعدة قوانين بدأت تظهر على طريقة استخدامها.
ففي المحصلة من يقدم المحتوى يجب أن يكون مسؤولاً عما ينشره ولاسيما في مجال الاختصاصات,
أنا مع أن يعرف كل فرد عن هويته ومخزونه الثقافي، فثمة معلومات طبية وفلسفية وغيرها تتطلب أن يعرف صاحبها عن ذاته دون أن يعني ذلك أنني أتهم كل وسائل التواصل بعدم النضج،
فهناك جهات وأفراد تقدم محتوى رائعاً، ولكن المطلوب هو تنظيم هذا العالم وليس حذفه أو إلغاءه.

ما هي التجربة الحياتية أو الفنية التي يود الفنان أحمد الأحمد خوضها ولم يتسن له ذلك سابقاً؟

أحب أن أجرب الإخراج السينمائي، لدي الرغبة منذ فترة ليست طويلة، وسوف أسعى لهذه التجربة إذا تحقق الشرط المناسب،
والموضوع ليس مجرد شعور لحظي ويذهب في حال سبيله، أنا صبور..
وسأراقب باهتمام هذه الرغبة لأرى إلى أي درجة ستتعمق وعندها سأقوم بالتفكير في الخطوات التالية.

هل لدى الفنان أحمد الأحمد أحلام لم يحققها بعد؟

على الصعيد الشخصي ليس لدي هاجس التفكير بهذا الموضوع، أما على الصعيد المهني،
أحلم أن اقوم بلعب الدور الذي لا أعرفه أنا حتى..

هذه إجابة واسعة تشمل جميع الأدوار..

هي إجابة لنفسي، دائماً لدي رغبة بمهنتي ولا أحب أن أتوقف أو ينتهي شغفي،
ويجب أن أشعر دائماً أنني غير مكتف،
وأني لم أصل ولم أشبع شغفي، وأتمنى أيضاً أن أفاجئ نفسي على صعيد النوع وعلى صعيد ما أقوم به.

مقالات ذات صلة

- Advertisment -

الأكثر شهرة